رفتن به محتوای اصلی

معلول و علّت

 ١.استحاله شرط متأخّر

عبارت مرحوم مظفر

أما في (شرط المأمور به) فإن مجرد كونه شرطا شرعيا للمأمور به لا مانع منه، لأنه ليس معناه إلا أخذه قيدا في المأمور به على أن تكون الحصة الخاصة من المأمور به هي المطلوبة. و كما يجوز ذلك في الأمر السابق و المقارن فإنه يجوز في اللاحق بلا فرق. نعم إذا رجع الشرط الشرعي إلى شرط واقعي كرجوع شرط الغسل الليلي للمستحاضة إلى أنه رافع للحدث في النهار فإنه يكون حينئذ واضح الاستحالة كالشرط الواقعي بلا فرق.

عبارت شرح

قوله (ره) (فإنه يكون حينئذ واضح الاستحالة ...).

اقول: الوضوء و الغسل رافعان للحدث و هذا مما لا اشكال فيه و انما الكلام في معنى ذلك فنقول يحتمل احتمالان.

الأول: ان الوضوء رافع تكويني للحدث الموجود خارجا في روح الانسان. فيكون الوضوء و الغسل علتين تكوينيتين لإعدام الموجود حقيقة و خارجا في روح الانسان. فهو بمنزلة التوبة التي تطهر قلب الانسان من الرجس تطهيرا واقعيا.

الاحتمال الثاني: ان الوضوء ليس علة تكوينيه و لا الحدث موجودا خارجيا و انما الحدثية حكم شرعي و يكون الوضوء رافعا اعتباريا لهذا الحكم الشرعي فيكون قولنا (الوضوء رافع للحدث) قانون اعتباري شرعي.

و اما على الاحتمال الأول فلا شك في استحالة ان يكون الوضوء و الغسل علة لوجود الطهارة قبلهما لوضوح استحالة تقدم‏ المعلول‏ على‏ العلة. كما يستحيل ان يكون النار يوم الخميس علة الاحراق الحاصل يوم الاربعاء.

و اما على الاحتمال الثاني فيكون (الوضوء رافع للحدث) حكم وضعي فيرجع البحث في جواز ان يكون الوضوء المتأخر رافعا للحدث المتقدم الى البحث في جواز الشرط المتأخر في الاحكام الوضعية اذ لا فرق بين الشرط المتأخر في الحكم الوضعي و بين الموضوع المتأخر كما يأتي بيانه.

فظهر ان حكم المصنف (ره) بوضوح استحالة ان يكون الوضوء رافعا للحدث المتقدم مبني على التمسك بالاحتمال الأول مع ان الانصاف ان الاحتمال الأول بعيد عن الواقع.[1]

٢. امتناع تقدم المعلول علی العله

اجازه عقد فضولی

 [ (مسألة ۹): الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي]

(مسألة ۹): الإجازة كاشفة عن صحة العقد الصادر من الفضولي من حين وقوعه، فتكشف عن ان المبيع كان ملكا للمشتري و الثمن ملكا للبائع من زمان وقوع العقد فكأن الإجازة وقعت حين العقد لا ان تكون ناقلة بمعنى: كونها شرطا لتأثير العقد من حين وقوعها و كأن العقد وقع حين الإجازة (74).

(۷۴) هذه احدى المسائل التي اضطربت فيها الأقوال و تشتت الاحتمالات‌ حتى صارت من المشكلات و العويصات عندهم منشأها إنه إن قلنا بحصول الملكية بالعقد قبل الإجازة يلزم تقدم المعلول على العلة و تأثير المعدوم- و هو الإجازة- في الموجود و هو الملكية. و إن قلنا بحصول الملكية بعد الإجازة و بعد الإنشاء بزمان يلزم تأخر المعلول عن العلة زمانا بعد صيرورة الإنشاء كالعدم، مع انه الأصل الأصيل في العقود كلها فضولية كانت أو غيرها، فكيف يؤثر مع العدم. و هذا الإشكال جعل الافهام صرعى و الأفكار حيارى فاختار كل مهربا فمن قائل بأن الشرط تعقب العقد للإجازة. و لا ريب في كونه خلاف ظواهر الأدلة و من قائل بالكشف الحقيقي المحض و يظهر ذلك من المشهور، و بعض الاخبار الخاصة كصحيح قيس عن أبي جعفر الباقر عليه السّلام: «قضى أمير المؤمنين عليه السّلام في وليدة باعها ابن سيدها و أبوها غائب فاستولدها الذي اشتراها فولدت منه فجاء سيدها فخاصم سيدها الآخر، فقال: وليدتي باعها ابني بغير إذني، فقال عليه السّلام: الحكم أن يأخذ وليدته و ابنها فناشده الذي اشتراها، فقال له:

خذ ابنه الذي باعك الوليدة حتى ينفذ البيع لك فلما رآه أبوه قال له: أرسل ابني قال لا و اللّه لا أرسل ابنك حتى ترسل ابني فلما رأى ذلك سيد الوليدة أجاز بيع ابنه» ، و يأتي دفع إشكال تقدم المعلول على العلة بناء عليه إن شاء اللّه.

