دو) دیدگاه‌های سید در زمینه علوم قرآنی

الف) ثبوت قرآن به تواتر

 [ثبوت الشريعة و القرآن بالتواتر]

قال صاحب الكتاب: «و اعلم ان امثال هذه الشبهة  لا يجوز أن يكون مبتداها إلّا من ملحد طاعن في الدين لأنّها إذا صحّت وجب بطلان النبوّة و الامامة لانا إنّما نعلم بالتواتر كون النبي صلّى اللّه عليه و آله و سلّم و كون القرآن و وقوع التحدّي به، و انّه لم يقع من جهتهم معارضة، و به نعلم ثبوت الشرائع  و نسخ المنسوخ منها، و به نعلم أنّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم خاتم النبيّين، و ان شريعته ثابتة، و أنّه لا نبيّ معه و لا بعده [إلى غير ذلك‏]  فالطاعن في التواتر يريد التشكيك في جميع ما قدمناه ممّا بابطاله أو بابطال بعضه يبطل الدين، فكيف يعلم مع فساد التواتر القرآن و تميزه من غيره حتى يكون حجّة؟ و هذا القول أدّاهم إلى جواز الزيادة في القرآن و انها قد كتمت[1]، ...» 

يقال له: أما التواتر فقد بيّنا أنّا لا نطعن عليه و لا نقدح فيه، بل هو عندنا من حجج اللّه تعالى على عباده، و أحد الطرق إلى العلم، فمن ظنّ علينا خلاف هذا، أو رمانا بابطاله فهو مبطل سرف  و الذي نذهب إليه من جواز الكتمان و العدول عن النقل على الناقلين لا يقتضي ابطال التواتر، و ترك العمل عليه إذا ورد على شرائطه، لأنّه إنما يكون حجّة إذا قام الرواة بأدائه و نقله، فأمّا إذا لم يفعلوا ذلك فقد سقطت الحجّة به، و جميع ما ذكره و جعل التواتر طريقا إليه من العلم بكون النبيّ و القرآن و وقوع التحدّي صحيح، و ليس بحجّة علينا، بل على من طعن على التواتر، و ذهب إلى أنّه ليس بطريق إلى العلم.

فأمّا عدم المعارضة و ادّعاؤه أنّ الطريق إلى فقدها  هو التواتر و ادخاله ذلك في جملة ما تقدم فطريف، لأنّ مثل هذا لا يعلم بالتواتر و لا يصح النقل فيه، و انّما يعلم فقد المعارضة من حيث علمنا توفر دواعي المخالفين إلى نقلها، و حرصهم على ذكرها و الاشارة بها، لو كانت موجودة، فاذا فقدنا الرواية لها مع قوّة الدواعي و شدّة البواعث قطعنا على نفيها.

و أمّا ثبوت الشرائع، و الناسخ و المنسوخ، و ما جرى مجراهما فنعلم من جهة التواتر ما وردت به الرواية المتواترة، و نعلم أنّ جميع الشرع و اصل إلينا من جهته و انه لم ينكتم عنّا منه شي‏ء بالطريق الذي قدّمناه، و هو أن الامام المعصوم إذا كان موجودا في كلّ زمان و جرى في الشريعة ما قدرناه وجب عليه الظهور و البيان، و إيصال المكلّفين إلى العلم بما طواه‏ الناقلون، فنعلم بفقد تنبيهه على الخلل الواقع في الشريعة عدم ذلك.

