رفتن به محتوای اصلی

مقوّمات تکوینی؛ مقوّمات اعتباری

مقوّمات احرام

النظرية الاولى: إنّ الإحرام عبارة عن النيّة.

و هذه النظرية استفادها جملة من الفقهاء من عدم جعل الشيخ الطوسي رحمه الله التلبية ركناً في الحجّ في كتابيه الجمل و المبسوط على ما نسب إليه فيهما، ففي غاية المراد: «و ظاهر المبسوط و الجمل أنّ الإحرام بسيط، و هو عبارة عن النية؛ لأنّه لم يجعل التلبية ركناً، و لو كان لها مدخل في الإحرام لكانت جزءاً أو شرطاً، فيتحقّق الإخلال بالإحرام عند الإخلال بها»

و يمكن أن نستدلّ لهده النظرية ببعض الوجوه الفنية:

الوجه الثالث: و يتركّب من ثلاث مقدمات هي:

الاولى: أنّ الإحرام يمكن تجريده عمّا عدا النيّة في بعض الأحوال، و لا يمكن تجريده منها بحال.

الثانية: و كل ما لا يمكن تجريد الذات عنه بحال فهو مقوّم لها.

الثالثة: و حقيقة كل شي‌ء بمقوماته الذاتية.

فثبت أنّ النية وحدها حقيقة الإحرام.

…و لو فرضنا صحة كون ما لا ينفك عن الذات من مقوّماتها لم يتمّ إلّا في الامور الحقيقية ذات الوجود الخارجي، و أمّا الامور الاعتبارية الخاضعة لاعتبار المعتبر فليس لها ذات خارجية يمكن تجريدها ليقال بأنّ ما يبقى هو من مقوّمات تلك الذات.

نعم، يمكن أن يقال بأنّ لها حقيقة في افق نفس المعتبر و وعاء الاعتبار، و أنّ المقصود هو ما تتقوّم به تلك الحقيقة هناك.

لكن من الواضح أنّ الموجود في الامور الاعتبارية في ذلك الافق هو ما يكون داخلًا في اعتبار المعتبر و هو ما قد يتغيّر من حالة

لاخرى، فقد‌ يعتبر بعض الأجزاء و الشرائط في عبادة في بعض الحالات و لا يعتبرها في حالات اخرى، فالقيام من واجبات الصلاة في حال الاختيار و ليس كذلك في حال العجز و الاضطرار، و الجهر و الإخفات واجبان في الصلوات اليومية في صورة العلم و ليسا كذلك في صورة الجهل، و الركعتان الأخيرتان من الصلوات الرباعية واجبتان في حال الحضر و ليستا كذلك في حال السفر .. و هكذا.

و من هنا أمكن القول بأنّ لكل واحد من هذه الاعتبارات حقيقة مستقلّة في وعاء الاعتبار.

نعم، قد تنتزع من مجموع هذه الاعتبارات بعض الامور المشتركة، فتلحظ و يوضع لها عنوان جامع كعنوان الصلاة، ثمّ ترتّب عليه بعض الأحكام. لكن هذا العنوان له حقيقته و مقوماته الخاصة التي تختلف تماماً عن حقائق و مقومات كل فرد من أفراد الصلاة، كصلاة المسافر و الحاضر و العالم و الجاهل و القادر و العاجز و المضطر.

و الخلاصة أنّ الامور الاعتبارية قوامها باعتبارها لا بأي شي‌ء آخر، لذا فحقائقها في عالم الاعتبار تختلف كلّما اختلف المعتبر فيها، فلا يوجد فيها ما يقبل التجريد و ما لا يقبل ليعدَّ ما لا يقبل التجريد منها معبِّراً عن حقيقتها، فاستعمال هذه الطريقة فيما نحن فيه خلط بين الامور الحقيقية و الامور الاعتبارية[1].

