رفتن به محتوای اصلی

صاحب جواهر

الف)و أما الاستدلال بقاعدة الإطلاق و التقييد في المندوبات ففيه أنه بعد تسليمها حتى في مثل المقام الذي هو من بيان الكيفية و لم يعلم استحباب المطلق فيه و إن لم يكن بعنوان الخصوصية يجب الخروج عنها هنا بما عرفته مما هو موافق لفتاوى الأصحاب عدا النادر، و خبر المسائل مع احتماله السهو و عدم الجابر له لا يستلزم جواز الترك ابتداء قطعا و من ذلك كله ظهر لك وجه النظر في الأدلة المزبورة، كما انه ظهر لك شدة ضعف القول بالندب، خصوصا مع ملاحظة المعلوم من حال المتشرعة من شدة الإنكار على الصلاة الى غير القبلة مع الاختيار و الاستقرار، بل هو الفارق عندهم بين الإسلام و الكفر نعم قد يستثنى من ذلك النافلة حيث تجوز راكبا و ماشيا، فلا يشترط فيها الاستقبال حتى في تكبيرة الإحرام منها من غير فرق بين السفر و الحضر، لإطلاق النصوص المستفيضة في الأول، سيما مع غلبة عدم التمكن من الاستقبال حال الصلاة عليها[1]

ب)و لعله بذلك ينكشف لك الفرق بين هذا الاشتراك و الاشتراك الدلالي بأن البحث في المقام يرجع إلى تنقيح موضوع سورة، و أنه لا يعتبر فيه قصد البسملة بخلافه هناك، فإن الأمر فيه عقلي، و يزيده وضوحا أنه لو صرح الواضع بأن السورة عبارة عن القطعة من الكلام المفتتح بالبسملة مثلا و إن لم يقصد أنها منه ما كنا لنمنعه عليه، و ليس هكذا المشترك الدلالي، و ربما يومي إلى ذلك كله أو بعضه تصفح بعض كلمات المنكرين، خصوصا ما حكي من شرح الوافية للسيد الصدر حيث جعل سند المنع ذلك محتجا عليه بصدق اسم السورة على الواقعة ممن لا قصد له أصلا، ثم قال: و لو سلم مدخليته أي القصد فلا مانع من قيام غيره مقامه في التشخيص، و هو الاتباع بالمتعين و يؤيد ذلك كله خلو كتب الأساطين من قدماء الأصحاب عنه، و جهل أكثر المتشرعة به، و غلبة عدم خطوره في البال للمتنبهين منهم مع عدم الإعادة للسورة و إن كان قبل الركوع، مضافا إلى ظهور بعض نصوص المعراج كالمروي عن العلل منها في ذلك، و ظهور النصوص الواردة في العدول بسبب ترك الاستفصال فيها و غيره فيه أيضا كما ستسمعها في المسألة التاسعة، بل ربما ادعي ظهور بعضها في المقصود خلافه فضلا عن غيره كالذاهل و الغافل بحيث جرى على لسانه بسملة و سورة من غير قصد، إذ هو كالمقطوع به منها[2].

ج)اللهم إلا أن يقال: إنه يكفي فيه بعد الإجماع بقسميه كما عرفت عليه، بل لعله كالضروري بين المتشرعة بحيث استغنى بضروريته عن النصوص بالخصوص، بل من شدة معروفية منافاة الصلاة للفعل الكثير في أثنائها كثر السؤال عن خصوص بعض الأفعال في أثنائها مخافة أنها تكون من المبطل و أغفل ذكر البطلان بالكثير، ففي الحقيقة هذه النصوص عند التأمل دلالتها على البطلان به أبلغ من دلالتها على العدم به.

على أن في بعضها نوع إيماء زيادة على ذلك، ك‍ خبر اشتراط قتل الحية بأن‌ يكون بينك و بينها خطوة بناء على إرادة الكناية بذلك عن الكثير، و‌

صحيح حريز أو مرسله عن أبي عبد الله (عليه السلام) «إذا كنت في صلاة الفريضة فرأيت غلاما لك قد أبق أو غريما لك عليه مال أو حية تخافها على نفسك فاقطع و اتبع الغلام و اقتل الحية و خذ الغريم»‌