فأمّا القول بأنّ في القرآن زيادة كتمت و لم تنقل فلم يتعدّ الذاهبون إليه ما تناصرت به الروايات و اجمع عليه الرواة من نقل آي و ألفاظ كثيرة شهد جماعة من الصحابة أنّها كانت تقرأ في جملة القرآن و هي غير موجودة فيما تضمّنه مصحفنا[2] و الحال فيما روي من ذلك ظاهرة ، و ليس المعقول فيما جرى مجرى النقل على من ليس من أهله ممّن يدفع باقتراح كلّ ما ثلم اعتقادا له أو خالف مذهبا يذهب إليه، و ليس يلزم لأجل هذا التجويز ما لا يزال يقوله لنا مخالفونا من الزامهم التجويز، لأن يكون في جملة ما لم‏ يتصل بنا من القرآن فرائض و سنن و احكام لأنا نأمن ذلك بالوجه الذي ذكرناه و عولنا عليه بالثقة بوصول جميع الشرع إلينا، و ليس الملحد المشكّك في الدّين من لم يجعل الامّة المختلفة المتضاربة  التي يجوز عليها الخطأ و الضّلال حجّة في حفظ الشرع و قصر حفظه على معصوم كامل لا يجوز عليه شي‏ء ممّا عددناه، بل الملحد المشكّك في الدين الناطق بلسان أعدائه و خصومه هو من ذهب إلى أنّ الشرع محفوظ بمن وصفنا حاله، لأنّ الناظر المتأمل إذا فكر فيمن جعله هؤلاء القوم حجّة في الشرع حافظا له، و رأى ما هم عليه من جواز الخطأ، و الاعراض عن النقل، و الميل إلى الهوى و أسبابه كان هذا له طريقا مهيعا الى الشّك في الدين، و ارتفاع الثقة بالشريعة، إن لم يوفقه اللّه تعالى لاصابة الحقّ، و يلهمه ما ذهبنا إليه من أن الحافظ للشرع و الحجّة فيه هو المعصوم الخارج عن صفات الأمّة[3].

 و ممّا اعتمد في العلم بالتّحدّي:أنّ القرآن قد صحّ نقله بالتّواتر الّذي صحّ به أمثاله[4].

الابداع غیر جائز

و في قوله: ربنا اغفر لي و لوالدي[5] وجهان:

أحدهما: أن عند الشيعة الإمامية أن الاب الكافر الذي وعده إبراهيم عليه السلام بالاستغفار لما وعده ذلك بالإيمان، إنما كان جده لأمه، و لم يكن والده على الحقيقة، و أن والده كان مؤمنا. و يجوز أن يكون الأم أيضا مؤمنة كوالده، و يجعل دعاء إبراهيم عليه السلام لها بالمغفرة دليلا على إيمانها.

و الوجه الاحسن: أنا لا نجعل ذلك دعاء لنفسه، بل تعليما لنا كيف ندعوا لنفوسنا و للوالدين المؤمنين منا، كما تعبد الله نبينا صلى الله عليه و اله و سلم بأن يقول: ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا[6] و هو عليه السلام لا يخطى‏ء للعصمة و انما قال ذلك تعليما لنا.

فأما القراءة بتسكين الياء، فان كانت مروية و قد روي بها جازت[7]، و إلا فالإبداع غير جائز[8].[9]


[1] المغني ۲۰ ق 1/ ۸۲.

[2] (1) كرواية مسلم في صحيحه ۳/ ۱۳۱۷  في كتاب الحدود باب رجم الثيّب في الزنى عن ابن عباس، قال عمر بن الخطاب و هو جالس على منبر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: إن اللّه بعث محمدا صلّى اللّه عليه و سلم بالحق و أنزل عليه الكتاب فكان مما أنزل عليه آية الرجم قرأناها و و عيناها و عقلناها، فرجم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و رجمنا بعده، فاخشى إن طال بنا الزمان، أن يقول قائل: ما نجد الرجم في كتاب اللّه فيضلوا بترك فريضة أنزلها اللّه، و أنّ الرجم في كتاب اللّه حق على من زنى إذا احصن من الرجال و النساء إذا قامت البيّنة، أو كان الحبل، أو الاعتراف» فيكون هذا من باب ما نسخ رسمه و بقي حكمه، أو كما روي عن ابن مسعود انه كان إذا قرأ وَ كَفَى اللَّهُ الْمُؤْمِنِينَ الْقِتالَ يتبعها «بعلي» فيكون هذا من باب التوضيح و تبيين سبب النزول لا أنّها من نفس القرآن الكريم، و كلّ ما ورد من الروايات سواء كان من طريق أهل السنة أو الشيعة مرفوضة مردودة على رواتها لأن القرآن كتاب اللّه الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه و من خلفه، و قد تعهد سبحانه بحفظه لَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً و كلّ من ادّعى غير ذلك فهو مخترق أو مغالط أو مشتبه، هذا غير القراءات التى لا تغيّر مباني الكلمات التي أذن اللّه بها على لسان نبيّه صلّى اللّه عليه و آله كما هو معروف بين المسلمين كافة، و للمزيد من الاطلاع يراجع «البيان» للامام الخوئي و عقائد الشيعة الإمامية للمظفر، و أصل الشيعة و أصولها لكاشف الغطاء و مراد المرتضى ان ذلك وارد لا أنه يعتقد صحته، و على كلّ حال فاجماع الأمة انّ من زعم أن شيئا ما بين الدفتين ليس من القرآن فهو خارج عن الملّة. و انظر الاتقان للسيوطي ۱/ ۱۰۱و ۱۲۰و ۲/ ۴۰و ۴۱.

