پیوست شماره١: استعمال لفظ مشترک در اکثر از معنای واحد در کلام متاخرین
١.جواز
در میان قائلین به جواز کسانی هستند که استحاله عقلی را منکرند اما این مطلب را خلاف استعمالات عرفی می دانند.
علمای اعلام و مراجع عظام، حضرات آیات:
ملامهدی نراقی:
فصل [7] المشترك: لفظ وضع لمعان متعدّدة
، و لا شبهة في وقوعه، كالقرء للطهر و الحيض، و العين لمعانيها المعروفة، و وقع في القرآن أيضا ك ثَلاثَةَ قُرُوءٍ[1] و عَسْعَسَ ك «أقبل» و «أدبر»[2].
و خلاف جماعة في الموضعين[3] شاذّ؛ و دليلهم غير ملتفت إليه.
ثمّ إنّ القوم اختلفوا في جواز استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد و عدمه. فجوّزه بعض مطلقا[4]. و منعه بعض آخر كذلك[5]. و ذهب بعض إلى المنع في المفرد و الجواز في التثنية و الجمع[6]. و بعض آخر إلى الجواز في النفي دون الإثبات[7].
ثمّ المانعون اتّفقوا على أنّه عند عدم القرينة لا يحمل على شيء من معانيه، بل يجب التوقّف حينئذ؛ لكونه مجملا.
و المجوّزون بين قائل بأنّه إذا عدم القرينة يجب التوقّف، و عند وجودها يحمل على ما يدلّ عليه القرينة، لكن إن دلّت القرينة على واحد يكون الاستعمال فيه حقيقة، و إن دلّت على متعدّد يكون الاستعمال فيه مجازا.
و قائل بأن المشترك عند عدم القرينة ظاهر في جميع معانيه، فيجب الحمل عليه.
و قائل بأنّه عند عدم القرينة مجمل يجب فيه التوقّف، و عند القرينة يحمل على ما يقتضيه القرينة، و يكون الاستعمال حقيقة و إن كان ما يدلّ عليه القرينة متعدّدا[8].و هذا هو الحقّ،[9] [10]
سید ابراهیم قزوینی
ثم الأصل على قول السلطان و ما تلاه هو الجواز لوجود المقتضى و فقد المانع و كذا على الأقوال الآخر إن اكتفينا بنوع العلاقة لا نقل الآحاد او الدّوران مدار الاستقراء ثم انهم ذكروا فى المقام ادلّة لترجيح اقوال المسألة و لا استبعد الجواز المطلق حقيقة لعدم الاستنكاف العرفى لكنه استعمال مرجوح لا يصار اليه الا بقرينة[11]
شیخ عبدالکریم حائری یزدی
و منها: أنه اختلف في جواز استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد، بان يراد كل واحد مستقلا كما اذا استعمل فيه وحده على اقوال لا يهمنا ذكرها بعد ما تطلع على ما هو الحق في هذا الباب.
و الحق الجواز، بل لعله يعد في بعض الاوقات من محسنات الكلام، لان ما وضع له اللفظ هو ذوات المعاني باوضاع عديدة، و ليس في كل وضع تقييد المعنى بكونه مع قيد الوحدة بالوجدان، و لا يكون منع من جهة الواضع ايضا، ضرورة ان كل احد لو راجع نفسه حين كونه واضعا للفظ زيد بازاء ولده ليس مانعا من استعمال ذلك اللفظ في غيره، و لا يتصور مانع عقلى في المقام، فالمجوز للاستعمال موجود، و هو الوضع، و ليس هناك ما يقبل المنع.[12]
میرزای شعرانی
و أقول: المحال هو تبادل المعنيين فى الإرادة على ما بيّنا بأن يريد هذا المعنى لا غير تارة، و ذاك لا غير تارة، و اما إرادة المجموع فليس بمحال، و إنا إذا رجعنا إلى وجداننا لا نجد محالا فى أن يريد بلفظ معنيين، و إنما المحال و التناقض فى أن يريد هذا بالخصوص و لا يريد غيره، و مع ذلك يريد غيره و لا يريد هذا. و كأن القائلين بالمحالية توهموا أنه لا يمكن إرادة المعنى من اللفظ إلا مع قيد الوحدة، و كون المعنى بشرط لا عن الغير كما يشهد به عباراتهم. و فيه ما فيه. و إذا تبين أن المسألة لغوية لا عقلية وجب البحث فيه من جهة اخرى، و هو أنه هل استعمل العرب الفصحاء لفظا مشتركا فى معنيين، فإن تتبعنا و وجدناهم استعملوا ذلك جوزناه، و إن لم نجدهم استعملوا قط حكمنا بعدم جوازه، لأن اللغة حقيقتها و مجازها توقيفية، و وجود هذا الاستعمال فى غير لغة العرب لا يدل على جوازه فيها. و إن وجدنا لفظا اريد به معنيان، و لكن شككنا أنه من عموم الاشتراك أو الاستعمال فى معنيين و لم يقم قرينة على أحدهما و لم يحكم الذوق السليم بأن أحدهما مراد من اللفظ توقفنا فى الحكم بالجواز و عدمه.[13]
قد مر منا أن هذا بحث لغوى يجب المراجعة فيه إلى أهل اللسان، و لا يكفى فيه إثبات الإمكان، بل لا بد للمجوز من الاستدلال بالوقوع. و تمسك به البيضاوى فى المنهاج[14] و غيره فى غيره. و أما المانع فيكفيه عدم العثور على الاستعمال بعد التتبع البليغ.[15]...
