محقق حلی
شرائع
الثالث في كيفية الوضوء
و فروضه خمسة
الأول النية
و هي إرادة تفعل بالقلب.
و كيفيتها أن ينوي الوجوب أو الندب و القربة و هل يجب نية رفع الحدث أو استباحة شيء مما يشترط فيه الطهارة الأظهر أنه لا يجب و لا تعتبر النية في طهارة الثياب و لا غير ذلك مما يقصد به رفع الخبث و لو ضم إلى نية التقرب إرادة التبرد أو غير ذلك كانت طهارته مجزية.
و وقت النية عند غسل الكفين و تتضيق عند غسل الوجه و يجب استدامة حكمها إلى الفراغ[1].
فالواجبات ثمانية
الأول النية
و هي ركن في الصلاة و لو أخل بها عامدا أو ناسيا لم تنعقد صلاته و حقيقتها استحضار صفة الصلاة في الذهن و القصد بها إلى أمور أربعة الوجوب أو الندب و القربة و التعيين و كونها أداء أو قضاء و لا عبرة باللفظ و وقتها عند أول جزء من التكبير و يجب استمرار حكمها إلى آخر الصلاة و هو أن لا ينقص النية الأولى
و لو نوى الخروج من الصلاة لم تبطل على الأظهر و كذا لو نوى أن يفعل ما ينافيها فإن فعله بطلت و كذا لو نوى بشيء من أفعال الصلاة الرياء أو غير الصلاة.
و يجوز نقل النية في موارد كنقل الظهر يوم الجمعة إلى النافلة لمن نسي قراءة الجمعة و قرأ غيرها و كنقل الفريضة الحاضرة إلى سابقة عليها مع سعة الوقت[2]
الأول الصوم
و هو الكف عن المفطرات مع النية فهي إما ركن فيه و إما شرط في صحته و هي بالشرط أشبه و يكفي في رمضان أن ينوي أنه يصوم متقربا إلى الله تعالى و هل يكفي ذلك في النذر المعين قيل نعم و قيل لا و هو الأشبه و لا بد فيما عداهما من نية التعيين و هو القصد إلى الصوم المخصوص فلو اقتصر على نية القربة و ذهل عن تعيينه لم يصح الصوم و لا بد من حضورها عند أول جزء من الصوم أو تبييتها مستمرا على حكمها.
و لو نسيها ليلا جددها نهارا ما بينه و بين الزوال فلو زالت الشمس فات محلها واجبا كان الصوم أو ندبا و قيل يمتد وقتها إلى الغروب لصوم النافلة و الأول أشهر و قيل يختص رمضان بجواز تقديم نيته عليه و لو سها عند دخوله فصام كانت النية الأولى كافية و كذا قيل يجزي نية واحدة لصيام الشهر كله.
و لا يقع في رمضان صوم غيره و لو نوى غيره واجبا كان أو ندبا أجزأ عن رمضان دون ما نواه و لا يجوز أن يردد نيته بين الواجب و الندب بل لا بد من قصد أحدهما تعيينا و لو نوى الوجوب آخر يوم من شعبان مع الشك لم يجز عن أحدهما و لو نواه مندوبا أجزأ عن رمضان إذا انكشف أنه منه و لو صام على أنه إن كان من رمضان كان واجبا و إلا كان مندوبا قيل يجزي و قيل لا يجزي و عليه الإعادة و هو الأشبه و لو أصبح بنية الإفطار ثم بان أنه من الشهر جدد النية و اجتزأ به فإن كان ذلك بعد الزوال أمسك و عليه القضاء[3].
المعتبر
الثالث: في كيفية الوضوء:
مسئلة: «النية» شرط في صحة الطهارة وضوءا كانت أو غسلا أو تيمما،
و هو مذهب الثلاثة و أتباعهم و ابن الجنيد، و لم أعرف لقدمائنا فيه نصا على التعيين و أنكره أبو حنيفة في الطهارة المائية محتجا بقوله إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ و لم يذكر النية، و لان الماء مطهر مطلقا فاذا استعمل في موضعه وقع موقعه، بخلاف التيمم فان التراب انما يصير مطهرا إذا قصد به أداء الصلاة.
لنا ما رووه عن النبي صلى اللّه عليه و آله «إنما الأعمال بالبينات» و قد روى ذلك جماعة
من أصحابنا مرسلا، و ما رواه الأصحاب، عن الرضا عليه السّلام قال: «لا قول الا بعمل و لا عمل إلا بنية، و لا نية إلا بإصابة السنة» و لا حجة لأبي حنيفة في الآية، لأنها تقتضي القصد إلى الصلاة، إذ هذا هو المفهوم من قولك: إذا لقيت الأمر فالبس أهبتك معناه للقائه، و كذا قوله إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا أي للصلاة، و قوله عليه السّلام: «الماء مطهر مطلقا»
قلنا هو: موضع المنع، أما في «إزالة الخبث» فمسلّم و اما في «رفع الحدث» فممنوع، و محلها القلب لأنها ارادة، و محل الإرادة القلب، و يشترط استحضار نية التقرب، لقوله تعالى وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ و لا يتحقق الإخلاص إلا مع نية التقرب، و نية استباحة الصلاة أو رفع الحدث، و معناهما واحد و هو ازالة المانع أو استباحة فعل لا يصح الا بالطهارة كالطواف لقوله تعالى إِذٰا قُمْتُمْ إِلَى الصَّلٰاةِ فَاغْسِلُوا أي اغسلوا للصلاة، و لا فرق بين أن ينوي استباحة الصلاة بعينها أو الصلاة مطلقا، و في اشتراط نية الوجوب أو الندب تردد، أشبهه عدم الاشتراط، إذا القصد الاستباحة و التقرب و ان تقع مقارنة لغسل الوجه، لأنه بذاته الطهارة فلو تراخت وقع غير منوي، و استدامة حكمها و هو أن لا ينتقل إلى نية تنافي الاولى، و انما اقتصر على الحكم لأن استدامة النية مما يعسر بل يتعذر في الأكثر فاقتصر على استدامة الحكم مراعاة لليسر.