و‌

موثق سماعة «عن الرجل يكون قائما في الصلاة الفريضة فينسى كيسه أو متاعا يتخوف ضيعته أو هلاكه قال: يقطع صلاته و يحرز متاعه ثم يستقبل الصلاة، قلت: فيكون في الصلاة الفريضة فتفلت عليه دابة أو تفلت دابته فيخاف أن تذهب أو يصيب منها عنفا فقال: لا بأس أن يقطع صلاته» و عن الفقيه زيادة «و يتحرز و يعود في صلاته»‌

و في‌ خبر سلمة بن عطا  أنه سأل الصادق (عليه السلام) «أي شي‌ء يقطع الصلاة؟ فقال: عبث الرجل بلحيته»

و‌

قال أيضا لأبي هارون المكفوف : «يا أبا هارون الإقامة من الصلاة، فإذا أقمت فلا تتكلم و لا تومئ بيدك»‌

بناء على أن الأمر بالقطع فيهما و لو بالإطلاق من حيث الفعل الكثير لا من حيث خصوص استلزام المفسد من الكلام و الاستدبار و نحوهما، و إلا لأمر بفعل ذلك ثم البناء، على الصلاة.

إلى غير ذلك من النصوص الدالة على البطلان بصدور الأفعال في الأثناء، منها الأخبار  الدالة على أن من قام من موضعه عليه إعادة الصلاة إذا سها فترك ركعة أو أزيد، و في‌

صحيحة ابن يقطين  عن الكاظم (عليه السلام) «أن الحجامة و الرعاف و القي‌ء لا تنقض الوضوء بل تنقض الصلاة»‌

و غير ذلك، و إن كان الإنصاف أن الجميع‌غير صالح لإثبات ذلك سندا أو دلالة مع فرض قطع النظر عن الإجماع المزبور[3].

فحينئذ لو فعل فعلا كثيرا بحيث لا ينافي التشاغل بأفعال الصلاة من حركة أصابع لعد ركعات و استغفار و تسبيح في صلاة التسبيح و غيرها لم يقدح في الصلاة، لعدم فوات الموالاة، و عدم ثبوت مقتضي البطلان، مع أن الأصل الصحة، بل هي ظاهر أكثر النصوص السابقة، و لعل منه حمل أمامة و إرضاع الصبي و لبس الرداء كما تسمعه في خبر علي بن الحسين (عليهما السلام)  بل يومي إلى ذلك أيضا ما ستسمعه من إطلاقهم كراهة العبث و الفرقعة، كإطلاق بعض النصوص  نفي البأس عن العبث بالذكر، أما إذا فعل ما ينافي ذلك كالمشي و نحوه مما لا يمكن معه التشاغل في أفعال الصلاة لفوات الطمأنينة و نحوها فالمتجه فيها البطلان إذا وصل إلى حد يحكم المتشرعة فيه بعدم حصول الموالاة المعتبرة، و مع الشك فقد يتجه ذلك أيضا بناء على الأعمية فضلا عن القول بالصحيحة إن كان الشك المفروض قدح مثله شكا في تناول الأمر و الإطلاقات للفرد المزبور.

كما أنه لا يخفى عليك عدم منافاة ذلك لكون الصلاة من محدثات الشرع و مخترعاته التي لا مجال للعرف في معرفتها بدون التوقيف و معرفة الفعل الكثير فيها و القليل و المنافي و غير المنافي، ضرورة أنك قد عرفت كون المراد حفظ الصورة عند المتشرعة المأمورين بها المتشاغلين في أدائها الذين وصلت إليهم أيضا بالتوقيف، و لعل كثيرا من المبطلات مستفاد من ذلك كرفع الصوت فيها زائدا على المتعارف، و إطالة الذكر في أثنائها، أو السكوت أو نحو ذلك، و منه أيضا بعض الأفعال القليلة الماحية للصورة بمعنى أن المتشرعة يحكمون بمنافاة مثلها للصلاة كالصفق لعبا أو الوثبة الفاحشة أو نحو ذلك مما أدخلوه تحت الفعل الكثير، لوضوح البطلان به و عدم ذكر عنوان خاص له عند الأصحاب، فالتجأوا إلى ذلك، و قد عرفت ما فيه، و أن كثيرا من الأمور لم يذكروها اعتمادا على معلومية وجوب المحافظة على الصورة المحفوظة عند المتشرعة المعلوم من هذه الجهة ما ينافيها و ما لا ينافيها عندهم، فاكتفوا بذلك عن ذكرها بالخصوص.[4]