و أقول هذا أمر موكول إلى الذوق و الوجدان و الحدس الصحيح، و الاحتجاج بطريق أهل الجدل فيه عسر جدا. و قد ذكرنا فيما مضى أن المتواطى كثيرا ما يشتبه بالمشترك، و ذكرنا أمثلة هناك و التمييز يحتاج إلى لطف قريحة، ففى كل مورد استعمل فيه اللفظ فى معنيين يمكن إبداء احتمال استعماله فى معنى شامل أو تقدير تكرير اللفظ، لكن الوجدان فى كثير من الموارد يشهد بأن اللافظ ما أراد المعنيين إلا مع الخصوصية لا باعتبار معنى واحد عام، و الذى يقوى فى نفسى أن شهادة مثل ابن الحاجب و السكاكى و الشافعى و الباقلانى و البيضاوى و غيرهم من جهابذة الأدب و أئمة العربية كافية فى هذه المسألة اللغوية، و كذلك السيد المرتضى و الشيخ الطوسى و العلامة من الأعلام فى الأدب و الشريعة، و العارفين بمجارى الكلام العرب، فإن هؤلاء عدّوا كثيرا من الأمثلة من استعمال اللفظ المشترك فيه معانيه، لأنهم تبين عندهم كون اللفظ مشتركا لفظيا اريد منه المعنيان من حيث الخصوصية، كما صرح البيضاوى فى الصلاة من اللّه و من الملائكة إنهما معنيان اريد كل واحد بالخصوص لا باعتبار معنى عام واحد يشملها، و الحاكم فى هذا هو الوجدان. و قال البيضاوى[16] لو كان استعمال الصلاة هاهنا بمعنى واحد لجاز أن ينسب ما يفهم من صلاة اللّه إلى الملائكة و بالعكس، و الوجدان يحكم بأنا لا ننسب ما نفهمه من صلاة اللّه فى الآية الشريفة إلى الملائكة. نقلنا كلامه بالمعنى و على من ينظر فى هذه المسألة أن يحقق ما ذكرناه سابقا فى اشتباه المتواطى بالمشترك خصوصا مثال الخمرى الذى نقلناه من العلامة رحمه اللّه، حتى يعرف أن وجود المعنى الجامع بين معنيين لا يكفى فى الحكم بكون اللفظ مشتركا معنويا بينهما أو إرادة المعنى الجامع من اللفظ، بل العبرة بتبادر المفهوم الجامع من اللفظ دون الخصوصية التى فى أحد المعنيين.[17]
سید حسین بروجردی
و أمّا في مقام الإثبات و الاستظهار فمعلوم أنّه بعد فرض إمكان الاستعمال عقلا في أكثر من معنى واحد و بعد فرض جوازه لغة بمعنى عدم لزوم الغلط و بعد فرض كونه على نحو الحقيقة لا المجاز فلا بدّ و أن يحمل على تمام معانيه بعد فرض عدم وجود قرينة معيّنة في المقام حتّى يتعيّن به خصوص معنى واحد من بين المعاني كقول القائل: جئني بعين و لم يكن هناك قرينة معيّنة في البين فيحمل على كلّ ما وضع له لفظ العين من العين الجارية و الباكية و غيرهما من المعاني الحقيقيّة.
و هذا نظير عمومات البيع الّتي يستفاد منها العموم أو الإطلاق بعد عدم وجود قرينة في البين فيستفاد منها حكم جميع أقسام البيوع و أنواعها مع فرق أنّ البيع استعمل في معنى واحد على سبيل العموم الاستغراقيّ و العين استعمل في المعاني الكثيرة لا على هذا الوجه بل استعمل في كلّ واحد من المعاني كلّ على نحو التّفصيل و الاستقلال.[18]
شیخ مرتضی حائری
في بيان أنّ الحقّ عدم استحالة استعمال اللفظ في أكثر من معنىً واحد عقلًا، لعدم وجه للامتناع إلّا ما نبيّنه بحدوده و جهاته و نبيّن ما فيه إنشاء اللَّه تعالى[19]
سید روح الله خمینی
الأمر الثالث عشر في استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد
التحقيق: جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد[20]
سید ابوالقاسم خوئی
اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد بان يراد كل واحد مستقلا كما اذا استعمل اللفظ فيه وحده علي اقوال.
منها الجواز مطلقا أمّا علي نحو الحقيقة أو المجاز.
و منها المنع كذلك أمّا علي نحو الحقيقة أو مطلقا.
و منها التفصيل بين الفرد و بين التثنية و الجمع بالجواز علي نحو المجاز في الاول و علي نحو الحقيقة في الأخيرين.
تحقيق
و الحق الجواز مطلقا علي نحو الحقيقة، لان اللفظ موضوع لذات المعنى من دون اعتبار قيد الوحدة في الموضوع له بالوجدان، و كون الوضع في حال وحدة المعنى لو كان مسلما لا يقتضى عدم الجواز بعد ما لم تكن الوحدة قيدا في الموضوع له[21]
سید محمد باقر صدر:
الجهة الثالثة: بعد الفراغ عن عدم الامتناع يتكلم عن صحة استعمال اللفظ المفرد في أكثر من معنى على وجه الحقيقة و عدمها، فقد يقال: ان في الاستعمال المذكور إخلالا بقيد الوحدة المأخوذ في مقام الوضع[22]
ثم إن ما ذكرناه انما نقصد به نفي خروج الاستعمال في أكثر من معنى عن قانون الوضع، و لكنا نسلم في الوقت نفسه بأنه خلاف القانون العرفي للمحاورة، و بمعنى انه على خلاف الظهور العرفي، و لهذا لا يبني العقلاء على التمسك بأصالة الحقيقة لإثبات استعمال المشترك في كلا معنييه. و نكتة ذلك ظهور حال المتكلم في التطابق و علاقة واحد بواحد بين عالم اللفظ و الإثبات و عالم المقصود و المراد، فان مقتضى التطابق أن يكون بإزاء كل جزء من الكلام جزء من المعنى لا جزءان.[23]
سید مصطفی خمینی
إذا عرفت ذلك فاعلم: أنّ في المسألة أقوالاً:
فمنهم: من جوّز عقلاً و عرفاً[24].
و منهم: من منع مطلقاً[25].
و منهم: من جوّز عقلاً، و منع عرفاً[26].