شرط ثبوتی؛ شرط اعتباری

و بالجملة: قبل الخوض فيما هو مورد النظر إثباتاً، لا بأس بالإشارة إلىٰ نكتة ثبوتيّة: و هي أنّه ربّما يقال: بأنّ اشتراط أن لا يكون الشرط مخالفاً للكتاب، غير جائز ثبوتاً، و لأجله ترى في كلمات القوم (رحمهم اللّٰه) و متونهم، اعتبارَ اشتراط أن لا يكون الشرط مخالفاً للكتاب؛ و ذلك لامتناع تصوير المانعيّة في الأُمور الاعتباريّة و الموضوعات الاختراعيّة، بخلاف المسائل التكوينيّة؛ ضرورة أنّ الرطوبة تمنع عن تحقّق الإحراق، بخلاف الحرير، فإنّه لا يمنع عن تحقّق الصلاة بعد القول بالأعمّ، فلا بدّ و أن يرجع مانعيّة الحرير إلىٰ شرطيّة العدم؛ حتّى لا ينطبق المأمور به علىٰ المأتيّ به، فيكون فاسداً. 

و من الغريب ما ذهب إليه أخيراً الوالد المحقّق مدّ ظلّه من إمكانه بحسب المصالح و المفاسد، أو بحسب الادّعاء!! فإنّه غير خفيّة ممنوعيّته؛ ضرورة أنّ إطلاق الدليل متّبع، و سعة الموضوع له مورد النظر، و لا منع من الادّعاء شرعاً، إلّا أنّه لا دليل عليه، و لا يساعد عليه ظواهر المانعيّة مثلها كما لا يخفىٰ، و تفصيله في محلّه[2]. 

اصل مثبت

شیخ انصاری     

الأمر السادس [: عدم ترتب الآثار غير الشرعية على الاستصحاب و الدليل عليه‏]

قد عرفت أن معنى عدم نقض اليقين و المضي عليه، هو ترتيب آثار اليقين السابق الثابتة بواسطته للمتيقن، و وجوب ترتيب تلك الآثار من جانب الشارع لا يعقل إلا في الآثار الشرعية المجعولة من الشارع لذلك الشي‏ء؛ لأنها القابلة للجعل دون غيرها من الآثار العقلية و العادية. فالمعقول من حكم الشارع بحياة زيد و إيجابه ترتيب آثار الحياة في زمان الشك، هو حكمه بحرمة تزويج زوجته و التصرف في ماله، لا حكمه بنموه و نبات لحيته؛ لأن هذه غير قابلة لجعل الشارع.

نعم، لو وقع نفس النمو و نبات اللحية موردا للاستصحاب أو غيره من التنزيلات الشرعية أفاد ذلك جعل آثارهما الشرعية دون العقلية و العادية، لكن المفروض ورود الحياة موردا للاستصحاب.

و الحاصل: أن تنزيل الشارع المشكوك منزلة المتيقن- كسائر التنزيلات- إنما يفيد ترتيب الأحكام و الآثار الشرعية المحمولة على المتيقن السابق، فلا دلالة فيها[3] على جعل غيرها من الآثار العقلية

و العادية؛ لعدم قابليتها للجعل، و لا على جعل الآثار الشرعية المترتبة على تلك الآثار؛ لأنها ليست آثارا لنفس المتيقن، و لم يقع ذوها موردا لتنزيل الشارع حتى تترتب هي عليه.[4]

تقدیم قبول بر ایجاب

امام خمینی

تفصيل الشيخ في المقام و مناقشته

ثمّ لو بنينا على اعتبار القبول في حقيقة البيع، فقد فصّل الشيخ (رحمه اللّٰه) بين إنشاء القبول بمثل «اشتريت» أو «ابتعت» أو «ملكت» و نحوها، و بين إنشائه بمثل «قبلت» أو «رضيت» ممّا يدلّ على مطاوعة الفعل؛ بجواز التقديم في الأوّل  و عدمه في الثاني

و ذكر في وجه الجواز في الأوّل: أنّ الإنشاء بمثل ذلك ليس إلّا على نحو إنشاء البائع بقوله: «بعت»، فكما أنّ «بعت» من البائع نقل ماله إلى المشتري، كذلك «ابتعت» من المشتري؛ نقل مال البائع إلى نفسه، و كما يمكن تقديم «بعت» على «ابتعت» كذلك يمكن العكس.