د)و على كل حال فالقول به بالنسبة إلى بعض أفراد القارين و بعض أفراد الفقهاء لا يخلو من قوة، كما أن القول بالأول بالنسبة إلى البعض الآخر كذلك، بل قد يدعى وضوح الترجيح عند عامة المتشرعة الممارسين لطريقة الشرع السابرين (السامعين خ ل) لأخبارهم (ع)، و كان ذلك مأخوذا لهم يدا عن يد إلى أئمتهم (ع)، بل لعل في اختلاف الأخبار إشعارا بذلك، ضرورة أنه لا يكاد يخفى على أطفال المتشرعة ترجيح العالم المجتهد الفاضل المراقب المرتاض على قارئ مقلد لا يعرف معنى ما يقرأه كبعض الأعاجم، إذ لا خير في قراءة لا تدبر فيها.

كما أنه لا يخفى ترجيح القاري الذي هو جيد القراءة جدا و عارف بجملة ما يحتاج إليه في الصلاة على وجه الاجتهاد أو التقليد على من كان أزيد منه فقها في الجملة على وجه الاجتهاد أو التقليد إلا أن قراءته في أدنى مراتب الاجزاء، فالميزان غير مختل الوزن، و مع فرض تعادل الكفتين يفزع إلى الأخبار لا أنه يرجع إليها على كل حال، ضرورة عدم وفاء ما اشتمل منها على ذكر المرجحات بتمام الأمور المتصورة المستفادة أيضا من عموم أخبار أخر و خصوصها، بل لا تعرض فيها لتمام ما يتصور في مضامينها نفسها كاجتماع المتعدد منها في مقابلة المتحد، و إن كان قضية إطلاق ترتيبها ترجيحه و إن كان واحد على المتعدد، و اللّٰه أعلم بحقيقة الحال[5].

ه)إذ من الواضح إرادة الواقف من الوقف تأبيد حبس العين و إطلاق المنفعة، و بذلك كان من الصدقة الجارية، التي ورد الحث عليها و انها من التي لا ينقطع عمل ابن آدم منها بعد موته، بل الظاهر أن التأبيد المزبور من مقتضيات الوقف و مقوماته، كما أن نفي المعاوضات على الأعيان مأخوذ فيه ابتدأ، خصوصا بعد ملاحظة تعلق حق الأعقاب به، بل يمكن دعوى ضرورية ذلك من أعوام المتشرعة، فضلا عن علمائهم[6]،

و مع الإغضاء عن ذلك كله يمكن الإكتفاء بظهور اتفاق الأصحاب على اعتبار القرعة في القسمة شرعا مؤيدا بتعارف ذلك بين عوام المتشرعة، فضلا عن خواصهم بل قد عرفت اعتبار الرضا بعد القرعة من بعضهم في الجملة، و لا أقل من أن تكون‌ القرعة كالعقد في اللزوم، و فاقدها كالمعاطاة، نحو ما سمعته من الأردبيلي، و أما احتمال عدم اعتبارها أصلا و أن التراضي كاف في الانتقال و اللزوم، فلا ينبغي الإصغاء إليه بوجه من الوجوه، هذا كله بناء على ما حكاه عنهم، و إلا فقد يقال: إن مراد الأصحاب اعتبار القرعة حال عدم التراضي لأنها العدل بينهما[7]؟

و) و قد تقدم في كتاب الخمس كثير من الفروع المتعلقة في المقام بالنسبة إلى ترتب الملاك و تعددهم و اتفاقهم و اختلافهم، فلا حظ و تأمل.

نعم بقي شي‌ء: و هو إن ظاهر عبارة المتن و غيره فرض موضوع المسألة في المدفون، بل في الروضة التصريح بأنه «لو وجده في المملوكة غير مدفون كان لقطة إلا أنه يجب تعريف المالك فان ادعاه فهو له و إلا عرفه» و ربما يؤيده ما تسمعه من الخبر المشتمل على الحكم بكون ما يجده صاحب الدار في داره مما هو ليس له و يدخلها غيره لقطة يجب تعريفها.

لكن في الرياض مازجا عبارة النافع قال: «و لو وجده في أرض لها مالك أو بائع و لو كان ما وجد فيها مدفونا عرفه المالك أو البائع، فإن عرفه و إلا فهو للواجد».