و الّذي هو التحقيق: جوازه عقلاً، و ممنوعيّته عرفاً، إلاّ مع الشواهد، كما في كلمات البلغاء و الفصحاء، و أمّا في الكتاب و السنّة فإنّه بعيد؛ لأنّه أقرب إلى الأُحجِيّة من الجدّ، ضرورة لزوم خلوّ القوانين الموضوعة للإرشاد من تلك الكلمات و الاستعمالات؛ حسب الذوق السليم، و الارتكاز المستقيم.[27]
میرزا هاشم آملی
و لكن يرد عليهم اولا ان استعمال اللفظ فى المعنيين او اكثر جائز كما اثبتناه فى محله[28]
و هذان معنيان للشك و اليقين و لا يمكن استعمال اللفظ الواحد فيهما لاحتياج المعنيين إلى لحاظين و إلى استعمالين فلا بد ان ينطبق الدليل على أحدهما و هو الاستصحاب فقط لأن مورد الروايات هو الشك في البقاء لا في الحدوث و يمكن الجواب عن هذا الاستدلال بان للنفس عرض عريض فيكون له لحاظ امرين متضادين في آن واحد غاية الأمر لا بد ان يبرز اللحاظ المتعدد بدال متعدد.
و قال الآغا رضا الأصفهاني قده ان من إعجاز القرآن استعمال اللفظ في الأكثر من معنى واحد فانه جائز و لكن الإشكال في المقام هو عدم وجود دال آخر في الروايات ليفهم منه قاعدة اليقين بل موردها الاستصحاب فقط.[29]
شیخ محمد علی اراکی
هل استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى واحد جائز أولا؟ لا إشكال في أنّ المقتضي للجواز و هو الوضع موجود، و كذا في أنّ المانع الوضعي مفقود؛ إذ التقييد بالوحدة خلاف الواقع قطعا، و كون المعنى في حال صدور الوضع واحدا ليس إلّا ككونه في هذا الحال مصادفا لطيران غراب و نحوه، فلا يكون له دخل في الموضوع له إلّا بالتقييد.
و أمّا المانع العقلي فقد ادّعى في الكفاية وجوده ببيان أنّ الاستعمال ليس إلّا إفناء اللفظ في المعنى كأنّه الملغى، و لا يمكن في حال الالتفات إلى معنى أن يلتفت إلى غيره، نعم يمكن بالتفات آخر، لكنّ المستعمل فيه حينئذ هو الأوّل، و كذا يمكن بالالتفات إلى الجامع أو المجموع، لكن ليس هذا من الاستعمال في معنيين، بل في معنى واحد، و الحاصل أنّ الاثنين مع محفوظيّة تعدّدهما لا يمكن النظر إليها بنظر واحد.
أقول: لا إشكال أنّ موضوع الحكم في العام الاستغراقي و الموضوع له في الوضع العام و الموضوع له الخاصّ إنّما هما كلّ واحد واحد من الأفراد بانفرادها، و هذا لا يمكن إلّا بإلغاء جهة الوحدة، و هي هيئة إحاطة المعنى الملحوظ بالجميع و رفع اليد عن الجامع و جعله صرف العبرة و الآلة و المرآة للحاظ الأفراد، حتى يكون الملحوظ في الحقيقة هي نفس الأفراد مع محفوظيّة تعدّدها، بمعنى أن يكون كلّ واحد موضوعا مستقلا لحكم مستقلّ، أو موضوعا له للفظ بوضع مستقلّ من دون أن يرتبط باتّصاف بعضها بكونه موضوعا للحكم أو موضوعا له باتّصاف الآخر بذلك؛ ضرورة أنّ مفهوم الكلّ المضاف إلى مفهوم الواحد و مفهوم أنّ المقيّد بمفهوم العلماء- مثلا- لا يصدقان على شيء من الآحاد.
فإذا كان هذا المقدار من اللحاظ كافيا في موضوع الحكم، و الموضوع له كان كافيا في المستعمل فيه أيضا قطعا، فأىّ مانع من أن يتصوّر المتكلّم بلفظ العين معنى محيطا بجميع معانيه و يجعله آلة للحاظها، و يرفع اليد عن هيئة احاطته بها حتّى يكون الملحوظ كلّ واحد من المعاني منفردا على سبيل الإجمال، فيكون كلّ منها مستعملا فيه اللفظ مستقلا، من دون أن يرتبط وصف كون بعضها مستعملا فيه بوصف كون البعض الآخر كذلك.[30]
میرزا جواد تبریزی
و المتحصّل أنّه لا محذور في استعمال اللفظ و إرادة معان متعدّدة منه في استعمال واحد و جعله علامة لإرادة كلّ منها بنحو الاستقلال، إلّا أنّه على خلاف الاستعمالات المتعارفة فلا يحمل كلام المتكلّم عليه إلّا مع القرينة عليه.[31]
معصومی شاهرودی:
فتحصّل من مجموع ما بيّناه في المقام أنّ استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد جائز و لا مانع منه من الأصل و الأساس. نعم، هو مخالف للظهور العرفي، فلا يمكن حمل اللفظ عليه بلا إتيان قرينة معيّنة.[32]
شیخ محمد فاضل لنکرانی
فلا يكون استعمال لفظ واحد في أكثر من معنى واحد مستحيلا في مقام الثبوت.
و إذا فرغنا من مرحلة الامكان تصل النوبة إلى المرحلة الثانية و هي مرحلة ترخيص الواضع و عدمه، بمعنى أنّ هذا الاستعمال الممكن جائز عنده أم لا، غاية ما ثبت لنا في هذه المرحلة أنّ الواضع مع التوجّه و الالتفات وضع لفظ العين- مثلا- لمعان متعدّدة بأوضاع متعدّدة، و لا نعرف منه تعهّدا و شرطا بأن يقول: هذا الوضع مشروط بعدم استعمال المستعمل في أكثر من معنى واحد حين الاستعمال، بل يقتضي نفس وضع اللفظ لمعان متعدّدة استعماله في أكثر من معنى واحد، مع انّا لا نرى في كتب أهل اللغة و كتب التاريخ من الشرط المذكور أثرا و لا خبرا.
