پیوست شماره ٧ : ثمرات تفکیک شبهه صدقیه
- ١. حاکمیت عرف در شبهات موضوعیه:
- ٢.جریان استصحاب در شبهه صدقیه
- ٣.کاربرد امارات وضع در شبهه صدقیه
- سید ابوالحسن اصفهانی
- ۴. انصراف صدقی؛ مانع اطلاق:
- ۵.تمسک به عام در شبهات صدقیه:
- ۶. شک در صدق؛ شک در مکلف به:
١. حاکمیت عرف در شبهات موضوعیه:
سید ابوالقاسم خوئی
فتحقيق الكلام فيه: انا ذكرنا غير مرة ان نظر العرف انما يكون متبعا في الشبهات المفهومية، أي في ما إذا لم يعلم معنى اللفظ أصلا، و في الشك في الصدق، أعني ما إذا شك في سعة المفهوم و ضيقه، و الجامع باب الظهورات، فان النظر العرفي يكون متبعا فيها، من غير فرق بين الظهورات الوضعية المستندة إلى المعنى اللغوي، أو المستندة إلى قرائن حالية أو مقالية، و منها مناسبة الحكم و الموضوع، فإذا حكم العرف في مورد بظهور اللفظ في معنى يتبع ذلك، و لذا يحمل الأحد في قولك: لا تضرب أحدا على الأحباء، مع انه أعم منها، لظهور الحكم أعني الضرب و انصرافه إلى المؤلم.
و أما إذا عرف المعنى، ففي مقام التطبيق لا اعتبار بنظر العرف أصلا، بل المتبع فيه هو النظر الشخصي لكل أحد. مثلا بعد ما علمنا ان الكر سبعة أرطال مثلا، فمسامحة العرف في التطبيق، و إطلاق ذاك المقدار على الناقص منه بقليل لا يكون متبعا.[1]
سید محمد جعفر جزائری مروج[2]
(1) قد ذكرنا أنه في تشخيص المفاهيم لا بد من الرجوع إلى العرف و يكون نظرهم و مسامحتهم في هذه المرحلة حجة دون مرحلة تطبيق المفهوم المبين على المصاديق، فإن مسامحاتهم فيه مما لا عبرة بها أصلا.
و يلحق بالمفهوم الشبهة في الصدق، فإن العرف مرجع في الشبهة الصدقية أيضا، و المراد بالصدق هو الشك في انطباق المفهوم على شيء لأجل عدم الاحاطة بحد المفهوم سعة و ضيقا.
توضيح ذلك: أن المتعارف في تعليم المفاهيم و تفهيمها هو تحديد المفهوم كالماء مثلا ثم تطبيق ذلك المفهوم على المصداق، إذ لا يكفي في التفهيم مجرد التحديد، ضرورة عدم وفائه بمعرفة المفهوم، فإن تحديد مفهوم الماء بأنه جسم بارد بالطبع لا يكفي في معرفة مصاديق الماء لصدق هذا المفهوم على اللبن و ماء الرمان و الرقي و غير ذلك من الأجسام الباردة بالطبع، فلا بد في معرفة مصاديق ذلك المفهوم من تطبيقه على مصاديقه، فإذا فرض أن من حدد المفهوم طبقه على الماء الصافي، فيشك في صدق هذا المفهوم على الماء الكدر، أو إذا فرض تطبيقه على هذين الفردين فيشك في صدقه على الماء المختلط بالتراب المعتد به، كما قد يتفق ذلك في مياه الأنهار في الربيع، فإن الشك في هذه الموارد ينشأ من الشك في صدق المفهوم لعدم العلم بحدوده، فلا محيص حينئذ إلا عن الرجوع إلى العرف.
استصحاب در مقتضی
فإذا شك في صدق معنى النقض في بعض الموارد كما إذا كان الشك ناشئا من الشك في المقتضي فلا بد من الرجوع إلى العرف، فان حكم بالصدق نقول بحجية الاستصحاب في الشك في المقتضي و إلا فلا. (من المقرر له قدس سره)[3]
مسامحه صدقیه؛ مسامحه مصداقیه
آقا رضا همدانی
(و لا زكاة في الفضّة حتى تبلغ مائتي درهم، ففيها خمسة دراهم، ثمّ كلما زادت أربعين كان فيها درهم).
في الجواهر: بلا خلاف أجده في شيء من ذلك نصّا و فتوى، بل الإجماع بقسميه عليه، و النصوص يمكن دعوى تواترها فيه
أقول: و قد تقدّم جملة من النصوص الدالّة عليها، و لا حاجة إلى استقصائها.