و ذكر في وجه عدم الجواز في الثاني أمرين:

أحدهما: أنّ القبول مطاوعة الفعل، و المطاوعة لا تعقل إلّا مع تقديم الفعل عليه، و هذا كالكسر و الانكسار.

و ثانيهما: أنّ الأثر في المعاملة يحصل بالقبول، فلا بدّ من تأخيره، و إلّا لزم الانفكاك و حصول الأثر بعد الإيجاب

أقول: لو سلّمنا اعتبار القبول في المعاملة، فلا نسلّم اعتباره من خصوص المشتري؛ لعدم الدليل عليه، بل مع حصول إنشاء المعاملة من كلّ من الطرفين و قبول الآخر تتمّ حقيقتها، فعلى ذلك القسمُ الأوّل من القبول المذكور في كلامه (رحمه اللّٰه) خارج عن محلّ البحث، فإنّه ليس من تقديم القبول على الإيجاب، بل‌ من العكس، فإنّ معنى «ابتعت» كما ذكره هو (رحمه اللّٰه) ليس قبول البيع، بل نقل الملك عن الغير إلى نفسه، فلو قال البائع: «قبلت» يتمّ المطلوب، و قوله: «بعت» بعد ذلك، كقول المشتري: «ابتعت» بعد إيجاب البائع بمنزلة القبول، فليلتزم بخروج ذلك عن حريم النزاع.

و أمّا الوجهان لعدم الجواز في الثاني، ففي الأوّل منهما: أنّه خلط بين التكوين و الاعتبار، و كلامنا في الثاني، و أنّه مع قبول المشتري مثلًا قبل إنشاء البائع ما ينشئه بعد ذلك، هل يعتبر العقلاء تحقّق البيع أم لا؟ و أين هذا من الكسر و الانكسار؟! و أيّ مانع من قول المشتري: «بفروش قبول دارم»، ثم يقول البائع: «فروختم»؟! و أمّا الثاني منهما: فمصادرة، فإنّ لزوم حصول الأثر بالقبول في المعاملة متوقّف على لزوم تأخّر القبول عن الإيجاب، و هذا أوّل الكلام[5].

 تنجیز در معامله

قال قدس سره: «لا يخفى: أنّ بطلان العقد بالتعليق، ليس إلّا من جهة الإجماع، أو لعدم صدق عناوين المعاملات عليه، و إلّا فلا دليل من العقل و النقل على اعتبار التنجيز؛ و ذلك لأنّ ما يمتنع عقلًا هو التعليق في الإنشاء، فإنّ الإيجاد- سواء كان اعتبارياً، أو تكوينياً- يستحيل أن يعلّق على شي‌ء؛ أي كما لا يعقل أن يعلّق وقوع الضرب على أحد على كونه عدوّاً، فكذلك يستحيل أن‌ يكون إنشاؤه شيئاً و إخباره به، معلّقاً على شي‌ء؛ فإنّ إيجاد المعنى المقصود باللفظ، إمّا لا يحصل رأساً، و إمّا يحصل مطلقاً، فوقوع الإيجاد معلّقاً مرجعه إلى التناقض.

و بالجملة: فرق بين أن يكون المنشأ معلّقاً؛ بأن ينشئ البيع على تقدير كون اليوم يوم الجمعة، و أن يكون أصل إنشائه البيع معلّقاً، فإنّه لو كان كذلك لاستحال الإنشاء، فما هو محلّ الكلام التعليق في المنشأ، و صحّته لا تخفى على أحد، بل وقوعه في الأحكام الشرعية، و في العقود و الإيقاعات، كالوصية، و التدبير، و النذر، و أخويه ممّا لا إشكال فيه»