فلا يجري كلامه قدّس سرّه في هذا النوع من المشترك اللفظي، فلم نجد في هذه المرحلة دليلا على عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد، مع أنّا نرى في كلمات الادباء و الشعراء استعماله كذلك، و لا يمكن الالتزام بأن يكون استعمالهم غير جائز.[33]
صالحی مازندرانی
إذا عرفت ذلك، فنقول: الحقّ جواز الاستعمال عقلا، و كذا لغة و وضعا، بمعنى: عدم كون الاستعمال المفروض غلطا حسب الوضع اللّغوي و موازين المحاورة العربيّة.
و يظهر وجه ذلك ممّا نذكره في ردّ ما استدلّ على القول بالامتناع عقلا و لغة.[34]
شیخ جعفر سبحانی
إلى هنا تبيّن أنّه لا دليل على امتناع الاستعمال، لكن يقع الكلام في وجود المانع من جانب الواضع و عدمه، فلو كان هناك مانع فإنّما هو من ناحية الوضع.
المانع من جهة الوضع
ذهب المحقّق القمي إلى أنّ المانع هناك وضعي لا عقلي و هو أنّ الواضع وضع اللفظ للمعنى في حال الوحدة فلا يجوز استعمال المفرد في غير حال الانفراد لا حقيقة و لا مجازاً، أمّا الأوّل فواضح، و أمّا الثاني فلانّه لم تثبت الرخصة في هذا النوع من الاستعمال.[35] يلاحظ عليه: أنّ اللفظ و إن وضع للمعنى حال الوحدة لكن القيد) حال الوحدة (ليس قيداً للموضوع له و لا قيداً للوضع فلا يكون مانعاً من الاستعمال.
فإن قلت: إنّ الوحدة و إن لم تكن قيداً لواحد منهما لكن الوضع لم يتحقّق إلّا في هذه الحالة فكيف يستعمل في غيرها؟
قلت: إنّ الضيق الذاتي إنّما يكون مانعاً إذا كان الاستعمال بملاك وضع واحد، و أمّا إذا استعمله بملاك وضعين فلا يكون مثله مانعاً عن الاستعمال.
و الحاصل: أنّ كون المعنى موضوعاً له في حال الوحدة لا يكون مانعاً من استعماله في أكثر من معنى واحد و إلّا يرجع إلى كونه قيداً لأحدهما و المفروض عدمه.
ثمّ أدلّ دليل على إمكانه هو وقوعه، فقد قام أحد المعنيين بالأدب العربي[36] بجمع شواهد على تحقّق استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى، و نحن نقتصر على شيء قليل.[37]
شیخ ناصر مکارم شیرازی:
الأقوال في مسألة استعمال المشترك في أكثر من معنى
و الأقوال فيها كثيرة يمكن جمعها في ثلاثة:
الأوّل: الجواز مطلقاً، الثاني: الاستحالة مطلقاً، الثالث: التفصيل تارةً بين المفرد و التثنية و الجمع، و اخرى بين النفي و الإثبات.
و قد ذهب كثير من الأعاظم إلى الاستحالة عقلًا، بل هو المشهور بين المتأخّرين مثل المحقّق الخراساني و المحقّق النائيني رحمهما الله و غيرهما، و ذهب إلى الجواز في التهذيب و المحاضرات و هو المحقّق المختار.[38]
سید علی حسینی میلانی:
هل المراد- كما ذكر المحقق الخراساني- أن يستعمل اللّفظ في كلٍّ من المعاني، كما لو كان- أي كلّ واحدٍ منها- هو وحده المستعمل فيه فقط ...
فهل هذا الاستعمال- أي: إعمال جميع مقوّمات الاستعمال حالكون المعنى واحداً في مورد تعدّد المعنى- ممكن أو غير ممكن؟
و الكلام في جهتين:
الاولى: هل يمكن عقلًا أو لا؟
و الثانية: هل يمكن عقلاءً أو لا؟
الجهة الاولى
فيها ثلاثة أقوال:
الأوّل: الاستحالة، و إليه ذهب المحققون: الخراساني و الميرزا و الأصفهاني و العراقي.
و الثاني: الجواز، و هو مختار شيخنا الاستاذ دام بقاه.
و الثالث: التفصيل بين المفرد فلا يمكن، و بين التثنية و الجمع فممكن.
و لعلّ هذا القول يرجع إلى الجهة الثانية.[39]
...
فالحق
جواز استعمال اللّفظ في أكثر من معنى عقلًا.
هذا تمام الكلام في الجهة الاولى.
الجهة الثانية
و بعد الفراغ عن جهة الثبوت، تصل النوبة إلى جهة الإثبات و الظهور العرفي.
و الحق: إن استعمال اللّفظ الواحد في أكثر من معنى خلاف الأصل العقلائي، و إطلاق اللّفظ الواحد و إرادة المعاني المتعددة منه بدون نصب قرينةٍ، شيء غير متعارف عند أهل المحاورة، فإنهم لا يقصدون ذلك حتى في الألفاظ المشتركة، بل لا بدّ من نصب قرينة[40]
سید صادق روحانی
فتحصل انه لا دليل على الاستحالة.[41]
سید محسن خرازی
الأمر الثاني عشر: في استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد
الحقّ هو إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد لضعف ما قيل أو يقال في امتناعه و يقع الكلام هنا في مقامات:
فتحصّل أنّه لا مانع عقلا و نقلا عن جواز الاستعمال في أكثر من معنى واحد.[42]
موسوی جزائری
هذا تمام الكلام في الجهة الاولى أعني إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى و امتناعه.
و أمّا الجهة الثانية: أعني قابلية الكلام لظهوره في ذلك على تقدير الإمكان.