الرابع: لو نوى قطع النية فيما فعله أو لا صحيح،
و ما فعله مع قطعها فاسد و لو جددها و أعاد ذلك القدر منضما إلى الأول صحت طهارته ما لم يطل الفصل فيخل بالموالاة، فإن اتفق ذلك بطل ما طهره و أعاد، أما في غسل الجنابة فيصح البناء مع تجديد النية و إكماله طال الفصل أو قصر لأن الموالاة لا تشترط فيه.
الخامس: لو شك في النية و هو في أثناء الطهارة استأنف
لأنها عبادة مشروطة بالنية و لم يتحقق.
السادس: ابتداء النية عند غسل اليدين للوضوء أمام غسل الوجه،
و يتضيّق إذا ابتدأ بغسل الوجه للوضوء، لان غسل اليدين للوضوء من أفعال الصلاة فجاز إيقاع النية عنده.
السابع: إذا نوى بطهارته رفع الحدث و التبرد صح،
لأنه فعل الواجب زيادة غير منافية[4].
الأول: النية، واجبة في الصلاة
لقوله تعالى وَ مٰا أُمِرُوا إِلّٰا لِيَعْبُدُوا اللّٰهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ و لا يتحقق الإخلاص من دون النيّة، و لأنها يمكن أن تقع على وجه غير مرادة فلا يختص بمراد الشارع إلا بالنية، و لما روي عن النبي صلّى اللّه عليه و آله «إنما الأعمال بالنيات» و ما روي عن الرضا عليه السّلام انه قال: «لا عمل إلا بالنية»
و الإخلاص هو نية التقرب، و محلها القلب، و لا اعتبار فيها باللسان، و لا يحتاج الى تكلفها لفظا أصلا، كذا ذكره الشيخ في المبسوط و الخلاف و قال بعض الشافعية: يستحب أن يضاف اللفظ، و قال آخرون منهم: يجب.
و قول الشيخ حسن، لأن الأفعال يفتقر في وقوعها على وجوهها إلى الإرادة و هي من فعل القلوب و لا أثر للفظ في اختصاص الفعل بوجه دون وجه فيسقط اعتباره عملا بالأصل، و هل هي جزء من الصلاة؟ أو شرط في صحتها؟ الأقرب انها شرط، لان الشرط هو ما يقف عليه تأثير المؤثر، أو ما يقف عليه صحة الفعل، و لأن أول الصلاة التكبير و النية مقارنة أو سابقة فلا يكون جزء.
و يشترط في نية الصلاة تعيين الفريضة و كونها فرضا أداء، كذا قال الشيخ (ره)، و قال ابن أبي هريرة، يكفي نية الظهر لان الظهر لا يكون الا فرضا، و قال المروزي: ينوي ظهرا فريضة.
لنا- جنس الفعل لا يستلزم وجوهه إلا بالنية، كل ما أمكن أن يقع على أكثر من وجه واحد افتقر اختصاصه بأحد الوجوه إلى النية فينوي الظهر ليتميز عن بقية
الصلوات، و الفرض ليتميز من إيقاعه ندبا كمن صلى منفردا ثمَّ أدرك الجماعة و كونها أداء ليتميز عن القضاء[5].
مسئلة: و يتعين استحضار النية مع التكبير
ناويا تكبير الصلاة، و قال أبو حنيفة: يجوز أن تتقدم على التكبير بالزمان اليسير و ليس بوجه، لأنه جزء من الصلاة و عبادة، و وقوع الفعل على ذلك الوجه موقوف على النية، و يستدام ليقع الافعال بعدها منوية، و يقتصر على استدامة حكمها لصعوبة استدامة النية نفسها، لما يعرض للإنسان من العوارض الصارفة عن استدامة النية دفعا للحرج[6].
فروع
الأول: قال في الخلاف: إذا دخل في صلاته ثمَّ نوى انه خارج منها
، أو سيخرج، أو تردد هل يخرج أم لا؟ لم تبطل صلاته، و به قال أبو حنيفة: و قال الشافعي: تبطل ثمَّ قال الشيخ: و يقوى في نفسي انها تبطل لأنه عمل بغير نية[7].
[1] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج1، ص: ۱۲
[2] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج1، ص: ۶۸-۶۹
[3] شرائع الإسلام في مسائل الحلال و الحرام؛ ج1، ص: ۱۶۸-۱۶۹
[4] المعتبر في شرح المختصر؛ ج1، ص: ۱۳۸-۱۴۰
[5] المعتبر في شرح المختصر؛ ج2، ص: ۱۴۹-۱۵۰
[6] المعتبر في شرح المختصر؛ ج2، ص: ۱۵۰
[7] المعتبر في شرح المختصر؛ ج2، ص: ۱۵۰