(و ليس فيما نقص عن الأربعين زكاة، كما ليس فيما ينقص عن المائتين شيء) و لو يسيرا كالحبة و نحوها و إن تسومح فيه في المعاملات العرفيّة، لأنّ المسامحة العرفية لا يبتني عليها الأحكام الشرعيّة، إذ الحقيقة في التقدير كونه على التحقيق دون التقريب، كما اعترف به في الجواهر،
و لكن لا يخفى عليك أنّ المسامحة العرفيّة قد تكون في الصدق، كإطلاق المثقال أو الرطل أو المن أو غير ذلك من أسماء المقادير، على ما نقص عنها بمقدار غير معتدّ به مسامحة، كإطلاق المن على ما نقص عنه بمثقال، و المثقال على ما نقص عنه نصف حبّة مثلا، و هذا إطلاق مسامحي مبنيّ على ضرب من التجوز، فهذا ممّا لا اعتداد به في التقديرات الشرعيّة الواردة في مقام التحديد، كما في قوله- عليه السلام-:«ليس فيما دون العشرين مثقالا من الذهب شيء، فإذا كملت عشرين مثقالا ففيها نصف مثقال» فإنّ مقتضى حمله على حقيقته نفي الزكاة فيما نقص عن العشرين كائنا ما كان و لو أقلّ قليل.
و قد تكون في المصداق، كإطلاق الذهب على الذهب الرديء الغير الخالص عن الأجرام الموجبة لرداءته و إطلاق الحنطة على الحنطة الغير النقيّة عن الأجزاء الأرضيّة، و شبهها المستهلكة فيها.
و هذا النحو من المسامحة موجبة لاندراج الموضوعات تحت مسمّياتها عرفا، فيكون إطلاق العرف أساميها عليها إطلاقا حقيقيّا فيترتّب عليها أحكامها، و قد تقدّم في كتاب الطهارة في مبحث المياه، و كذا في التيمّم بالتراب، مزيد توضيح لذلك ، فلاحظ.[4]
شیخ محمد حسین کاشف الغطاء
و يعتبر في وجوب الزكاة في الغلّات أمران
الأوّل: بلوغ النصاب، و هو بالمنِّ الشاهي و هو ألف و مائتان و ثمانون مثقالًا صيرفيّاً مائة و أربعة و أربعون منّاً إلّا خمسة و أربعين مثقالًا، و بالمنّ التبريزيّ الّذي هو ألف مثقال مائة و أربعة و ثمانون منّاً و ربع منّ و خمسة و عشرون مثقالًا، و بحقّة النجف في زماننا سنة 1326 و هي تسعمائة و ثلاثة و ثلاثون مثقالًا صيرفيّاً و ثلث مثقال، ثمان وزنات و خمس حقق و نصف إلّا ثمانية و خمسين مثقالًا و ثلث مثقال، و بعيار الاسلامبول و هو مائتان و ثمانون مثقالًا سبع و عشرون وزنة و عشر حقق و خمسة و ثلاثون مثقالًا، و لا تجب في الناقص عن النصاب و لو يسيراً (3)
(3) المسامحات العرفية قد تكون في الصدق و قد تكون في المصداق فالأوّل كإطلاق المنّ على ما نقص منه بمثقال و هذه لا اعتداد بها في تقديرات الشرعية المبنيّة على التحقيق (و الثاني) كإطلاق الذهب على المغشوش و الرديء و إطلاق الحنطة على الغير النقيّة من الخليط المستهلك فيها و إن كان مرئياً كبعض التبن أو الزوان و هذه المسامحة توجب اندراج الموضوعات تحت مسمّياتها عرفاً فيكون إطلاق أساميها عليها إطلاقاً حقيقياً فتترتّب عليها أحكامها. (كاشف الغطاء)[5].
میرزا محمد تقی آملی
(الأول): لا زكاة في الفضة حتى تبلغ مأتي درهم و لا فيما زاد على المأتين حتى تبلغ أربعين درهما بلا خلاف فيه نصا و فتوى كما في الجواهر، و فيه أيضا بل الإجماع بقسميه عليه، و النصوص يمكن دعوى تواترها فيه و ليس فيما نقص عن المأتين شيء و لو يسيرا كالحبة و نحوها و ان تسومح فيه في المعاملات العرفية،
و ليعلم أن مسامحة العرف في إطلاق لفظ بماله من المفهوم على شيء تارة تكون من باب المسامحة في المصداق بان يرون ما لا يكون مصداقا لمفهوم مصداقا و مع هذه المسامحة يطلقون اللفظ بما له من المفهوم عليه إطلاقا حقيقيا و ان كان المنشأ في إطلاقه هو المسامحة في المصداق، و مرجع ذلك الى التصرف في المفهوم كما لا يخفى، و في مثل ذلك إذا كان اللفظ بماله من المفهوم العرفي موضوعا لحكم شرعي يسري الحكم الى مصداقه المسامحي العرفي الناشي عن التصرف من المفهوم حيث ان الحكم ثابت له بما هو مفهوم عرفي و المفروض ان العرف يرى المفهوم على مرتبة يصدق على ذاك المصداق صدقا حقيقيا،