[3] الشافى فى الإمامة، ج‏1، ص:٢٨۴-٢٨٧

[4] الموضح عن جهة إعجاز القرآن، النص، ص: ۲۸۰

[5] سوره ابراهیم، آیه ۴١

[6] (۱) سورة البقرة، الآية: ۲۸۶.

[7] (۲) في هامش النسخة: و قد قرى‏ء بها جازت القراءة بالتخفيف.

[8] ( ۳) الرسائل،۳: ۸۵.

[9] نفائس التأويل، ج‏3، ص:١٠-١١

ب) تعدد قرائات؛ از زمان رسول خدا

قال صاحب الكتاب: (فاما جمعه الناس على قراءة واحدة، فقد بيّنا ان ذلك من عظيم ما خصّ بها القرآن، لأنه مع هذا الصّنيع قد وقع فيه من الاختلاف، ما وقع، فكيف لو لم يفعل ذلك، و لو لم يكن فيه الّا اطباق الجميع على ما أتاه من أيّام الصّحابة الى وقتنا هذا، لكان كافيا).

يقال له: أمّا ما اعتذرت به من جمع الناس على قراءة واحدة فقد مضى الكلام عليه مستقصى و بيّنا ان ذلك ليس تحصينا للقرآن و لو كان‏ تحصينا لما كان رسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم يبيح القراءات المختلفة.

و قوله: (لو لم يكن فيه الا اطباق الجميع على ما اتاه من ايام الصّحابة الى وقتنا هذا) ليس بشي‏ء، لانّا نجد الاختلاف في القراءة و الرجوع فيها الى الحروف مستمرا في جميع الاوقات التي ذكرها الى وقتنا هذا و ليس نجد المسلمين يوجبون على أحد التمسّك بحرف واحد، فكيف يدّعي اجماع الجميع على ما اتاه عثمان؟.

فان قال: لم أعن بجمعه الناس على قراءة واحدة الا انه جمعهم على مصحف زيد، لأن ما عداه من المصاحف كان يتضمّن من الزيادة و النقصان ممّا عداه ما هو منكر.

قيل له: هذا بخلاف ما تضمنه ظاهر كلامك أولا، و لا تخلو تلك المصاحف التي تعدو مصحف زيد من ان تتضمن من الخلاف في الالفاظ و الكلم، ما اقرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلم عليه، و أباح قراءته، فان كان كذلك، فالكلام في الزيادة و النقصان يجري مجرى الكلام في الحروف المختلفة، و ان الخلاف اذا كان مباحا و مرويّا عن الرسول و منقولا فليس لأحد أن يحظره، و ان كانت هذه الزيادة و النقصان بخلاف ما انزل اللّه تعالى، و ما لم يبح الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلم تلاوته فهو سوء ثناء على القوم الذين يقرءون بهذه المصاحف كابن مسعود و غيره، و قد علمنا انه لم يكن منهم الا من كان علما في القراءة و الثقة و الاماتة و النزاهة، عن ان يقرأ بخلاف ما أنزل اللّه، و قد كان يجب أن يتقدم هذا الانكار منه و من غيره ممن ولي الأمر قبله، لأنّ انكار الزيادة في القرآن و النقصان لا يجوز تأخيره[1].