فلا ريب في أنّ إرادة المعاني المتعدّدة من اللّفظ الواحد الموضوع للجميع على سبيل الاشتراك، خلاف الظاهر قطعا، لا يحمل عليه الكلام على القول بإمكانه،
إلّا مع القرينة القطعيّة المقتضية لها، و أمّا الجمع بين المعنى الحقيقي و المجازي، فأمره أوضح؛ لأنّ الحمل على المجاز استقلالا أو ضمنيّا مدفوع بأصالة عدم التجوّز، و لا ريب في أنّ المجاز خلاف الأصل، فلا يصار إليه إلّا بالقرينة القطعيّة.
و بالجملة المفاهمات و المحاورات العرفيّة تجعل كلّ لفظ في مقام الاستعمال قالبا لمعنى واحد بلا فرق بين أن يكون المعنيين حقيقيين أو مجازيين أو مختلفين.[43]
[1] ( 3). البقرة( ۲): ۲۲۸.
[2] ( 4). المصباح المنير: 409،« ع س س». و الآية في سورة التكوير( ۸۱): ۱۷.
[3] ( 5). نسبه الآمدي في الإحكام في أصول الأحكام 1: 42، و ابن الحاجب إلى المحقّقين في منتهى الوصول: ۱۸.
[4] ( 1). قاله السيّد المرتضى في الذريعة إلى أصول الشريعة 1: 17، و ابن الحاجب في منتهى الوصول: 18، و نسبه الأسنوي إلى الشافعي في التمهيد: ۱۷۶.
[5] ( 2). منهم الفخر الرازي في المحصول 1: ۲۷۱.
[6] ( 3). منهم البصري في المعتمد في أصول الفقه 1: ۳۰۴.
[7] ( 4). نسبه الأنصاري إلى ابن همام في فواتح الرحموت المطبوع مع المستصفى ۱: ۲۰۱.
[8] ( 5). راجع التمهيد للإسنوي: ۱۷۷.
[9] نراقى، محمد مهدى بن ابىذر، انيس المجتهدين في علم الأصول - قم، چاپ: اول، ۱۳۸۸ ش.
[10] انيس المجتهدين في علم الأصول ؛ ج1 ؛ ص۴۴-۴۵
[11] نتائج الأفكار ؛ متن ؛ ص۳۳
[12] دررالفوائد ( طبع جديد ) ؛ ص۵۵
[13] المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه ؛ المتن ؛ ص۱۰۳-۱۰۴
[14] ( 1)- منهاج الاصول، ص 15، فى الفصل الخامس فى الاشتراك.
[15] شعرانى، ابوالحسن، المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه - قم، چاپ: اول، ۱۳۷۳ ش.
[16] ( 1)- فى المنهاج، ص ۱۵.
[17] المدخل إلى عذب المنهل في أصول الفقه ؛ المتن ؛ ص۱۰۷-۱۰۹
[18] الحجة في الفقه ؛ ص۷۳
[19] مبانى الأحكام في أصول شرائع الإسلام ؛ ج1 ؛ ص۱۱۸
[20] تهذيب الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۳۱
[21] المحاضرات ( مباحث اصول الفقه ) ؛ ج1 ؛ ص۹۶
[22] بحوث في علم الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۵۴
[23] صدر، محمد باقر، بحوث في علم الأصول - قم، چاپ: سوم، ۱۴۱۷ ق.
[24] ( ۶)- درر الفوائد، المحقّق الحائري: ۵۵، نهاية الأُصول: 61، مناهج الوصول 1: ۱۸۶.
[25] (۷)- كفاية الأُصول: 53، أجود التقريرات 1: ۵۱.
[26] ( ۸)- بدائع الأفكار، المحقّق الرشتي: 163- السطر 21- 25، محاضرات في أُصول الفقه 1: ۲۱۰.
[27] تحريرات في الأصول ؛ ج1 ؛ ص۲۹۲-۲۹۳
[28] تحرير الأصول ؛ ص۲۰۹
[29] مجمع الأفكار و مطرح الأنظار ؛ ج4 ؛ ص۲۰۰
[30] أصول الفقه ؛ ج1 ؛ ص۵۹-۶۰
[31] دروس في مسائل علم الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۸۰
[32] دراسات الأصول في اصول الفقه ؛ ص۴۶۴
[33] دراسات في الأصول ؛ ج1 ؛ ص۲۸۹
[34] مفتاح الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۸۸
[35] ( 1)- قوانين الأُصول: 63/ 1، طبعة تبريز عام ۱۳۱۵ ه.
[36] ( 2)- المحقّق أبو المجد الشيخ محمد رضا الاصفهاني في كتاب» وقاية الأذهان«.
[37] إرشاد العقول الى مباحث الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۹۰
[38] مكارم شيرازى، ناصر، انوار الأصول - قم، چاپ: دوم، ۱۴۲۸ ق.