و اخرى تكون من باب المسامحة في الصدق بلا تصرف منه في المفهوم و هذا الإطلاق لا يكون حينئذ حقيقيا قطعا بل هو من باب التجوز و لا بد فيه من اعمال عناية كما إذا كان مفهوم الكر مثلا وزنا مخصوصا و هو ألف و مائتا رطل بالعراقي مثلا و أطلق على الأقل منه بقليل و لو بقدر رأس إبرة مثلا بالمسامحة يكون إطلاقه عليه بالعناية و من باب التجوز بعلاقة ما كان أو ما سيكون و نحو ذلك، و لا عبرة في هذا التسامح بالنسبة إلى الحكم المترتب عليه بل الحكم ثابت لما يصدق عليه المفهوم صدقا حقيقيا، و لا ينظر الى ما يطلق عليه بالعناية،
و هذا باب واسع في تشخيص الموضوع العرفي و التمييز بين ما يتبع العرف في مسامحاتهم و بين ما لا عبرة بمسامحاتهم، و منه ما نحن فيه حيث ان النصاب الأول من الفضة مثلا هو مأتا درهم و مفهوم مأتا درهم مبين عرفا لكنهم قد يسامحون في إطلاقه على الأقل منه بقليل بحيث يرون المأتين الا شعيرة مثلا مصداقا للمأتين كما يرون أربعين سيرات الا مثقالا مصداقا للمن التبريزي، لكن مع تبين مفهوم المن التبريزي عندهم و انه عبارة عن أربعين سير، و كل سير عبارة عن ستة عشرة مثقال فهذا التسامح منهم لا عبرة به بل الحكم مترتب على الموضوع بماله من المفهوم و يرى الى ما هو مصداقه حقيقة عند العرف لا بالعناية[6]
[1] دراسات في علم الأصول ؛ ج۴ ؛ ص۱۶۱
[2] در تعلیقه بر تقریرات درس آیت الله سید محمود شاهرودی
[3] نتائج الأفكار في الأصول ؛ ج۶ ؛ ص۲۹۳
[4] مصباح الفقيه؛ ج۱۳، ص: ۲۹۰-٢٩١
[5] العروة الوثقى (المحشى)؛ ج۴، ص: ۶۳
[6] مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى؛ ج۹، ص: ۴۶۴-۴۶۵
٢.جریان استصحاب در شبهه صدقیه
شیخ انصاری
امتزاج آب مطلق و مضاف
و لو امتزج المطلق بالمضاف على وجه يعلم بعدم صدق الاسمين، فالظاهر إجراء أحكام المضاف عليه، لأنّ سلب اسم الماء عنه يكفي في عدم ترتّب آثاره.
و قد يتخيّل احتمال ترتّب آثار المطلق على أجزاء المطلق الموجودة فيه و ترتّب آثار المضاف [على أجزاء المضاف] كذلك بناء على عدم استهلاك أحدهما بالآخر فيصحّ ارتماس الجنب لانغماره بالأجزاء المائية الموجودة فيه بالفرض.
و فيه: أنّ الأحكام منوطة بالماء العرفيّ، و هو ما كان لأجزائه اتّصال لا كالأجزاء المتلاشية في المضاف.
و لو امتزج الماء بمائع غير مضاف- كالدبس- أو بجامد فشكّ في سلب الإطلاق، فمقتضى الأصل بقاء الإطلاق.
و قد يخدش فيه بأنّ ما نحن فيه من قبيل الشكّ في اندراج هذا الجزئي الحقيقيّ تحت العنوان و هذا لم يكن متيقّنا في الآن السابق و ما كان مندرجا في السابق تحت ذلك العنوان كان جزئيّا حقيقيا آخر متشخّصا بمشخّصات آخر.
و فيه: أنّ الظاهر من كلمات العلماء في نظائر هذه المسألة جريان الاستصحاب و أنّ المرجع في تعيين الموضوع في الاستصحاب و بقائه في الآن اللاحق ليحمل عليه المستصحب هو العرف، و لذا اتّفقوا على إجرائه فيما لو شكّ في بقائه على القلّة أو الكثرة بعد زيادة شيء من الماء عليه أو نقصانه عنه، و نحو ذلك[1].
بیارجمندی
ماء الزاج و الکبریت
و لو شك في الصدق أو المصداق يعمل بالأصول، و المراد بالصدق هو الشبهة المفهومية كما ان المراد بالمصداق هو الشبهة الموضوعية، اما الثاني فواضح لأن منشأ الشك هو اشتباه الأمور الخارجية و الا فمفهوم اللفظ لا ريب فيه،
و اما القسم الأول و هو الشبهة في الصدق فهو يحتاج الى التوضيح.
بيان ذلك: ان إجمال المفهوم على قسمين: (تارة) يكون أصل المفهوم مجملا بأن يكون اللفظ مشتركا و لم يكن هناك قرينة كقولك جئني بعين مثلاً و اخرى) يكون حده و مفهومه من حيث السعة و الضيق مجملا و ان كان أصل المفهوم في الجملة بينا واضحا، و ذلك كالماء مثلا فان مفهومه من الواضحات في الجملة عرفا و لكن يشك أن دائرة هذا المفهوم هل تكون بنحو تعم ماء الزاج أو الكبريت أم لا؟ و هذا هو المراد من الشك في الصدق المقابل للشك في المصداق في كلماتهم.
و في المقام إذا شك في الإطلاق أو الإضافة فمع وجود الحالة السابقة يجري الاستصحاب إذا كان الشك في المصداق، و لا يشكل بأن الموضوع المشكوك غير الموضوع المتيقن، و في الاستصحاب لا بد ان تكون القضية المشكوكة عين القضية المتيقنة موضوعا و محمولا، و ذلك لأن الموضوع في باب الاستصحاب هو الموضوع العرفي لا الموضوع العقلي أو الدليلي و هو باق في الأغلب كما في استصحاب الكر و نحوه.