و مقتضاه عدم الفرق في الحكم المزبور بين كونه مدفونا أو ظاهرا بل أولوية الثاني من الأول بذلك، و لا ينافي ذلك تصريحه في أثناء المسألة‌ بكونه ليس من اللقطة، لأن مراده باعتبار كونه محكوما بأنه لواجده لا أنه ليس من موضوعها.

و هو كما ترى في غاية الإشكال، بل لعله من المنكرات بين المتشرعة و إن كان قد يشهد له أن الحكم في ما نحن فيه بأنه للواجد إنما جاء من صحيح الدابة الذي لا ريب في كون موضوعه مندرجا تحت موضوع اللقطة بعد إنكار البائع له و كون المال من أهل هذا الزمن.

إلا أن الانصاف عدم الجرأة على الحكم المزبور بمثل ذلك، خصوصا بعد الصحيح  الآتي في الدار و الصندوق المؤيد بأصالة احترام مال المسلم[8].

ز) و تعمد الأكل و الشرب و إن لم يكثرا على قول ظاهر من إطلاق المبسوط و القواعد و اللمعة و معقد إجماع الخلاف، بل لعل المراد منه القليل خاصة، للاستغناء بذكر الكثير سابقا عن كثيرهما، فعطفهما حينئذ عليه من المصنف و غيره لولا احتمال التخصيص للاستثناء كالصريح في ذلك، خصوصا مع إمكان دعوى أن الغالب في الشرب بل و الأكل القلة، ضرورة خروج المقدمات عن مسماهما، و من ذلك يعلم غرابة ما في التذكرة حيث علل البطلان بمطلق الأكل و الشرب بأنهما فعل كثير، قال:

«لأن تناول المأكول و مضغه و ابتلاعه أفعال متعددة و كذا المشروب» و هو كما ترى إلا أنه موافق لمن عرفت في البطلان بهما مطلقا كما هو المحكي عن الأستاذ الأكبر  لكن صرح غير واحد من المتأخرين و متأخريهم بأنه لا دليل يختصان به حتى يكونا قاطعين للصلاة مطلقا، قلت: لأن قبول إجماع الشيخ مشكل كما في المنتهى، إذ لا نعلم أي إجماع أشار اليه، و نحوه في المعتبر، بل في المنتهى أيضا «لو ترك في فيه شيئا‌ يذوب كالسكر فذاب و ابتلعه لم تبطل صلاته عندنا، و عند الجمهور تفسد، لأنه يسمى أكلا، أما لو بقي بين أسنانه من بقايا الغذاء فابتلعه في الصلاة لم تبطل صلاته قولا واحدا، لأنه لا يمكن التحرز عنه، و كذا لو كان في فيه لقمة و لم يبتلعها إلا في الصلاة لأنه فعل قليل» و في التذكرة «و لو كان مغلوبا بأن نزلت النخامة و لم يقدر على إمساكها لم تبطل صلاته إجماعا» قال في كشف اللثام: يعني و إن كثر للعذر كالمرتعد، اللهم إلا أن يقال: إن ابتلاع النخامة و ما بين الأسنان و سوغ السكرة مع الربق لا يسميان في العرف أكلا، فلا ينافي حينئذ إجماع الشيخ المزبور، أو أن ذلك خرج بالدليل كما يومي اليه ما في المبسوط حيث أنه بعد أن أطلق الفساد بالأكل و الشرب قال:

«و روي جواز شرب الماء في صلاة النافلة، و ما لا يمكن التحرز عنه مثل ما يخرج من الأسنان فإنه لا يفسد الصلاة ازدراده»‌

إذ هو كالتقييد لإطلاقه الأول، و عدم علم المصنف بالإجماع المشار اليه كاشكال الفاضل فيه لا يقدح في حجية الإجماع المنقول.

