رفتن به محتوای اصلی

پیوست شماره ٧: شرح عبارت «کراهیه لمحضر عمر» در شروح بخاری و مسلم

١. «خافوا ان ینتصر لابی بکر فیغلظ علیهم»

قاضی عیاض

إلى أبى بكر: أن ائتنا، ولا يأتنا معك أحد - كراهية محضر عمر بن الخطاب - فقال عمر لأبى بكر: والله، لا تدخل عليهم وحدك. فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بى. إنى، والله، لآتينهم، فدخل عليهم أبو بكر. فتشهد على بن أبى طالب، ثم قال: إنا قد عرفنا يا أبا بكر فضيلتك وما أعطاك الله ولم ننفس عليك خيرا ساقه الله إليك، ولكنك استبددت علينا بالأمر، وكنا نحن نرى لنا حقا لقرابتنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم يزل يكلم أبا بكر حتى فاضت عينا أبى بكر. فلما تكلم أبو بكر قال: والذى نفسى بيده، لقرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم أحب إلى أن أصل من قرابتى،

ــ

ولكنه تأخر عن الحضور عنده فى هذا الأمر العظيم، مع عظم قدره هو نفسه؛ لموجدة فى نفسه ذكرها فى الكتاب، وهو أنه قال لنا: نرى لنا فى هذا الأمر نصيبا، فاستبد علينا به فوجدنا فى أنفسنا. ولعله أشار إلى أن أبا بكر استبد عنه بقصص وأمور عظام، وحق مثله أن - يحضر فيها ويشاور عليها. وقد يوهم قول عمر لأبى بكر: " والله لا تدخل عليهم وحدك " أنه خاف عليه أن يغدروه. ومعاذ الله أن يظن بهم ذلك، ولعله قد رآهم يغلظوا على أبى بكر - رضى الله عنهم - فى العاقبة، ويبدو منهم ما يكون عند أبى بكر جفاء فتتغير نفسه عليهم أو يتأذى بذلك ذكره عمر انفراده لذلك، وكذلك ما حكاه من كراهيتهم هم محضر عمر بن الخطاب؛ إنما ذلك لما كانوا يعلمونه من تشدده وتغلظه فيما يظهر له من الحق، فخافوا أن ينتصر لأبى بكر، فيغلظ عليهم فتتغير نفوسهم عليه.[1]

المازری

٨١٥ - ذكر حديث "بيعة علي لأبي بكر رضي الله عنهما لما توفيت فاطمة رضي الله عنها واستنكر علي وجوه الناس فأرسل إلى أبي بكر أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب. فقال عمر لأبي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك فقال أبو بكر: وما عساهم أن يفعلوا بي"

قال الشيخ: أما تأخر علي عن البيعة فقد ذكر عذره عنه في كتاب مسلم واعتذار الصديق عنه: ويكتفى في بيعة الإمام بآحاد من أهل الحل والعقد ولا تفتقر إلى بيعة كل الأمة، ولا يلزم كل الأمة أن يأتوا إليه يضعون أيديهم بيده وإنما يلزم إذا عقد أهل الحل والعقد انقياد البقية وأن لا يظهروا خلافا ولا يشقوا العصا. وهكذا كان علي رضي الله عنه ما أظهر على أبي بكر خلافا ولا شق عصا لكنه تأخر عن الحضور عنده في هذا الأمر (العظيم مع عظيم قدره هو في نفسه لموجدة في نفسه ذكرها في هذا الكتاب وهو أنه قال: كنا نرى لنا في هذا الأمر) نصيبا فاستبد علينا به فوجدنا في أنفسنا. ولعله أشار إلى أن أبا بكر استبد عنه بقصص وأمور عظام حق مثله أن يحضر فيها ويشاور عليها.

وقد يوهم قول عمر لأبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك، أنه خاف عليه أن يغدروه، ومعاذ الله أن يظن بههم ذلك. ولعله قدر أنهم قد يغلظون على أبي بكر في المعاتبة ويبدو منهم ما يكون عند أبي بكر جفاء فتغير نفسه عليهم أو يتأذى بذلك فكره عمر انفراده لذلك. وكذلك ما حكاه من كراهتهم محضر عمر بن الخطاب إنما ذلك لما كانوا يعلمون من تشدده وتغلظه فيما يظهر له من الحق فخافوا أن ينتصر لأبي بكر فيغلظ عليهم فتتغير نفسهم عليه.[2]

نووی

 (فأرسل إلى أبي بكر رضي الله عنه أن ائتنا ولا يأتنا معك أحد كراهية محضر عمر بن الخطاب رضي الله عنه فقال عمر لأبي بكر رضي الله عنه والله لا تدخل عليهم وحدك) أما كراهتهم لمحضر عمر فلما علموا من شدته وصدعه بما يظهر له فخافوا أن ينتصر لأبي بكر رضي الله عنه فيتكلم بكلام يوحش قلوبهم على أبي بكر وكانت قلوبهم قد طابت عليه وانشرحت له فخافوا أن يكون حضور عمر سببا لتغيرها وأما قول عمر لا تدخل عليهم وحدك فمعناه أنه خاف أن يغلظوا عليه في المعاتبة ويحملهم على الإكثار من ذلك لين أبي بكر وصبره عن الجواب عن نفسه وربما رأى من كلامهم ما غير قلبه فيترتب على ذلك مفسدة خاصة أو عامة وإذا حضر عمر امتنعوا من ذلك وأما كون عمر حلف ألا يدخل عليهم أبو بكر وحده فحنثه أبو بكر ودخل وحده ففيه دليل على أن إبرار القسم إنما يؤمر به الإنسان إذا أمكن[3]