عدم جریان استصحاب در شبهه صدقیه
و اما إذا كان الشك في الصدق فجريان الأصل لا يخلو عن إشكال، لأن موضوع الحكم غير محرز عند العرف فكيف يحكم بأنه هو الباقي؟ و سيأتي ان شاء اللّه تعالى ان مفهوم الكر العاصم إذا كان مجملا يشكل جريان الأصل فيه[2].
میرزا محمد تقی آملی
و عند الشك في الصدق يكون المرجع هو الأصول العملية و هي تختلف بحسب المقامات ففيما فرضناه من مثال إدخال التراب في الماء الى ان يبلغ مرتبة الشك هو الاستصحاب اى استصحاب بقائه على ما كان من المائية كما انه لو اخرج من الوحل ترابه الى ان يبلغ مرتبة الشك يكون المرجع استصحاب بقائه على الوحلية و فيما لم يكن هناك حالة سابقه يختلف الأصل الجاري فيه أيضا فبالنسبة إلى شربه و جواز استعماله يكون المرجع أصالة الإباحة و بالنسبة إلى إزالة الحدث أو الخبث به يكون المرجع أصالة بقاء خبث الشيء المغسول به و بقاء حدث المتطهر به هذا في الماء المطلق. و المضاف هو ما كان في مقابل المطلق فهو ما لا يصح إطلاق اسم الماء عليه عرفا بلا قيد أو ما يصح سلب اسم الماء عنه مجردا عن القيد فيقال انه ليس بماء[3].
امام خمینی
ثمّ إنّه لو حصلت شبهة في المفهوم أو في الصدق، فلا إشكال في جريان الأصل الحكمي علىٰ جميع الاحتمالات في الموضوع، حتّى على القول: بأنّه هو المتبايعان المجتمعان، فضلًا عن سائر الاحتمالات؛ لما أشرنا إليه مراراً، من أنّه لا ربط بين موضوع الاستصحاب، و موضوع الدليل الاجتهادي.
فربّما ينتفي موضوع الدليل قطعاً؛ بانتفاء بعض القيود المأخوذة فيه، و يبقى موضوع الاستصحاب جزماً، و ربّما يشكّ في بقاء موضوع الدليل، و مع ذلك يكون موضوع الاستصحاب محقّقاً.
و الوجه في ذلك، أنّ الحكم في الدليل إذا تعلّق بعنوان ك «العادل» و «المجتهد» أو بعنوان متقيّد ك «المتعاملين المجتمعين» فمع ذهاب العنوان أو القيد، و إن لم يبق موضوع الدليل بالضرورة، لكنّه لمّا كان المعتبر في الاستصحاب وحدة القضيّة المتيقّنة و المشكوك فيها، فلا بدّ من ملاحظة موضوع القضيّتين، لا موضوع الدليل.
فإذا قال: «أكرم العادل» أو «يجوز تقليد المجتهد» و كان زيد عادلًا و مجتهداً، يعلم ببركة الكبرى و الصغرىٰ الوجدانيّة، أنّ زيداً واجب الإكرام، و جائز التقليد؛ لانطباق العنوان عليه، فيقال: «إنّ زيداً عادل، و كلّ عادل واجب الإكرام» فينتج «أنّ زيداً واجب الإكرام».
فموضوع القضيّة المتيقّنة هو «زيد» لا «العادل» و لمّا احتملنا أنّ كونه عادلًا في زمان، كافٍ في وجوب إكرامه أبداً- لاحتمال كون الوصف واسطة في الثبوت، لا العروض صار ذلك منشأً لاحتمال بقاء وجوب إكرامه، فيقال: «إنّ زيداً كان واجب الإكرام، و يشكّ في بقاء وجوب إكرامه» فلا يكون في موضوع القضيّة الاستصحابيّة قيد، فلا إشكال في وحدة القضيّتين.
بل من المحتمل جريان الاستصحاب الموضوعي في الشبهات المفهوميّة أو الصدقيّة، و إن كان عدمه ممّا تسالم عليه المحقّقون[4] بدعوىٰ أنّ الشكّ فيها أيضاً في بقاء الموجود الخارجي، الذي انطبق عليه العنوان في السابق.
فاليوم الخارجي المعلوم التحقّق، إذا شكّ في أنّه عبارة عن القطعة من الزمان إلىٰ تواري القرص، أو إلىٰ ذهاب الحمرة، يكون الشكّ بعد التواري في بقائه، و يكون منشؤه الاحتمالين، فيصحّ أن يقال: «إنّك كنت علىٰ يقين من نهارك فشككت فيه» أو «في بقائه».
و الفرق بين هذا و بين الشكّ في المواراة، مع العلم بأنّها آخر النهار: إنّما هو في منشأ الشكّ، و إلّا فالقضيّة المتيقّنة و المشكوك فيها واحدة فيهما، و الشكّ في الموردين في البقاء، و لا يعتبر في الاستصحاب غيره مع كونه موضوعاً للأثر.