و من قائل بالكشف عن الرضاء التقديري و هو مقارن. و لا دليل على كفاية أصل الرضاء التقديري حتى يكون الكشف عنه كافيا و كان جوابا عن الإشكال.

و من قائل بالكشف بنحو اللم أي: كشف العلة عن معلولها.

و فيه: إنه خلاف ظواهر الأدلة الشرعية و إن نسب إلى المشهور.

و من قائل بالكشف الانقلابي يعني أن الإجازة تقلب الواقع عما كان عليه فيجعله مؤثرا بعد ما لم يكن كذلك.

و فيه: انه خلاف ما اشتهر من أن الشي‌ء لا يتغير عما وقع عليه في الأمور الواقعية.

و من قائل بالكشف الحكمي لا الموضوعي و الكشف الحكمي عبارة‌ أخرى عن النقل الموضوعي مع ترتب الأثر من حين العقد يعني: أن بالإجازة يترتب حكم الملكية من حين حدوث العقد لا أن تكون الإجازة شرطا للملكية الحقيقية حتى يلزم تقدم المعلول على العلة هذه أقوالهم قدس سرّهم.

أقول: أولا: حق القول أن يقال الكشف أما حقيقي أو تنزيلي، و جميع ما ذكر من الأقسام داخل في القسم الثاني، فلا وجه لتكثير الأقسام بعد عدم ثمرة معتنى بها في التكثير

و ثانيا: أصل الإشكال الذي اضرهم للفرار عنه إلى التمسك بهذه الوجوه حصل من المغالطة بين الأمور التكوينية و الأمور الاعتبارية و جميع ما أثبتوه في فن المعقول من أحكام العلة و المعلول على فرض صحة بعضها إنما هو في التكوينيات فقط و لا تجري في الاعتباريات التي تقوم بها نظام البشر، و كذا الأحكام الشرعية التي هي أيضا من الاعتباريات الصحيحة العقلائية في جميع المذاهب و الأديان و لا ربط لعالم الاعتبار بعالم التكوين[2]

٣. استحاله المعلول بلا علّه

(فانقدح بذلك ايضا انه لا اشكال) و لا ريب (في الموارد التي يجب في الشريعة المقدمة (الاتيان بالمقدمة قبل زمان الواجب) كالمسير الى الحج لاداء المناسك (و كالغسل في الليل من شهر رمضان و غيره) من الموارد (مما وجب عليه) اي على المكلف (الصوم في الغد اذ يكشف به) اي بوجوب المقدمة (بطريق الإن) و هي استكشاف المعلول عن علته (عن سبق وجوب الواجب) مثلا يستكشف عن وجوب الغسل شرعا قبل الفجر وجوب الصوم بعده، (و انما المتأخر هو زمان اتيانه و لا محذور فيه اصلا) بل هو مما لا بد منه سواء قلنا بوجوب المقدمة ام لم نقل (و لو فرض العلم بعدم سبقه) اي بعدم سبق وجوب ذي المقدمة (لاستحال‏ اتصاف مقدمته بالوجوب الغيري) كعدم وجوب المسير الى الحج قبل الاستطاعة لعدم معقولية المعلول‏ بلا علة (فلو نهض دليل على وجوبها) يعني المقدمة مع ذلك (فلا محالة يكون وجوبها نفسيا) اذ لا واسطة بين الوجوب النفسي و الغيري، فاذا انتفى الثاني تعين الاول لا محالة غاية الامر ان مصلحته لا تلتزم ان تكون امرا وراء مصلحة ذي المقدمة، بل يكفي في ايجابها مصلحة ما (و لو) كانت (تهيئا) لذي المقدمة (ليتهيأ) المكلف (باتيانها) اي المقدمة (و ليستعد لايجاب ذي المقدمة عليه) في زمانه (فلا محذور ايضا).[3]