العامری الحرضی

ولا يأتينا معك أحد كراهية يحضر عمر فقال عمر لابي بكر والله لا تدخل عليهم وحدك وانما كرهوا محضر عمر كما قال النووي لعلمهم شدته وصدعه بما يظهر له فخافوا ان ينتصر لابي بكر فيتكلم بكلام يوحش قلوبهم على أبي بكر وكانت قلوبهم قد طابت عليه وانشرحت له فخافوا أن يكون حضور عمر[4]

٢.«خافوا کثره المعاتبه»

ابن حجر عسقلانی

قوله: (كراهية ليحضر عمر) في رواية الأكثر: لمحضر عمر والسبب في ذلك ما ألفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل، وكان أبو بكر رقيقا لينا، فكأنهم خشوا من حضور عمر كثرة المعاتبة التي قد تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة[5].

عینی

قوله: (كراهية لمحضر عمر) أي: لأجل الكراهة لحضور عمر، رضي الله تعالى عنه، و: المحضر، مصدر ميمي بمعنى الحضور، ويروى: كراهية ليحضر عمر، أي: لأن يحضر، وذلك لأن حضوره كان يوجب كثرة المعاتبة والمعادلة، فقصدوا التخفيف لئلا يفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة. [6]

سیوطی

(كراهية بمحضر عمر)، لأبي ذر: "ليحضر"، وذلك لما ألفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل، فخشوا من حضوره كثرة المعاتبة التي تؤدي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة.[7]

القسطلانی

(فلما توفيت دفنها زوجها علي) -رضي الله عنه- (ليلا) بوصية منها كما عند ابن سعد إرادة لزيادة التستر (ولم يؤذن) بغير همزة في اليونينية وبه في الناصرية ولم يعلم (بها أبا بكر) لأنه ظن أن ذلك لا يخفى عنه وليس فيه ما يدل على أنه لم يعلم بموتها ولا صلى عليها (وصلي عليها) أي علي، وعند ابن سعد أن العباس صلى عليها (وكان لعلي من الناس وجه) أي يحترمونه (حياة فاطمة) إكراما لها (فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس) لأنهم قصروا عن ذلك الاحترام لاستمراره على عدم مبايعته أبي بكر وكانوا يعذرونه أيام حياتها عن تأخره عن ذلك باشتغاله بها وتسلية خاطرها (فالتمس) علي (مصالحة أبي بكر ومبايعته ولم يكن يبايع) أبا بكر (تلك الأشهر) الستة إما لاشتغاله بفاطمة كما مر أو اكتفاء بمن بايعه إذ لا يشترط استيعاب كل أحد بل يكفي الطاعة والانقياد (فأرسل) علي (إلى أبي بكر) الصديق -رضي الله عنه- (أن ائتنا ولا يأتنا أحد معك كراهية) منه (لمحضر عمر) مصدر ميمي بمعنى الحضور، ولأبي ذر ليحضر عمر وذلك لما عرفوه من قوة عمر وصلابته في القول والفعل فربما تصدر منه معاتبة تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة (فقال عمر): لما بلغه ذلك لأبي بكر (لا والله لا تدخل عليهم وحدك) فربما تركوا من تعظيمك ما يجب لك (فقال أبو بكر) -رضي الله عنه-: (وما عسيتهم) بكسر السين وفتحها (أن يفعلوا) ولأبي ذر: أن يفعلوه (بي) أي علي ومن معه.[8]

محمد صالح المنجد

قوله " كراهية ليحضر عمر " في رواية الأكثر: " لمحضر عمر "، والسبب في ذلك: ما ألفوه من قوة عمر، وصلابته، في القول، والفعل، وكان أبو بكر رقيقا، لينا، فكأنهم خشوا من حضور عمر كثرة المعاتبة التي قد تفضي إلى خلاف ما قصدوه من المصافاة. " فتح الباري " (٧ / ٤٩٤) .[9]

عبارتی جامع در سرّ کراهت محضر عمر

ابوالاشبال

لكن عليا كان غاضبا من أبي بكر؛ لأنه كان يتصور أنه لا يقطع في أمر دونه، وأنه حينما يموت النبي صلى الله عليه وسلم، ويجتمع الناس في سقيفة بني ساعدة يدعونه، وهذه على أية حال قلوب بشر، وهو لم يخطئ في ذلك، كما أن عمر رضي الله عنه لم يكن يعلم باجتماع الصحابة في سقيفة بني ساعدة أثناء موت النبي عليه الصلاة والسلام، وإنما ذهب إليهم بقدر الله، وطار الخبر إلى أبي بكر بخلاف المهاجرة والأنصار في الإمارة والخلافة من بعده عليه الصلاة والسلام، فذهب إليهم ليحل القضية، فلما علم بذلك عمر طار إليهم، ثم قضى بما قضى من حجج لديه، بأن أولى الناس المهاجرون، وأولى المهاجرين هو أبو بكر الصديق بدليل كذا وكذا وكذا وذكر من القرآن والسنة ما يؤيد قوله وهو القول الصحيح في هذه القضية.