فقولهم هناك: إنّ الخارج لا شكّ فيه؛ للعلم بالتواري و بعدم زوال الحمرة، و إنّما هو في معنًى لغوي، و هو غير مجرى الاستصحاب
مخدوش بأنّ ذاك و ذا صارا منشأً للشكّ في بقاء اليوم؛ إذ من الواضح أنّه بعد التواري، و قبل ذهاب الحمرة، لا يقطع بعدم النهار، بل يشكّ فيه و في بقائه، و إن كان منشؤه أمراً لغويّاً، و لا يعتبر فيه غير الشكّ في بقاء القضيّة المتيقّنة.
و لو لم يسلّم ذلك؛ للخدشة في كونه مجراه، أو للشكّ فيه، فلا إشكال في الأصل الحكمي[5].
[1] كتاب الطهارة (للشيخ الأنصاري)؛ ج1، ص: ۲۹۳-٢٩۴
[2] مدارك العروة (للبيارجمندي)؛ ج1، ص: ۱۷۶-١٧٧
[3] مصباح الهدى في شرح العروة الوثقى؛ ج1، ص: ۳-۴
[4] فوائد الأُصول (تقريرات المحقّق النائيني) الكاظمي ۳: ۳۲۸ ۳۲۹ و ۳۷۲، نهاية الأفكار 4: 147، حقائق الأُصول ۲: ۴۵۸.
[5] كتاب البيع (للإمام الخميني)؛ ج4، ص: ۲۲۴-٢٢۶
٣.کاربرد امارات وضع در شبهه صدقیه
سید علی قزوینی
في إن أمارة الوضع إنما تنهض أمارة للجاهل، و أما العالم فلا يعقل له الحاجة إلى إعمالها إلا إذا قصد به ضرب أمارة و نصب علامة لإرشاد الجاهل بمؤداها، و منه تمسكهم بها في المسائل اللغوية المختلف فيها،
لكن ينبغي أن يعلم إن الجاهل بالوضع قد يكون جاهلا به بالجهل الساذج، بأن لا يكون الموضوع له معلوما لا باعتبار معلومية أجزائه المفصلة و لا باعتبار معلومية صورته النوعية، و قد يكون جاهلا به بالجهل المشوب، و هو الجهل الذي خالطه نحو علم، و يلزمه الشك في الفردية و لو قوة،
و هذا الشك في الفردية قد يكون باعتبار الشك في الصدق، و قد يكون باعتبار الشك في المصداق، و قد يكون باعتبار الشك فيهما معا.
و المراد بالأول: أن يكون الشك في الفردية، الذي مرجعه إلى الشك في صحة الحمل طارئا لشبهة في وصف المحمول، كما لو شك في فردية البليد للحمار نظرا إلى الشبهة في مفهوم الحمار، من حيث الوضع باعتبار تردده بين النوع الخاص من الحيوان أو مطلق قليل الإدراك.
و بالثاني: أن يكون الشك في الفردية الراجع إلى ما ذكر طارئا لشبهة في وصف الموضوع، كما لو شك في فردية رجل مردد بين كونه بليدا أو غير بليد للحمار، بعد البناء على كونه باعتبار الوضع لمطلق قليل الإدراك.
و بالثالث: أن يكون الشك في الفردية طارئا لشبهة في كل من وصفي المحمول و الموضوع.
و مرجع الشبهة الاولى إلى الشبهة في الكبرى بعد تبين الصغرى، و الثانية إلى الشبهة في الصغرى بعد تبين الكبرى، و الثالثة إلى الشبهة فيهما معا.
و الضابط الكلي في الشك في الفردية باعتبار الصدق، أن يطلب رفع الشبهة بمراجعة العرف و اللغة إحرازا لأمارات الوضع و علامات الحقيقة و المجاز، من نص لغوي أو تبادر و عدمه العرفيين و غيرهما،
و في الشك في الفردية باعتبار المصداق، أن يطلب رفعها بمراجعة أهل الخبرة خاصة، و لا مجرى في ذلك للأمارات المعمولة في باب الوضع، لفرض عدم الشبهة في الوضع من هذه الجهة ليطلب رفعها بها، و إليه يرجع ما في كلام أفاضل المتأخرين من معاصرينا[1] في الفرق بين الموضوعات المستنبطة و الموضوعات الصرفة، من كون المرجع في الأول هو العرف و اللغة، و في الثاني أهل الخبرة، فالشك في الفردية باعتبار المصداق ساقط عن محل الكلام، لخروجه عن معقد الأمارات المبحوث عنها هنا، فوجب الاقتصار حينئذ على الشك في الفردية باعتبار الصدق. و قد عرفت أن مآله إلى الجهل المشوب بالموضوع له.