[39] تحقيق الأصول ؛ ج1 ؛ ص۳۱۳-۳۱۴
[40] تحقيق الأصول ؛ ج1 ؛ ص۳۲۰
[41] زبدة الأصول ؛ ج1 ؛ ص۲۳۲
[42] عمدة الأصول ؛ ج1 ؛ ص۴۷۰-۴۷۱
[43] غاية المسؤول في علم الاصول ؛ ص۱۵۱
٢.منع
فاضل اردکانی:
و بالجملة الحق عدم الجواز مطلقا[1]
شیخ انصاری
استعمال اللفظ فى معنيين مجازيين و اكثر غير جائز كاستعماله فى معنيين حقيقيين، و حقيقى و مجازى، سواء كان المجازان لحقيقة واحدة كالشجاع و الابخر للاسد[2] ام لحقيقتين كالنحاس و الرصاص للعين بمعنى الذهب و الفضّة، سواء كانت المناسبة فى المعنيين من نوع واحد من العلائق او من نوعين، لا لما ذكروه من اعتبار «وحدة»[3] المراد فى الموضوع له بالوضع المجازى، كاخذها فى الموضوع له بالوضع الحقيقى.[4]
سید ابوالحسن اصفهانی
و إنّما الكلام في إمكانه عقلا، و الحقّ عدم الإمكان، و ذلك لما عرفت من أنّ محلّ النزاع في الجواز و عدم الجواز هو استعمال اللفظ الواحد في أكثر من معنى واحد و إرادتهما منه على نحو إرادتهما من لفظين، فكما أن كلّ واحد من المعنيين مراد بالإرادة التفصيليّة فيما إذا اريدا من لفظين، فلا بدّ أن يكون كلّ واحد منهما- أيضا- مرادا بالإرادة التفصيليّة عند إرادتهما من لفظ واحد، و لا ريب أنّه لا يمكن ذلك في استعمال واحد، لأنّ اللفظ واحد و الاستعمال واحد و الإرادة الاستعمالية واحدة، فكيف يمكن أن يراد من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد الذي تعلّقت إرادة واحدة تفصيليّة استعمالية به معنيان بإرادتين تفصيليتين؟
و الحال أنّ إرادة اللفظ إذا كانت إرادة واحدة تفصيليّة لا بدّ أن تكون إرادة المعنى أيضا كذلك لأنّها تابعة لها بل عينها، لأنّ الاستعمال عبارة عن إرادة المعنى من لفظ و القائه بقالبه، فالإرادة المتعلّقة بالمعنى لا بدّ أن تكون على نحو الإرادة المتعلقة باللفظ، فإذا كانت الإرادة المتعلّقة باللفظ إرادة واحدة تفصيلية فلا بدّ أن تكون الإرادة المتعلقة بالمعنى أيضا إرادة واحدة تفصيليّة، لما عرفت من التبعيّة بل العينيّة، فلا يمكن إرادة معنيين من اللفظ الواحد في الاستعمال الواحد بإرادتين تفصيليّتين، لأنّ الإرادة الاستعماليّة المتعلّقة باللفظ إرادة واحدة تفصيليّة.[5]
میرزای نائینی
«الأمر السابع» الحق امتناع استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد على نحو الاستقلال بحيث يكون الإطلاق الواحد استعمالين حكماً بل حقيقة و ان كان ذات المستعمل واحدة فان الاستعمال كما عرفت سابقا ليس إلّا إيجاد المعنى في الخارج و إلقائه في العين و الملحوظ أولا و بالذات هو المعنى و اللفظ ملحوظ بتبعه فلازم الاستعمال في المعنيين تعلق اللحاظ الاستعمالي في آن واحد بمعنيين و لازمه الجمع بين اللحاظين في آن واحد و هو ممتنع [1][6] عقلا (و لا فرق) فيما ذكرنا (بين) الاستعمال في المعنيين الحقيقيّين
أو المجازيين أو معنى مجازي و حقيقي (و لا بين) المفرد و غيره (و لا بين) النفي و الإثبات لأن الملاك في المنع هو لزوم المحال و هو في الجميع موجود (نعم) إذا كان المستعمل فيه مجموع المعنيين أو الجامع بينهما لكان جائزاً و ان كان الاستعمال مجازيا[7]
میرزا محمد باقر کمره ای
و الحاصل ان استعمال اللفظ فى اكثر من معنى واحد جائز عقلا غير جائز وضعا بمعنى خروجه عن قانون الوضع و لذا لم يقع فى كلام البلغاء.[8]
شیخ محمدرضا مظفر:
استعمال اللفظ في أكثر من معنى
و لا شكّ في جواز استعمال اللفظ المشترك في أحد معانيه بمعونة القرينة المعيّنة، و على تقدير عدم القرينة يكون اللفظ مجملا لا دلالة له على أحد معانيه.
كما لا شبهة في جواز استعماله في مجموع معانيه بما هو مجموع المعاني، غاية الأمر يكون هذا الاستعمال مجازا يحتاج إلى القرينة؛ لأنّه استعمال للّفظ في غير ما وضع له.
و إنّما وقع البحث و الخلاف في جواز إرادة أكثر من معنى واحد من المشترك في استعمال واحد، على أن يكون كلّ من المعاني مرادا من اللفظ على حدة، و كأنّ اللفظ قد جعل للدلالة عليه وحده.