 فان قال: ابن مسعود كره جمعه الناس على قراءة زيد و احراقه المصاحف و إنما جمع على قراءة واحدة لأن فيه تحصينا للقرآن و قطع المنازعة و الاختلاف فيه.

قيل: هذا ليس بصحيح، و لا شك في أن ابن مسعود كره إحراق المصاحف كما كرهه جماعة من أصحاب الرسول صلّى اللّه عليه و آله، و تكلموا فيه. و قد ذكر الرواة كلام كل واحد منهم في ذلك مفصلا  و ما كره عبد اللّه من تحريم قراءته و قصر الناس على قراءة زيد إلا مكروها. و هو الذي يقول النبي صلّى اللّه عليه و آله فيه: «من سره أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ على قراءة ابن أم عبد»  و روى ابن عباس رحمة اللّه عليه أنه قال: «قراءة ابن أم عبد هي القراءة الاخيرة، إن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله كان يعرض عليه القرآن في كل سنة في شهر رمضان فلما كان العام الذي توفي فيه صلّى اللّه عليه و آله عرض عليه مرتين، فشهد عبد اللّه بن مسعود ما نسخ منه، و ما بدل فهى القراءة الأخيرة»

و روى شريك عن الأعمش: قال قال ابن مسعود: لقد أخذت من في رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله سبعين سورة- و ان زيد بن ثابت لغلام يهودي في الكتاب، له ذؤابة-  

و قولهم: إنه خاف من اختلاف الناس في القراءة (ليس) ذلك بموجب لما صنعه عثمان، لأنهم يروون: أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف كلها شاف كاف» فهذا الاختلاف فى القراءة عندهم مباح مسند عن الرسول صلّى اللّه عليه و آله، فكيف يحظر عليهم من التوسع في الحروف ما هو مباح؟

فلو كان في القراءة الواحدة تحصين القرآن- كما ادعوه- لما أباح النبي صلّى اللّه عليه و آله في الأصل إلا القراءة الواحدة، لأنه أعلم بوجوه المصالح من جميع أمته من حيث كان مؤيدا بالوحي، موفقا في كل ما يأتي و يذر.

و ليس لهم أن يقولوا: أحدث من الاختلاف ما لم يكن في أيام الرسول صلّى اللّه عليه و آله و لا من جملة ما أباحه، (و ذلك): ان الأمر لو كان على هذا لوجب أن ينهى عن القراءة الحادثة و الأمر المبتدع، و لا يحمله ما أحدث من القراءة على تحريم المتقدم المباح بلا شبهة[2].


[1] الشافى فى الإمامة، ج‏۴، ص: ۳۰۰-٣٠٣

[2] تلخيص الشافي، ج۴4، ص: ۱۰۶-١٠٩

ج) القرائتین المختلفتین تجریان مجری آیتین

و مما يبين أن حمل حكم الأرجل على حكم الرؤوس في المسح أولى، أن القراءة بالجر يقتضي المسح و لا يحتمل سواه، فالواجب حمل القراءة بالنصب على ما يطابق معنى القراءة بالجر؛ لأن القراءتين المختلفتين تجريان مجرى آيتين في وجوب المطابقة بينهما، و هذا الوجه يرجح القراءة بالجر للأرجل على القراءة بالنصب لها[1].

الوجهان جمیعاً حسنان

و قد اختلفت قراءة القرّاء السبعة في رفع الراء و نصبها من قوله تعالى: لَيْسَ الْبِرَّ، فقرأ حمزة و عاصم في رواية حفص «ليس البرّ» بنصب الراء، و روى هبيرة عن حفص عن عاصم أنّه كان يقرأ بالنصب و الرفع، و قرأ الباقون البرّ بالرفع، و الوجهان جميعا حسنان، لأنّ كلّ واحد من الاسمين: اسم ليس و خبرها معرفة، فإذا اجتمعا في التعريف تكافأ في جواز كون أحدهما اسما و الآخر خبرا؛ كما تتكافأ النكرات[2].