فنقول: حينئذ إن العلم الذي خالطه قد يكون علما بالموضوع له إجمالا، على معنى العلم الإجمالي به، و قد يكون علما به في الجملة.[2]
لا يقال: استعلام حال الفرد بالأمارتين استعمال لهما في غير موضعها إذ ليس وضع الأمارات لتشخيص الفرد، و أيضا لو كان ما يفهم من اللفظ عرفا معلوما فهو بنفسه كاف في استعلام حال الفرد، أو لا بد من مراجعة أهل الخبرة و إلا فلا يمكن الاستعلام بالأمارتين، لما قررناه سابقا من الفرق بين شبهة الفردية من باب الشك في المصداق و شبهة الفردية من باب الشك في الصدق، و إعمال الأمارة في الأول استعمال لها على خلاف وضعها بخلاف الثاني، فإن ما يفهم من اللفظ عرفا ربما كان معلوما بالإجمال فيقع الشك في تفصيله ببعض الجهات و يؤول ذلك الشك إلى شبهة الفردية التي لا رافع لها إلا زوال الشك المذكور، و المقصود من إعمال الأمارة هنا إزالة ذلك الشك المنتجة لرفع الشبهة، و لا ريب أنه استعمال لها على مقتضى وضعها.[3]
______________________________
(1) و محصل هذا الكلام: أن الآية الشريفة لا تجدي نفعا إلا في إحراز كبرى كلية و هي وجوب الانتهاء عن كل ما يصدق عليه النهي، و ظاهر أن مجرد الكبرى لا يكفي في ثبوت النتيجة، بل لا بد معها من انضمام صغرى مشتملة على موضوع و هو صيغة «لا تفعل» و محمول و هو النهي، بأن يقال: صيغة «لا تفعل» نهي، و كل نهي يجب الانتهاء فيه، فصيغة «لا تفعل» يجب الانتهاء [فيه] و هذه الصغرى مما لا تكاد تحصل، لأن النهي ما أخذ في مفهومه التحريم و الصيغة مشكوك حالها من هذه الجهة، و هذا الشك يوجب الشك في الصدق و كونها من مصاديق النهي و معه لا يمكن حمل النهي عليها، فإذا تعذرت الصغرى خرجت الكبرى الكلية غير نافعة في إثبات المطلب، فليتدبر إن شاء الله. (منه عفي عنه)[4]
[1] ( 1) لم أعرف قائله.
[2] تعليقة على معالم الأصول ؛ ج2 ؛ ص۶-٧
[3] تعليقة على معالم الأصول ؛ ج۲ ؛ ص۶۹
[4] تعليقة على معالم الأصول ؛ ج۴ ؛ ص۴۹۳
سید ابوالحسن اصفهانی
جریان صحه سلب در شبهات صدقیه؟
و من جملتها: صحة السلب و عدمها، و بعبارة اخرى صحة النفي و عدمها، و مرجع صحة السلب أو النفي الى عدم صحة الحمل، و مرجع عدم صحة السلب أو النفي الى صحة الحمل، فالأول علامة المجاز و الثاني علامة الحقيقة.
ثم إن الشك قد يكون في المصداق مع تبين المفهوم بحدوده، كما إذا شك في مائع مخصوص أنه ماء أو جلاب[1] مثلا،
و قد يكون في الصدق و هو يرجع الى الشك في سعة المفهوم و ضيقه كما إذا شك في صدق الماء على ما امتزج بالتراب مثلا بحيث يشك في صدق الماء عليه،
و قد يكون الشك في المفهوم كما إذا شك في أن اللفظ موضوع لهذا المعنى أم لا؟
و إذا ظهر ذلك فاعلم أنه يظهر من بعض أن بصحة السلب و عدمها يمتاز المعنى الحقيقي عن المعنى المجازي فيما كان الشك في المصداق، و من بعض آخر التعميم الى غيره و هو الحق، إذ كما أن بصحة السلب يمكن تشخيص أن المستعمل فيه ليس من أفراد المعنى الحقيقي و بعدمها تشخيص أنه منها فيما إذا كان الشك في المصداق. كذلك يمكن تشخيص الحقيقة و المجاز بهما فيما إذا كان الشك في الصدق أو المفهوم أيضا.[2]
فالنزاع في أن مفهوم المشتق هل هو منتزع من الذات المتلبس بالمبدأ فعلا، أو من الأعم منه و هو ما تحقق منه المبدأ إما في الحال أو فيما مضى؟ كما أنه لو قيل بكونه حقيقة في المستقبل أيضا لا بد من القول بأنه منتزع من الذات التي يوجد و يتحقق منه المبدأ في أحد الأزمنة الثلاثة،
فلا بدّ في تشخيص الموضوع له من الرجوع الى العلامات و الأمارات التي يمتاز بها المعنى الحقيقي عن المعنى المجازي و الموضوع له عن غيره، و من جملتها التبادر و عدم صحة السلب فإنها من علائم الحقيقة، كما أن تبادر الغير و صحة السلب من علائم المجاز، و قد تقدم الكلام في أن عدم صحه السلب الذي هو من علائم الحقيقة مخصوص بما إذا كان الشك في المصداق فيعين بعدم صحة السلب أن المورد من المصاديق الحقيقية أو يعم ما إذا كان الشك في الصدق أو المفهوم أيضا، فراجع.[3]
[1] ( 1) و يقصد به ماء الورد.