و للعلماء في ذلك أقوال و تفصيلات كثيرة لا يهمّنا الآن التعرّض لها (1). و إنّما الحقّ عندنا عدم جواز مثل هذا الاستعمال.[9]
سید علی نقی حیدری
أما إطلاق اللفظ على أكثر من معنى في استعمال واحد فالظاهر عدم جوازه لأن ذلك راجع إلى أهل اللسان و لم نرهم استعملوا ذلك و لم يثبت في الكتاب و السنة استعماله. و ما يتوهم منه ذلك كقوله تعالى أَ لَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ وَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ وَ النُّجُومُ وَ الْجِبالُ وَ الشَّجَرُ وَ الدَّوَابُّ وَ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ فمحمول على إرادة معنى عام للسجود و هو الخضوع إلى غير ذلك. و على كل فالتعمق في مثل هذه المسألة قليل الجدوى لأنه لم تحمل آيات الأحكام و أخبارها على أكثر من معنى بلا إشكال. و أما استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي و المجازي معا فمثل ذلك أيضا لأن الكلام في جوازه عند أهل اللسان و لما لم نظفر باستعمال لهم على هذا النحو علمنا أنه غير جائز عندهم. و أما ما يظهر من حجج بعض المجوزين و المانعين من إرجاع النزاع إلى أمور عقلية فليس من شأن الأصولي ذلك في مثل هذه المسألة الراجعة إلى الاستعمال اللفظي عند أهل المحاورات و لو لا ذلك فلا يمنع العقل من استعمال المشترك في معانيه جمعاء لأن لفظ المشترك وضع لكل معنى من معانيه بوضع مستقل لا بشرط شيء من وحدة و غيرها و ربما كان الواضع متعددا و معنى استعمال اللفظ في معناه هو إخطار المتكلم للمعنى المقصود له حين النطق باللفظ الموضوع لذلك المعنى فأي استحالة في إخطار المتكلم لمعنيين مثلا حين التلفظ بلفظ المشترك الموضوع لهما كما نرى إمكان ذلك بديهيا من أنفسنا و لم يكن ظاهرا مراد الأوائل الذين حرروا موضع النزاع في هذه المسألة إلا ذلك و أما تطوير الكلام فوق هذا فهو خروج عن موضع النزاع كما أن تصوير الاستحالة فيه شبهة في مقابل البديهة و كذلك الكلام حول استعمال اللفظ في المعنى الحقيقي و المجازي معا[10]
سید علی بهبهانی
استعمال اللفظ في أكثر من معنى
إنّ الحق في هذه المسألة يتبين من مطاوي كلماتنا السالفة. و هو انّه لا يجوز ذلك بل لا مجال له ...و من هنا يتبين انّ ما في الرواية الشريفة (انّ الاسم ما أنبأ عن المسمى) من جملة أسراره و نكاته هو استحالة هذا النحو من الاستعمال.[11]
مکی عاملی
استعمال اللفظ المشترك في أكثر من معنى
هذه المسألة قد اكثر الاصوليون من الكلام فيها نفيا و اثباتا و تفصيلا[12] و ما ذكروه فيها و ان كان مباحث علمية جيدة إلّا ان المهم من محل البحث فيها صورة واحدة، و هي ان استعمال اللفظ المشترك في اكثر من معنى على ان يكون كل واحد من المعاني ملحوظا مستقلا كأن اللفظ لم يستعمل الا فيه، هل هو جائز عقلا او ممتنع؟ و الصحيح عدم جواز هذا الاستعمال و بيان ذلك: ان استعمال اللفظ في المعنى هو ايجاده باللفظ لانه آلة ايجاده الحاكية عنه، فالمعنى هو الملحوظ في الاستعمال مستقلا و آلة ايجاده ملحوظة تبعا له فاللفظ بما هو آلة ايجاد المعنى و القائه يكون وجوده وجودا للمعنى في الخارج كأنه اوجده بنفسه، و بما هو وجه للمعنى و حاك عنه يكون فانيا في المعنى كأن الموجود ليس شيئا غير المعنى و يكون لحاظه تبعا للحاظ المعنى، لان لحاظه في مقام الاستعمال و الافهام لا بد منه، فلا بد من لحاظ لفظه تبعا للحاظه ليوجده و يلقيه به الى المخاطب[13]
فیض الاسلام اصفهانی:
ثم ان؛ القائلين بالوقوع قد اختلفوا في جواز استعمال اللفظ في اكثر من معنى واحد من معاني المشترك في اطلاق واحد على اقوال؛ فمنهم؛ من منعه مطلقا؛ و منهم؛ من جوزه مطلقا؛ و منهم؛ من منعه فى المفرد و جوزه في التثنية و الجمع؛ و منهم؛ من منعه في الاثبات و جوزه في النفى و لكن الحق هو الاول لا لدعوى الاستحالة بتقريب ان استعمال اللفظ في المعنى ليس جعله علامة له حتى يمكن جعل شيء واحد علامة لأشياء متعددة بل جعله فانيا فيه فناء الوجه في ذى الوجه و لا يمكن ان يكون الشيء الواحد فانيا فى الاثنين إلّا ان يكون اللاحظ احول العينين كما فى الكفاية و منشأ هذا التوهم ما يرى غالبا ان المتكلم يغفل عن الفاظه و لا ينظر اليها استقلالا و دفع هذا الوهم ان هذه الغفلة و الفناء في الفاظ شايعة و ليس الفناء ماخوذا في الاستعمال أ لا ترى التخلف في الفاظ غريبة في اول استعمال كما في استعمال قعضم في الضعيف بل المنع لعدم مساعدة العرف! و لان! قيد الوحدة انما كان معتبرا في الوضع لان بالالفاظ انما وضعت لمعانيها على ان يراد منها تلك المعانى على سبيل الانفراد بان لا يراد من لفظ واحد الا معنى واحدا لان المتبادر من وضع اللفظ للمعنى هو تعيين اللفظ بازائه بان يكون ذلك المعني تمام المراد و المقصود من اللفظ لا ان يكون المقصود[14]
مجتهد تبریزی
فصل اختلفوا فى جواز استعمال اللّفظ فى اكثر من معنى و جعلوه مسائل ثلث استعماله فى المعنيين الحقيقيّين و فى المعنيين المجازيّين و فى الحقيقى و المجازى و منشأ ذلك توهّم انّ الجواز و عدمه تابع لحال الوضع و الموضوع له و عمّموا الوضع التّرخيصىّ الّذى زعموا وجوده فى المجاز فالاستعمال تارة يكون باعتبار الوضع الحقيقى و اخرى باعتبار التّرخيصى المجازىّ و ثالثة باعتبارهما بحسب المعنيين فهذه مسائل ثلث و لهم فيها اقوال الجواز و عدمه و التّفصيل بين المفرد و المثنّى و الجمع فالجواز فى الأخيرين دون الأوّل لتعدّدهما فى التّقدير و بين الأثبات و النّفى فالجواز فى الأخير لما ذكر حيث افاد العموم و القائلون بالجواز اختلفوا فى الحقيقيّين انّ الاستعمال على وجه الحقيقة فيهما او المجاز و فى الملفّق من الحقيقىّ و المجازىّ انّه على وجه المجاز فيهما او الحقيقة و المجاز بالاعتبارين و الحقّ عدم الجواز فى جميع الصّور[15]
سید محمد روحانی
و نتيجة ما ذكرناه: انّ البناء على إمكان استعمال اللفظ في أكثر من معنى و امتناعه يبتني على تحقيق انّ الاستعمال هل هو جعل اللفظ علامة للمعنى أو جعله فانيا فيه؟، فيجوز الاستعمال في أكثر من معنى على الأول لعدم المحذور فيه كما قدمنا، و يمتنع على الثاني لمحذور اجتماع اللحاظين في آن واحد. و بما ان صاحب الكفاية اختار الثاني بنى على الامتناع عقلا. كما انه قد تقدم منّا في أوائل مبحث الوضع ان الاستعمال جعل اللفظ طريقا و فانيا في المعنى، فالمتعين الالتزام بامتناع الاستعمال في أكثر من معنى عقلا و لا يفرق في ذلك بين المفرد و غيره و المعنى الحقيقي و المجازي لسريان المحذور في جميع صور الاستعمال بلا فرق.[16]
سید حسن بجنوردی
فالحقّ: عدم جواز استعمال اللفظ في أكثر من معنى واحد مطلقا في جميع الشقوق.[17]
مومن قمی
و المراد به: أن يراد كلّ واحد مستقلا، كما اذا لم يستعمل إلّا فيه، فكان هذا مرادا من اللفظ مستقلا و بنفسه، و ذاك كذلك أيضا، لا أن يراد منه معنى واحدا قد اشتمل على جزءين؛ كالدار تنحلّ الى بيوت و جدران و غيرها.