و يؤيده مضافا إلى ذلك فحوى سياق الخبر الآتي في الرخصة في شرب الماء في الوتر المشعر بمعلومية منافاة الشرب للصلاة و محو اسم الصلاة بحصول المتعارف من كل منهما لا ما تقدم و نحوه، أو علم المتشرعة منافاتهما للصلاة المرادة كما أوضحناه في الفعل الكثير، و لعل ذلك و نحوه مأخذ إجماع الشيخ، إذ لا ريب في حصول البطلان بمحو الاسم، و لا ريب في حصوله بهما و إن لم يكثرا كما هو الغالب فيهما، إذ أطفال المتشرعة يعلمون أن الصلاة لا يجتمع معها الأكل و الشرب كما هو واضح بأدنى التفات، فتوقف كثير من الأصحاب في هذا الحكم- حتى أن المصنف منهم رد على الشيخ إجماعه و تبعه غيره، و جعلوا المدار في البطلان بهما على الكثرة تبعا للمحكي عن السرائر- في غير محله، نعم في الدروس «يبطلان إذا كثرا أو آذنا بالاعراض» و في المحكي عن الموجز‌ و شرحه «إن آذنا بالإعراض أو نافيا الخشوع» بل عن الجعفرية و حاشية الإرشاد و إرشاد الجعفرية «الاقتصار على الإيذان بالاعراض» و عن الجواهر المضيئة «يبطلان لمنافاتهما الخشوع» كالمحكي عن المهذب البارع من «أن الأقوال في ذلك ثلاثة:

الإبطال بالمسمى، و هو ما يبطل الصوم، و الإبطال بالكثرة فلا يبطل باللقمة الصغيرة، و الإبطال بمنافاة الخشوع و لقمة صغيرة- ثم قال-: و هو ما اخترناه».

لكن الجميع كما ترى، ضرورة عدم ثبوت البطلان بالايذان بالإعراض أو بمنافاة الخشوع إن لم يرجعا إلى ما ذكره من المحو أو معلومية المنافاة عند المتشرعة، و لعله لذا قال في جامع المقاصد: «و اختار شيخنا في بعض كتبه الإبطال بالأكل و الشرب المؤذنين بالإعراض عن الصلاة، و هو حسن، إلا أنه لا يكاد يخرج عن التقييد بالكثرة» و إن كان فيه نظر أيضا، و كان القول الأول الذي حكاه في المهذب هو الذي حكاه في جامع المقاصد، حيث قال: «و أغرب بعض المتأخرين فحكم بإبطال مطلق الأكل حتى لو ابتلع ذوب سكرة، و هو بعيد» و ربما بتوهم أيضا من إطلاق بعضهم البطلان بالأكل و الشرب، لكن قد عرفت إجماع المنتهى و غيره الصريح في أن الصلاة ليست كالصوم تبطل بمطلق المسمى بل يمكن تحصيل الإجماع عليه في الجملة فضلا عن الإجماع المنقول كما هو واضح بأدنى التفات إلى سيرة أهل الشرع، و عدم مبالغتهم في زوال ما يبقى في الفم عند الصلاة، فلا ريب في وضوح الفرق بين الأكل المنافي للصوم و المنافي للصلاة، و ليس هذا قول منا بأن القليل من الأكل و الشرب غير مبطل للصلاة، فيكونان حينئذ كسائر الأفعال التي يبطل كثيرها دون قليلها، بل المراد بيان أنه و إن قلنا بأن الأكل و الشرب مطلقا مبطلان للصلاة لحصول اسم المحو أو لثبوت المنافاة في أذهان المتشرعة أو لإجماع الشيخ أو لغير ذلك فليس المراد أنه يقدح في الصلاة ما يقدح منه في الصوم إذ المدار ما عرفت، و هو لا يقضي بذلك قطعا كما هو واضح.

هذا كله في العمد، أما السهو فالبحث فيه نحو ما سمعته في الفعل الكثير، و قد صرح غير واحد هنا بأنهما لا يبطلان، بل في المنتهى «لو أكل أو شرب في الفريضة ناسيا لم تبطل صلاته عندنا قولا واحدا» و عن كشف الرموز «الإجماع عليه» و في فوائد الشرائع أطبقوا على ذلك، لكن قال: «إنه ينبغي تقييد ذلك بما إذا لم يمح الاسم» كما في جامع المقاصد، و يجري فيه ما عرفته هناك، و يزيد بأنه مع تقييده بعدم المحو لا يبطل عمدا عنده و عند غيره ممن عرفت، و الله أعلم.[9]


[1] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۸، ص: ۸

[2] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۱۰، ص: ۵۴

[3] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۱۱، ص: ۶۰

[4] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۱۱، ص: ۶۴-۶۵

[5] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۱۳، ص: ۳۶۱

[6] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، ج‌۲۲، ص:۳۵۸

[7] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۲۶، ص: ۳۱۲-۳۱۳

[8] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۳۸، ص: ۳۲۵

[9] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج‌۱۱، ص: ۷۷-۸۰