وبالتالي أجمع العلماء على صحة إمامة أبي بكر وأنه أولى الناس بعد النبي عليه الصلاة والسلام، لكن علي بن أبي طالب كان مشغولا بتجهيز النبي عليه الصلاة والسلام وتغسيله وتكفينه فتركوه لذلك، ثم إن المصلحة راجحة في عقد الخلافة لآحاد الناس؛ حتى لا يختلفوا بعد ذلك فيمن يصلي على النبي؟ ومن يكفن النبي؟ ومن يدفن النبي؟ ومن يتولى أمر النبي في الفيء وغيره؟ فالمصلحة راجحة، فرأى أبو بكر وعمر تقديم إثبات الخلافة لـ أبي بكر على تجهيزه عليه الصلاة والسلام، وعلى انتظارهم لمشورة علي أو عثمان أو غيرهما، فانشغلوا بهذا، وكان علي مشغولا بتجهيز النبي عليه الصلاة والسلام، فالقضايا كلها كأنها لبس أو سوء فهم، وليست قضية خلافية جوهرية بين الصحابة رضي الله عنهم.

قال: (وكان لـ علي من الناس وجهة حياة فاطمة، فلما توفيت استنكر علي وجوه الناس فالتمس مصالحة أبي بكر ومبايعته)].

قال: ليس هناك وجه لاستنكار الناس إلا لأنني لم أبايع أبا بكر إلى الآن؛ وذلك لأنني لست من عامة الناس، فأنا إنسان مرموق ومن أعلام الصحابة.

قال: [(ولم يكن بايع تلك الأشهر فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا)].

ولو كان أبا بكر في حالة غضب من علي فلن يأتيه وإن أرسلت إليه أكثر من رسالة، أو لقال: إذا كنت تريدني فائتني أنت، وهذا نظامنا نحن.

قال: [فأرسل إلى أبي بكر: أن ائتنا، ولا يأتنا معك أحد]، وهنا يقصد عمر مع أن أمر الميراث لم يكن له أي اتصال بـ عمر، وكان هذا الكلام في خلافة أبي بكر، وأبو بكر هو رجل الدولة المتصرف في كل شيء، فما هي علاقة عمر بهذا الأمر؟ لا علاقة له لا من قريب ولا من بعيد.

قال: [(فائتنا ولا يأتنا معك أحد؛ كراهية محضر عمر بن الخطاب)] أي: لا تصطحبه معك.

قال: (فقال عمر لـ أبي بكر: والله لا تدخل عليهم وحدك).

وأنتم تعلمون لباقة علي وفصاحته وبلاغته، فيمكن أن يمسك أبا بكر ويعظه حتى يبكي أبو بكر فيرق له، ويعطيه ما يريد، ويمكن أن يطالبه علي بن أبي طالب بشيء من خاصة أبي بكر، فيحمل الحياء أبا بكر على دفعه إليه، ويستحي أن يدافع عن نفسه، ويتمنى لو أن الغير قد تكلم عنه، حتى عمر رضي الله عنه لو أن له حقا يستحيي أن يطلبه ولا يرضى، وتأبى عليه كرامته أن يطالب به، لكن لو أن لغيره الحق لطالب به، فالإنسان يطالب لغيره بعلم وجرأة؛ لأنه لا يطلب لنفسه فهو غير متهم.

إذا: أبو بكر الصديق قال: أنا سأذهب لـ علي بن أبي طالب، وعمر قال له: لا تذهب بمفردك ولا بد أن آتي معك، حتى إذا كلمك في شيء أدفع عنك وأذود عنك وأتكلم؛ لأن حياءك سيمنعك من الرد على[10]


 




[1] كتاب إكمال المعلم بفوائد مسلم، ج 6، ص85


[2] كتاب المعلم بفوائد مسلم ،ج 3،ص21 -22


[3]               كتاب شرح النووي على مسلم ،ج 12،ص78


[4] كتاب بهجة المحافل وبغية الأماثل ، ج2، ص63


[5] كتاب فتح الباري بشرح البخاري ط السلفية، ج ٧، ص494


[6] كتاب عمدة القاري شرح صحيح البخاري، ج 17، ص259


[7] كتاب التوشيح شرح الجامع الصحيح، ج 6، ص2634


[8] كتاب شرح القسطلاني إرشاد الساري لشرح صحيح البخاري ،ج 6، ص376


[9] كتاب موقع الإسلام سؤال وجواب ،ج 9، ص195


[10] كتاب شرح صحيح مسلم حسن أبو الأشبال، ج ٨٨، ص10