و الأقوال فيه منعا و جوازا مختلفة؛ و الحقّ المنع عنه مطلقا عقلا كما هو مختار الكفاية، لا لأنّ اللفظ بتمامه وجود لفظيّ لكلّ معنى يراد منه مستقلا، فاذا اريد به معنى فليس لنا بعده شيء ليكون وجودا لفظيا لمعنى آخر[18]، فإنّ كون اللفظ وجودا اعتباريا للمعنى أمر شعريّ لا يقبله العرف، و لا ينظر اليه استعمالاته.
و لا لأنّ الاستعمال حيث كان محتاجا الى لحاظ المعنى المستعمل فيه فإرادة معنيين مستقلا تستلزم لحاظهما معا و هو غير ممكن عقلا[19]، فإنّ الجمع بين امور متعدّدة للنفس في آن واحد أمر ممكن واقع كثيرا، كما في الحكم على موضوع القضية بمحمولها لا سيما اذا كان له متعلقات كثيرة؛ فإنّه يتوقف على التفات النفس الى الموضوع و المحمول بما لهما من الملابسات في آن الحكم كما هو واضح.
بل لما أفاده في الكفاية؛ و حاصله: أنّ الاستعمال عند العرف إلقاء المعاني بالألفاظ بحيث لا يرى الألفاظ إلّا فانية في معناها، فاذا ألقى بجميع لفظ معنى فليس هنا شيء يلقى به معنى آخر.[20]
بشیر نجفی
الرابعة: أن يستعمل اللفظ مرّة واحدة و يراد به كلّ واحد من المعنيين على انفراده، كما إذا استعمل اللفظ في كلّ واحد من المعاني باستعمال مستقلّ، و كان كلّ واحد منها مرادا، كذلك يريد المتكلّم كلّ واحد من المعاني و لكن لا يستعمل اللفظ المشترك إلّا مرّة واحدة.
و هذا النحو من الاستعمال وقع فيه النزاع، و طال النقض و الإبرام حوله عند الأصوليين، كما ستعرفه في محلّه إن شاء اللّه. و الصحيح أنّه لا يجوز مثل هذا الاستعمال.[21]
[1] حسينى شهرستانى، محمد حسين، غاية المسؤول في علم الاُصول - قم، چاپ: اول، -.
[2] ( 1)- الابخر هو الذى كرهت ريح فمه، و البخر كراهة ريح الفم و يقال الابخر للاسد لكراهة ريح فمه.
[3] ( 2)- من اعتبر« الوحدة» فى وضع اللفظ هو صاحب المعالم و ردّ عليه الشيخ الاعظم كما ترى و كذلك بعده صاحب الكفاية فى الامر الثانى عشر من مقدمة الكتاب و اتعب نفسه( ره) فيما هو توهم صرف فراجع.
[4] الفوائد الأصولية ؛ ص۱۳۶
[5] وسيلة الوصول الى حقائق الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۲۸
[6] [1] لا استحالة في الجمع بين اللحاظين بل هو واقع كثيراً نعم يستحيل الجمع بين اللحاظين على ملحوظ واحد لكن استعمال اللفظ الواحد في معنيين لا يستلزمه بعد ما عرفت من ان...
[7] أجود التقريرات ؛ ج1 ؛ ص۵۱-۵۲
[8] أاصول الفوائد الغروية في مسائل علم أصول الفقه الاسلامى، ج۱، ص: ۵۳
[9] مظفر، محمد رضا، أصول الفقه ( با تعليقه زارعى ) - قم، چاپ: پنجم، ۱۳۸۷ ش.
[10] اصول الاستنباط ؛ ص۶۸-۶۹
[11] بدائع الأصول ؛ ص۶۴-۶۵
[12] ( 2) راجع كلامهم فيها في( الفصول) و( المعالم) و غيرهما من الكتب.
[13] قواعد استنباط الأحكام ؛ ص۷۵-۷۶
[14] الإفاضات الغروية في الأصول الفقهية ؛ ص۱۵
[15] المقالات الغرية في تحقيق المباحث الأصولية ؛ ص۳۰۹
[16] منتقى الأصول ؛ ج1 ؛ ص۳۱۳
[17] منتهى الأصول ( طبع جديد ) ؛ ج1 ؛ ص۱۱۶
[18] ( 1) كما في نهاية الدراية: ج 1 ص 88- 89. ط المطبعة العلمية.
[19] ( 2) لاحظ أجود التقريرات: ج 1 ص ۵۱.
[20] تسديد الأصول ؛ ج1 ؛ ص۷۷-۷۸
[21] مرقاة الأصول بحوث تمهيدية في أصول الفقه، ص: ۴۹