اجزاء

تصدير

لا شك في أن المكلف إذا فعل بما أمر به مولاه على الوجه المطلوب أي أتى بالمطلوب على طبق ما أمر به جامعا لجميع ما هو معتبر فيه من الأجزاء أو الشرائط شرعية أو عقلية فإن هذا الفعل منه يعتبر امتثالا لنفس ذلك الأمر سواء كان الأمر اختياريا واقعيا أو اضطراريا أو ظاهريا. و ليس في هذا خلاف أو يمكن أن يقع فيه الخلاف و كذا لا شك و لا خلاف في أن هذا الامتثال على تلك الصفة يجزئ و يكتفى به عن امتثال آخر لأن المكلف حسب الفرض قد جاء بما عليه من التكليف على الوجه المطلوب و كفى. و حينئذ يسقط الأمر الموجه إليه لأنه قد حصل بالفعل ما دعا إليه و انتهى أمده و يستحيل أن يبقى بعد حصول غرضه و ما كان قد دعا إليه لانتهاء أمد دعوته بحصول غايته الداعية إليه إلا إذا جوزنا المحال و هو حصول المعلول‏ بلا علة[4]

۴. استحاله توارد العلتین علی معلول واحد

وحدت موضوع علم

آیه الله خوئی

الجهة الأولى: استدلوا على توقف كل علم على موضوع بما برهنوا عليه في الفلسفة العالية من أن الواحد لا يصدر إلا عن الواحد، و إلا لزم توارد علتين‏ على‏ معلول‏ واحد، و طبقوه على المقام بدعوى: أن الغرض المترتب على كل علم غرض واحد، و يستحيل أن يكون معلولا لمسائله المتباينة بما هي متباينة، فلا بد و ان يكون بينها جهة جامعة، بها تكون مؤثرة فيه[5].

المتنجز لا یتنجز ثانیه

شیخ باقر ایروانی

و صياغة الشيخ العراقي قابلة للمناقشة إذ هي تبتني على قاعدة ان المنجز لا يتنجز ثانية.

و وجه القاعدة المذكورة: ان لازم التنجز ثانية اجتماع علتين‏ على‏ معلول‏ واحد، فالتنجز معلول واحد اجتمعت عليه علتان احداهما العلم الإجمالي و الاخرى هي العلم التفصيلي و نحوه، و اجتماع علتين‏ على‏ معلول‏ واحد أمر مستحيل.

هذا و يمكن مناقشة ذلك بان الابيض و ان كان لا يمكن ان يصير ابيض ثانية و الموجود لا يمكن ان يطرأ عليه الوجود ثانية إلا ان هذا صحيح في القضايا التكوينية كالبياض و الوجود و ليس بصحيح في القضايا الاعتبارية، و معلوم ان التنجز أمر اعتباري إذ هو عبارة اخرى عن ثبوت حق الطاعة للمولى، و من البين ان بالامكان ثبوت حق الطاعة للمولى في شي‏ء واحد من ناحيتين و يصير بذلك اكيدا و إلا فما ذا يقول الشيخ العراقي فيما لو كان عندنا اناء خمري وقعت فيه قطرات بول فهل يقول قدس سره ان التنجز الثابت في هذا تنجز من ناحية الخمر فقط دون البول؟ كلا، انه باطل جزما، فان من شرب الخمر المذكور خالف حرمتين و استحق عقابين جزما.[6]

۵. استحاله وجود ممکن بدون علّت

آخوند خراسانی

[الرد على القول بالمقدمة الموصلة]

و من هنا [قد][7] انقدح أن القول بالمقدمة الموصلة يستلزم إنكار وجوب المقدمة في غالب الواجبات و القول بوجوب خصوص العلة التامة في خصوص الواجبات التوليدية.

فإن قلت ما من واجب إلا و له علة تامة ضرورة استحالة وجود الممكن بدونها فالتخصيص بالواجبات التوليدية بلا مخصص.

قلت نعم و إن استحال صدور الممكن بلا علة إلا أن مبادي اختيار الفعل الاختياري من أجزاء علته و هي لا تكاد تتصف بالوجوب لعدم كونهابالاختيار و إلا لتسلسل كما هو واضح لمن تأمل[8]


[1] المقدمات و التنبيهات فى شرح أصول الفقه ؛ ج‏۳ ؛ ص۲۲۶-٢٢٧

[2] مهذب الأحكام (للسبزواري)؛ ج‌۱۶ ص: ۳۱۸-٣٢٠

[3] نهاية الوصول الى كفاية الأصول ؛ ص۳۴۶-٣۴٧

[4] أصول الفقه ( طبع اسماعيليان ) ؛ ج۱ ؛ ص۲۴۴

[5] دراسات في علم الأصول، ج۱، ص: ۹

[6] الحلقة الثالثة في اسلوبها الثانى ؛ ج۳ ؛ ص۲۸۱

[7] ( ۲) أثبتناها من« ب».

[8] كفاية الأصول ( طبع آل البيت ) ؛ ص۱۱۶