[2] وسيلة الوصول الى حقائق الأصول ؛ ج1 ؛ ص۶۰-۶١
[3] وسيلة الوصول الى حقائق الأصول ؛ ج1 ؛ ص۱۵۳-١۵۴
۴. انصراف صدقی؛ مانع اطلاق:
سید ابوالقاسم خوئی
و اما الانصراف، فهل يكون مانعا عن الإطلاق أم لا؟
نقول: انصراف اللفظ عن فرد أو صنف تارة: يكون بدويا ناشئا من غلبة وجود بعض الأصناف دون بعض، كانصراف لفظ الماء في النجف الأشرف إلى ماء الكوفة أو البئر مثلا لكونه متعارفا فيه دون غيره، فلو قال أحد هناك يجب على كل أحد ان يشرب الماء في الساعة الفلانية ينصرف ذهن الأهالي إلى ماء النهر، إلا انه بدوي يزول بأدنى تأمل في ما وضع له لفظ الماء و تساويه من حيث الصدق عليه و على غيره من الأفراد، و هذا لا يمنع عن تحقق الإطلاق أصلا.
و أخرى: يكون انصرافا حقيقيا ثابتا عند العرف، كما في الماهيات التشكيكية التي يكون صدقها على بعض الأفراد أولى من صدقها على البعض الآخر، ...
و ثالثة: يكون الانصراف من جهة الشك في الصدق على ما اصطلح عليه الشيخ قدس سره في قبال الشبهة المصداقية، بان كان الشك في سعة المفهوم و ضيقه في مقام التطبيق بعد وضوحه في الجملة، و قد مثل له بلفظ الماء، فإنه من أوضح المفاهيم العرفية و مع ذلك في مقام التطبيق يشك في صدقه على ماء الزاج و الكبريت، و انه ماء مخلوط بوحل و كدر حار أو لا ينطبق عليه عنوان الماء.
و الانصراف بهذا المعنى أيضا يمنع الإطلاق إذ معه يشك في تحقق المقدمة الأولى أعني ورود الحكم على المقسم لعدم إحراز كون العنوان مقسما حينئذ، و لا بد من إحرازها في التمسك بالإطلاق، و هذا كله واضح.[1]
میرزا هاشم آملی
هو ان من شرائط إجراء المقدمات هو عدم انصراف اللفظ إلى معنى و قلما يكون في الفقه مورد لا يكون المطلق فيه منصرفا إلى بعض الافراد و لذا نقل ان العلامة صب التراب في بئره عند إرادته الفتوى بعدم نجاسة البئر خلافا لمن تقدمه لئلا ينصرف ذهنه إلى بئر بيته لإثبات الحكم الشرعي الإلهي من شدة تقواه و خوفه من تغيير الأحكام و لو بنحو انصراف ما و للانصراف أقسام عديدة في كتب الأصول المطولة و ضابطها أربعة:
أولها: الخلجان في الذهن لكثرة الوجود كما إذا قال شخص في النجف الأشرف جئني بالماء فلما كان الماء المستعمل في البلد ماء الفرات و لم يكن ماء الدجلة معمولا غالبا فينصرف ذهن المخاطب إلى ماء الفرات و هذا الانصراف يكون مانعا عن الإطلاق و يقال له الانصراف البدوي.
ثانيها: ان يكون المنصرف إليه ذهن العرف فردا من افراد الطبيعة بالنظر الدقي الفلسفي مثل ما يقال لا تصل في وبر ما لا يؤكل لحمه أو لا تصل في اجزاء غير مأكول اللحم ففي المثال بالنظر الدقي الفلسفي يكون الإنسان من افراد ما لا يؤكل لحمه فان كان لحية مجتهد جامع الشرائط في لباس المصلى فلازمه عدم صحة الصلاة اما العرف بالنظر الدقي العرفي لا بنظره الحمقى الذي لا اعتناء به ينصرف ذهنه إلى غير الإنسان من افراد غير مأكول اللحم و منشأ هذا هو الظهور العرفي أي يحصل الأنس بكثرة الاستعمال.
فان قلت ان اللفظ موضوع للمهملة أي المقسم و لا يكون الاستعمال في القسم صحيحا قلت يفهم الأنس بدال آخر مثل كثرة استعمال اللفظ في مقام التطبيق على الهر و الذئب و النمر و لم يكن في مورد على الإنسان و ينعقد بهذا النظر الظهور للكلام.
و ثالثها: ان لا يكون مثل الأول و لا الثاني بل يكون الشبهة صدقية مثل ما إذا قيل توضأ بالماء فمفهوم الماء معلوم مبين فإذا ألقينا التراب في كأس من الماء حتى اشتبه علينا انه يصدق عليه الماء أم لا لأجل انه لا ندري توسعة المفهوم و تضييقه فينصرف الذهن منه إلى الماء المعلوم إطلاقه عند قول القائل توضأ بالماء فان المياه بعضها داخل قطعا تحت مفهومه مثل الماء المطلق و بعضها خارج قطعا مثل ماء الدابوقة و بعضها مشكوك مثل ماء الكبريت و المخلوط بالتراب و هذا الانصراف أيضا يكون مانعا عن الإطلاق و لا يتكل عليه لوجود ما يحتمل القرينية و الفرق بينه و بين الثاني هو ان المقيد إذا وجد في الثاني يكون معارضا للظهور.