أقول: الفرق بينهما ثابت واضح؛ فإنّه يصحّ إنشاء البعث و إيجاده في مثل «اضرب» نحو الضرب معلّقاً على مجي‌ء زيد، و ليس المعلّق إلّا نفس الإنشاء؛ أي الإيجاد الاعتباري، و هو البعث بمعناه المصدري، و لذا لا بعث قبل المعلّق عليه؛ و ذلك لأنّه ليس في قول الآمر: «اضرب» إلّا لفظ، و إنشاء- و هو الإيجاد- و منشأ- و هو ما يوجد بالإيجاد- و لا إشكال في أنّ لفظه تكويني و آلة للإيجاد و البعث، و لا تعليق فيه، و لا إشكال في عدم البعث فعلًا قبل حصول الشرط، و إنّما كان البعث و التحريك بعد الشرط، فإنشاء البعث يكون معلّقاً؛ إذ لو لم يكن يلزم وجود البعث، فهو باللفظ يوجد البعث على فرض حصول شرطه في عالم الاعتبار، و لا إشكال عقلًا فيه؛ إذ الاعتبار غير التكوين، و لا يقاس عليه[6].

رابطه لفظ و معنی

مکارم شیرازی

و أما الدليل الثاني‏ فهو ما قد يقال من أن الألفاظ وجودات تنزيلية للمعاني و كأن المعنى يوجد بإيجاد اللفظ، و لذلك قالوا بأن للوجود أنواعا أربعة: وجودا خارجيا، و وجودا ذهنيا، و وجودا كتبيا، و وجودا لفظيا، فعد اللفظ أيضا من أنواع الوجود، و حيث لا يكون لحقيقة واحدة وجودان خارجيان، فكذلك لا يكون للفظ واحد معنيان.

و الجواب عنه: إن المراد من كون الألفاظ وجودات تنزيلية للمعاني تشبيه للألفاظ بالوجودات الخارجية، و يكون المقصود هاهنا أن وجود اللفظ علامة لوجود المعنى، و إلا لا إشكال في أن اللفظ و دلالته على معناه أمر اعتباري عقلائي و لا يقاس بالوجودات الحقيقية الخارجية، فإن هذا أيضا من الموارد التي وقع فيها الخلط بين المسائل اللغوية و المسائل الفلسفية، وعليه لا مانع من استعمال لفظ و إرادة معنيين.

و إن شئت قلت: سلمنا كون اللفظ وجودا تنزيليا للمعنى، و لكن أي مانع من تنزيل شي‏ء واحد منزلة الشيئين، فإن التنزيل أمر اعتباري و لا مانع من اجتماع امور اعتبارية عند استعمال لفظ واحد[7].

حجیت قطع

میرزا محمدحسن آشتیانی

فنقول لا إشكال في وجوب‏ متابعة القطع‏ و العمل عليه ما دام موجودا، لأنه بنفسه طريق إلى الواقع، و ليس طريقيته قابلة لجعل الشارع إثباتا أو نفيا (1).

______________________________
(۱) ما أفاده قدس سره من الواضحات التي لا ينبغي الارتياب فيها على وجه لا يحتاج إلى البيان، لأن كل معلوم الطريقية إنما يصير معلوما بالعلم، فلا محالة يكون معلومية العلم بذاته، فنسبته إلى معلوم الطريقية نسبة الوجود إلى الموجودات، و بعبارة أخرى طريقية كل شي‏ء و اعتباره ثبت بالعلم، فلا بد من أن يكون طريقا بذاته نظير الوجود للواجب و إن كان بينهما فرق في الذاتية، لأن‏
طريقيته بغيره محال ظاهر، و طريقيته بدليل علمي مستلزم للتسلسل، و ببالي أنه قد جرى ذكر ما ذكرنا في بعض كلمات الأساطين من أهل المعقول، فبعد ما فرض كون الطريقية لازما للعلم و واجبا له، فلا يعقل نفيه عنه و إلا لزم تخلف الذاتي، و بعبارة أخرى الحكم بالعدم إنما يتصور في الممكن لا الواجب، فلا يحتاج إذا للاستدلال لعدم قابلية التصرف نفيا بلزوم التناقض، هذا و ما عرفت من المسلمات عند الأصحاب، حتى أنه يظهر تصريحا و تلويحا من كلمات الشيخ في العدة فراجع كلماتهم عند التكلم في الأدلة القطعية كالتواتر و الإجماع و دليل العقل حتى القياس المفيد للقطع، فإنها تنادي بأعلى صوتها أن كلامهم فيها إنما هو في إثبات الصغرى في مقابل المنكر لحصول القطع منها، نعم هنا شبهة لجمع من أصحابنا الأخباريين في القطع الحاصل من المقدمات العقلية ليست ناظرة إلى نفي ما ذكر، كما ستقف عليه إن شاء الله تعالى.[8]