[1] نفائس التأويل، ج ٢، ص ١٢۵

[2] تفسير الشريف المرتضي / ج‏1 / ۴۷۸/ [سورة البقرة(۲): آية ۱۷۷] ..... ص : ۴۷۲

د) القرائات الشاذه غیرمأخوذ بها

قلنا: المختار من هذه القراءة عند أهل العربية كلّهم القراءة بالفتح، و عليها جميع القرّاء السبعة؛ إلّا حمزة فإنّه قرأ؛ «عبد» بفتح العين و ضم الباء، و باقي القراءات شاذة غير مأخوذ بها[1].

و خامسها: أنه روي في قراءة هذه الآية الرفع: أ لم يجدك يتيما فآوى (6) و وجدك ضالا فهدى‏ (۷) على أن اليتيم وجده و كذلك الضال، و هذا الوجه ضعيف؛ لأن القراءة غير معروفة؛ و لأن هذا الكلام يسمج و يفسد أكثر معانيه[2].[3]


[1] تفسير الشريف المرتضي / ج۲ / ۱۸۲/ [سورة المائدة(5): آية ۶۰] ..... ص : ۱۸۰

[2] ( 1) تنزيه الأنبياء و الأئمة: ۱۵۰.

[3] نفائس التأويل    ج‏۳ ص  ۴۶۶

هـ) لحن در قرائت قرآن

المسألة الرابعة: حكم اللاحن في القراءة في الصلاة‌

إذا كان حقيقة القارئ هو الحاكي لكلام اللّٰه تعالى، و كانت الحكاية تفتقر‌ إلى اللفظ و صيغته، فما حكم من لحن في قراءة الصلاة؟ أ هو قارئ أم متكلم؟

و لا يجوز أن يكون قارئا، لكونه غير حاك لكلام اللّٰه تعالى في الحقيقة.

و ان كان متكلما فصلاته باطلة، مع نقل إجماع الأمة على فساد صلاته خلاف  لما ورد به الخبر، و عمل عليه كثير من الطائفة «اقرأ كما نحن نقرأ» يرفع كما أنزل.

و أيضا فما وجدنا أحدا من علمائنا أفتى بفساد صلاة من لحن في قراءته عامدا، بل الفتيا بجوازها ظاهر منهم، و في ذلك ما فيه.

الجواب:

اعلم أن الصحيح أن الحكاية للكلام تجب أن تكون مطابقة له في صور الألفاظ و حركاتها و مدها و قصرها، و من لم يفعل ذلك فليس بحاك على الحقيقة.

و إذا كانت الطائفة مجمعة على أن من لا ينضبط له من العامة و الأعاجم و حكاية القرآن بإعرابه و حركات ألفاظه صلاته مجزية، و كذلك من لحن غير متعمد لذلك، حكمنا بجواز هذه الصلاة و صحتها، و ان لم يكن هذا اللاحن حاكيا في الحقيقة للقرآن.و جرى مجرى الأخرس الذي لا يقدر على الكلام و الأعجمي الذي لا يفهم حرفا بالعربية في أن صلاتهما صحيحة عربية، و ان كانا ما قرءا القرآن، فليس من لحن في القرآن بأكثر ممن لن ينطق به جملة.

فأما المتمكن من اقامة الأعراب إذا لحن من غير عمد، فصلاته جائزة بغير شك. فأما إذا اعتمد اللحن مع قدرته على الصواب و اقامة الاعراب، فالأولى‌ أن تكون صلاته فاسدة، و من أفتى من أصحابنا بخلافه كان غير مصيب[1].


[1] رسائل الشريف المرتضى؛ ج‌2، ص: ۳۸۶