و فيه لا يكون معارضا بل مبينا لأنه لا يكون ظاهرا في ماء الكبريت مثلا.[2]
[1] دراسات في علم الأصول ؛ ج۲ ؛ ص۳۴۱-٣۴٢
[2] مجمع الأفكار و مطرح الأنظار ؛ ج۲ ؛ ص۲۴۸-٢۴٩
۵.تمسک به عام در شبهات صدقیه:
سید ابوالقاسم خوئی
تذييل يذكر فيه أمران:
الأول:
إذا دار الأمر بين التخصيص و التخصص بأن ورد عام، مثل «أكرم العلماء» ثم ورد «لا تكرم زيدا» و تردد أمره بين أن يكون عالما حتى يكون «لا تكرم زيدا» مخصصا للعام و بين أن يكون جاهلا حتى لا يكون دليل حرمة إكرامه تخصيصا للعام، بل يكون تخصصا، فهل يحكم بالتخصيص و أن زيدا عالم ليس بواجب الإكرام أو يحكم بالتخصص و أنه ليس بعالم، فيترتب عليه أحكام غير العالم؟
ذهب بعض إلى الثاني، و مثاله في الشرعيات: مسألة تنجيس كل نجس لملاقيه، و ما ورد من أنه «لا بأس بغسالة الاستنجاء»[1] فإن عدم البأس بها لو كان من جهة أنها نجسة معفو عنها، فهو تخصيص لدليل تنجيس كل نجس لملاقيه، و لو كان من جهة أنها طاهرة، فتخصص.
و عمدة الوجه للثاني- أي: القول بالتخصص- هو: أن العام حيث إنه أصل لفظي تكون مثبتاته و لوازمه العقلية حجة، فيمكن التمسك به لإثبات أن زيدا- الذي يحرم إكرامه- لا يكون عالما، و أن الغسالة حيث إنها غير منجسة لملاقيها، فلا تكون نجسة، فيحكم على «زيد» أحكام غير العالم، و على الغسالة أحكام الماء الطاهر.
هذا، و فيه: أن العام و إن كان من الأصول اللفظية و المثبت منها حجة قطعا إلا أن مثبتها لا يزيد على أنفسها، فلو ثبت حجية العام في مقام الشك في المصداق، فتثبت لوازمه أيضا، و قد عرفت بما لا مزيد عليه أن حجية العام- حيث إنه ببناء العقلاء، و لم ترد آية و لا رواية على أن كل عام حجة- فلا بد من الاقتصار بما جرى عليه سيرتهم و استقر عليه بناؤهم قطعا، و هو العمل بالعام عند الشك في الصدق لا في المصداق، و عند الاشتباه في الانطباق لا ما ينطبق العام عليه. و بعبارة أخرى: عند الشك في المراد لا في كيفية استعمال اللفظ بعد معلومية المراد.[2]
[1] ( 1) الكافي ۳: ۱۳- ۳ و ۵، الفقيه ۱: ۴۱- ۱۶۲، التهذيب 1: ۸۵- ۲۲۳ و ۸۶- ۲۲۷ و ۲۲۸، الوسائل ۱: ۲۲۱- ۲۲۳، أحاديث الباب ۱۳ من أبواب الماء المضاف و المستعمل.
[2] الهداية في الأصول ؛ ج2 ؛ ص۳۴۳-٣۴۴
۶. شک در صدق؛ شک در مکلف به:
شیخ محمد سند
الخامس: خروج الطائف عن الكعبة و عن الصفة التي في أطرافها المسماة بشاذروان (1).
(1) حكي الاتفاق عليه بين الفريقين، كما حكي عن التواريخ أنه من اساس الكعبة، إلّا أن قريش بنت الكعبة دون ذلك. لا سيما و أن الشاذروان كلمة فارسية معرّبة بمعنى أساس البناء.
و قد ذكر في البحار جملة من الروايات العامة التي فيها قول النبي لعائشة .. لو لا أن قومك حديثوا عهدٍ بالكفر لهدمت الكعبة و ادخلت فيها ما أخرج منها و أدخلت الجدار ..
و على أي تقدير فلو فرض الشك فمقتضى الاصل هو الاشتغال للشك في صدق الطواف بالبيت لو جعل طوافه فوق الشاذروان إذ يحتمل أنه طواف في البيت لا حوله.
(و دعوى) أن المقام ليس من الشك في المكلف به بل من الشك في التكليف لكون الشبهة مفهومية مرددة بين الأقل و الأكثر، كما في المبيت في منى في المواضع المشكوكة أنها منها، و كذا الذبح فيها، و كذلك الوقوف في عرفات و المزدلفة في الحدود المشكوكة أنها منها، فإن إخراج المشكوك عن اطلاق المتعلق تقييد زائد. من (غير صحيحة) و ذلك لان المقام ليس من الشبهة المفهومية و انما هو من الشبهة الصدقية لأن ألفاظ الاعلام موضوعة للموجودات الخارجية، فالشك في صدق العنوان عليها و بالتالي في المكلف به[1].
[1] سند العروة الوثقى - كتاب الحج؛ ج3، ص: ۳۱۰-٣١١