مال

و أفسد من ذلك التزامه؛ بأنّ حبّة من الحنطة، و كفّاً من التراب، مال بمقداره، و كذا كفّ من الماء في البحر؛ ضرورة أنّ المال ليس حيثيّة واقعيّة، حتّى يقال: إنّها قائمة بكلّ واحد من الحبّات، أو كلّ ذرّة من التراب و الماء، فلو لم تكن الحبّة مالًا، لا تكون الحبّات و لو بلغت ما بلغت مالًا؛ لأنّ ضمّ ما ليس بمال إلىٰ ما ليس بمال، لا يفيد الماليّة؛ فإنّ ذلك خلط بين التكوين و الاعتبار[9].

 متمّم جعل

شیخ عبدالنبی عراقی

 [القول بقاعدة متمم الجعل ابدا]

(منها) ان الماهيات المخترعة الشرعية اذا لوحظت بالقياس الى شرائطها و صارت مركبة معها تكون على القسمين قسم يتعلق العلم و الجهل بها و يقدر المكلف على ايجادها و تركها كان فى العالم امرا و لم يكن فهب كالصلاة و اخواتها من سائر العبادات فانه يعلم بانها مركبة و تنقسم الى كونها مع الطهارة او بدونها او مع التستر او بدونه الى غير ذلك من الانقسامات المتصورة و تسمى على حسب اصطلاحه قده بالانقسامات السابقة على الامر و قسم آخر يستحيل تعلق العلم و الجهل به او تقسيمها او ايجادها الا بعد الامر بها كداعى الامر و قصد الوجه و التميز و الاداء و القضاء و امثل هذه و بعده تنقسم بانها اما كذا و اما كذا و تسمى على اصطلاحه بالانقسامات اللاحقة على الامر حيث يستحيل التقسيم الا بعده ثم زعم استحالة اخذ تلك الامور اللاحقة فى متعلق الامر و ادراجها فى الانقسامات السابقة بداهة استحالة اخذ المعلول بل المعلول فى رتبة علته فكيف يؤخذ ما هو متأخر عنها برتبة او رتبتين فى رتبتها ثم زعم قده انه لو اخذت فيها لزم الدور فى تمام مراحل‏ الحكم بل غيره ايضا كالامتثال بل زعم انه وارد فى تمام معانى القربية على اختلاف انظارهم فيها فى المسألة التعبدية ثم زعم انه اذا لا يمكن اخذها فى متعلق الامر فلا يمكن عقلا تقييده بها و اذا لا يمكن التقييد فلا يمكن الاطلاق لان التقابل بينهما هو التقابل العدم و الملكة على زعمه كما سيأتى فسقط الخطاب عن الاطلاق و التقييد كلاهما لكن الاهمال الثبوتى بالنسبة الى تلك الامور ايضا محال عقلا لان تلك الامور اللاحقة فى نفس الامر و فى وعاء الثبوت إما لها جعل ام لا و اما لها وجوب على حذو سائر الاجزاء و الشرائط ام لا (فحينئذ) اذا كان الاهمال الثبوتى محالا فيجب على الشارع الحكيم من خطاب آخر و امر آخر يتكفل حالها و يسمى الخطاب الثانى على حسب اصطلاحه بمتمم الجعل (فحينئذ) فإن كانت واجبة بواسطته فيسمى عليه بنتيجة التقييد و ان بين عدم الوجوب فيسمى بنتيجة الاطلاق فبوجود الخطاب الثانى تتم المسألة و تفصل المخاصمة و تدفع المعضلة و على تشييد تلك القاعدة بنى عدة مهمة من المسائل الاصولية و الفقهية و اعترض على كلمات الاساطين قده فى مواقع عديدة و هوية تلك القاعدة و اركانها اربعة لزوم الدور و استحالة اهمال‏ الثبوتى و ان النسبة بين المطلق و المقيد هى العدم و الملكة و لزوم قصد الامر و امثاله فى العبادة بل ربما يحتاج الى متمم‏ الجعل‏ و لو لم يكن المجعول عبادة لانه على انحاء،

 هذا و لكنك خبير بما فيها من الخلل من جهات شتى حيث (اولا) ما ذا دعت نفسه الشريفة و اتعبها عن العدول من كلام الشيخ قده بان تصحيح العبادة لا يمكن إلا بالامرين حتى يكون الامر سهلا على حملة العلم بعد فهم كلامه حتى لا يحتاجون الى صرف العمر الشريف مدة مديدة فى معرفة ذلك الاصطلاح ثم بعد المعرفة يعرفون بانه كلام الشيخ قده الذى غير مقبول عند المحققين مع ان المتمم الجعل ايضا مما اصطلح عليه الكلباسى قده فى اشارته بل انه ايضا لم يرض به و يظهر منه انه كان قبله و (ثانيا) لا مشاحة فى الاصطلاح لكن من بظن بامكان خلو الواقعة عن حكم الله و يدعى عدم تمامية الادلة على استحالته او قلنا بامكانه فحينئذ كيف يدعى استحالة اهمال الثبوتى و لعل المقام قد اهمل فى حكمه و لن يجعل لها حكم اصلا[10]

 شهید صدر

الثاني: أن الإهمال في الحكم محال، بل هو إما مطلق أو مقيد، و قد استنتج ذلك في تعليقته على المجلد الأول من أجود التقريرات‏[11] من أن شوق المولى لا محالة إما أن يكون متعلقا بخصوص صدور الفعل من العالم مثلا أو بالمطلق، لا بقسم خاص.

و هذا الكلام منه خلط بين باب الشوق و باب الحكم.

توضيح ذلك: أن الحكم غير الشوق كما اعترف به السيد الأستاذ في إيراده على الشيخ الأعظم (قدس سره)، حيث استدل الشيخ الأعظم على رجوع قيد الهيئة إلى المادة بأن المولى إذا تصور شيئا فإما أن لا يشتاق إليه و لا كلام لنا في ذلك، أو يشتاق إليه، و على الثاني فإما أن يشتاق إلى مطلق ذاك الشي‏ء أو إلى حصة خاصة منه، فعلى‏ الأول يكون الحكم مطلقا، و على الثاني يكون الحكم مقيدا لكن القيد رجع إلى متعلق الاشتياق. و أورد على ذلك السيد الأستاذ بأن هذا الكلام لا يثبت المقصود من رجوع قيد الهيئة في الأحكام إلى المادة، لأن الحكم غير الشوق، و هذا التشقيق كان تشقيقا في الشوق.

فإذا بنينا على أن الحكم غير الشوق قلنا في المقام: إن استحالة الإهمال‏ بما هو إهمال في باب الشوق لا تقتضي استحالة الإهمال‏ بما هو إهمال في باب الحكم، ففي باب الشوق يكون الإهمال محالا في ذاته و لو فرض التقابل بين الإطلاق و التقييد تقابل التضاد بخلاف باب الحكم، فإن الشوق و الحكم كلاهما مشتركان في كونهما من موجودات عالم النفس، إلا أن الفرق بينهما أنه في باب الحكم يمكن أن يفرض الإهمال و عدم الإطلاق و التقييد و الالتزام بلازم ذلك من عدم الانطباق على ما في الخارج- بعد قطع النظر عن إشكال اللغوية- أما في باب الشوق فالانطباق على ما في الخارج ذاتي له، و لا يعقل تعلق الشوق بالصورة الذهنية إلا باعتبار انطباقها في نظر المشتاق على ما في الخارج، إذن فلا يعقل فيه الإهمال.[12]

 نصف  اعتباری؛ نصف حقیقی

و الفرض الثاني: ما إذا قلنا بظهوره في النصف من الحصّتين ظهوراً بحسب الإطلاق؛ أي يقتضي إطلاق الكلام ذلك.

و لعلّ منشأ دعوى الظهور في النصف من الحصّتين، مقايسة الأمر الاعتباريّ و الأقسام الاعتباريّة بالأقسام الخارجيّة التكوينيّة؛ حيث إنّ‌ النصف الخارجيّ مشترك بينهما، فتوهّم أنّ النصف كذلك و لو في الاعتباريّات و الأنصاف المعتبرة في المبيع خارجاً.

مع أنّ القياس مع الفارق؛ فإنّه في الخارج لا يكون نصف غير مشاع، بخلاف ما في الاعتبار؛ فإنّ نصف كلّ منهما لا يشاركه غيره، و لهذا لا يجوز التصرّف في الموجود الخارجيّ إلّا بإذن الشركاء، و تصحّ التصرّفات الاعتباريّة في النصف المختصّ بلا دخالة إذن شريكه.

فنقول: إنّ النصف الاعتباريّ الذي اعتبر في الدار الموجودة في الخارج، لا تعيّن له بوجه إلّا تعيّن كونه نصفاً، فتعيّن النصف من الحصّتين كسائر التعيّنات خارج عن حيطته.

و كيف كان: لو كان ظاهراً في الحصّتين، و الفرض عدم إرادته إلّا ذلك، فلا يمكن ذلك إلّا مع الغفلة عن الواقعة، و في مثله كما ذكرناه  لا تجري الأصول اللفظية و المقاميّة[13].

 ولایه شرعیه؛ ولایه تکوینیه

تنبيه:

قد عرفت في ابتداء مسألة ولاية الأب و الجدّ:  أنّ الأصل عدم ثبوت الولاية لأحد علىٰ الآخر، و عدم نفوذ تصرّفات أحد في سلطان الآخرين. قد خرجنا عنه حسب البناءات العقلائية المُمضاة في الطائفة الأُولىٰ و حسب الأدلّة العقليّة في الطائفة الثانية.

و حيث تحتاج تلك العقليات إلىٰ التأييد من ناحية النقليات، فلا بدّ من الإشارة إليها مع رعاية الاختصار. و قبل الورود فيها لا بأس بالإشارة إلىٰ أمر:

و هو أنّ هذه الولاية الكلّية التي أردنا إثباتها للحاكم الإسلامي و الفقيه الجامع للشرائط غير الولاية الكلّية الإلهية التي تحرّرت لرسول اللّٰه (صلّى اللّٰه عليه و آله و سلّم) و للأئمّة المعصومين (عليهم السّلام) و لفاطمة المعصومة‌ الزهراء عليها سلام اللّٰه تعالىٰ فإنّها طور آخر من الولاية، ربّما يرجع إلىٰ ما لا اذُن سمعت و لا عين رأت و لا خطر بقلب بشر، فلا ينبغي الخلط بين الأُمور التكوينية و الاعتبارية التشريعية[14].


[1] مجلة فقه أهل البيت عليهم السلام (بالعربية)؛ ج‌۲۸، ص: ۲۶۴-٢٧٣

[2] الخيارات (للسيد مصطفى الخميني)؛ ج‌۲، ص: ۴۷

[3] ( ۱) كذا في النسخ، و المناسب:« فيه»؛ لرجوع الضمير إلى تنزيل الشارع.

[4] فرائد الأصول ؛ ج‏۳ ؛ ص۲۳۳-٢٣۴

[5] كتاب البيع (تقريرات، للقديري)، ص: ۲۰۸-٢٠٩

[6] كتاب البيع (تقريرات، للخرم‌آبادى)؛ ص: ۳۲۱-٣٢٢

[7] انوار الأصول ؛ ج۱ ؛ ص۱۵۴-١۵۵

[8] بحر الفوائد فى شرح الفرائد ( طبع جديد ) ؛ ج‏۱ ؛ ص۲۱

[9] كتاب البيع (للإمام الخميني)؛ ج‌۳، ص: ۱۱

[10] التقريرات المسمى بالمحاكمات بين الأعلام ؛ ص۲۴-٢۵

[11] ( ۱) ص ۱۰۳

[12] مباحث الأصول ؛ ج‏۱ ؛ ص۴۱۹-۴٢٠

[13] كتاب البيع (للإمام الخميني)؛ ج۲، ص: ۵۷۲

[14] ولاية الفقيه (للسيد مصطفى الخميني)؛ ص: ۱۹-٢٠