اجبار محتکر بر بیع
صاحب جواهر
و كيف كان فقد قيل لا خلاف بين الأصحاب في أن الامام و من يقوم مقامه و لو عدول المسلمين يجبر المحتكر على البيع بل عن جماعة الإجماع عليه على القولين، و لعله لما سمعته من الأخبار السابقة، فلا يشكل ذلك بناء على الكراهة، لمنافاته قاعدة عدم جبر المسلم على ما لا يجب عليه لاحتمال اختصاص ذلك بالخروج عن القاعدة بالأدلة المزبورة المؤيدة، باقتضاء المصلحة العامة، و السياسة ذلك في كثير من الأزمنة و الأمكنة، و لو تعذر الإجبار قام الحاكم مقامه، بل ظاهر بعض قيامه مقامه مع عدم تعذر الإجبار خصوصا الامام و إن كان قد يناقش بأنه خلاف المأثور خصوصا مع فرض وجوب ما امتنع عنه بناء على الكراهة، و لو امتنع عن المعاوضة و طلب الصدقة أجيب إليها، و لو في حق من يدخله النقص بها، قيل و ليس له خيار المجلس، و لا خيار الحيوان، و له ذلك فيما عداهما، من ذوات الأسباب فيفسخ و يجدد العقد، و ليس له اشتراط الخيار أيضا، و لو بذل الطعام بعد إجراء الصيغة، و بعد التفرق فلا رد، و قبل أحدهما يكون الأمر إليه و فيه ما لا يخفى من المخالفة لإطلاق الأدلة، إلا مع فرض قصد الاحتيال بذلك إلى عدم البيع
التسعیر
نعم لا يسعر عليه في المشهور للأصل، و خبر ابن حمزة السابق ومرسل الفقيه «انه قيل للنبي صلى الله عليه و آله لو اسعرت لنا سعرا فإن الأسعار تزيد و تنقص فقال: ما كنت لا لقي الله تعالى ببدعة لم يحدث إلى فيها شيء فدعوا عباد الله تعالى، يأكل بعضهم من بعض، فإذا استنصحتم فانصحوا»
مؤيدا بما ورد في جملة من النصوص من «أن الله عز و جل وكل بالأسعار ملكا يدبرها»
و في بعضها «فلن تغلو من قلة و لم ترخص من كثرة»،
و في آخر «علامة رضي الله عز و جل في خلقه عدل سلطانهم و رخص أسعارهم، و علامة غضب الله تبارك و تعالى على خلقه جور سلطانهم و غلاء أسعارهم».
رد سعر المحتکر
نعم لا يبعد رده مع الإجحاف كما عن ابن حمزة و الفاضل في المختلف، و ثاني الشهيدين و غيرهم لنفي الضرر و الضرار و لأنه لولا ذلك لانتفت فائدة الإجبار، إذ يجوز أن يطلب في ماله ما لا يقدر على بذله، و يضر بحال الناس و الغرض رفع الضرر، و ليس ذلك من التسعير، و لذا تركه الأكثر فما عن بعضهم من عدم جواز ذلك، أيضا للإطلاق و صحيح ابن سنان «عن أبي عبد الله عليه السلام أنه قال:في تجار قدموا أرضا اشتركوا على أن لا يبيعوا بيعهم إلا بما أحبوا قال:لا بأس»
و قوله في خبر حذيفة «فبعه كيف شئت» واضح الضعف ضرورة تقييد الإطلاق بما عرفت، مما هو أقوى منه و خروج الصحيح عما نحن فيه، و الاذن بالبيع كيف يشاء محمول على ما هو الغالب من عدم اقتراح المجحف، كما أن ما عن المفيد من ان للسلطان ان يسعرها على ما يراه من المصلحة و لا يسعرها بما يخسر أربابها فيها، و هو الذي أشار إليه المصنف بقوله و قيل يسعر واضح الضعف أيضا، بعد الإحاطة بما ذكرنا و منه يعلم أن الأول أظهر مع التقييد الذي قدمناه اللهم إلا أن يريد مع الامتناع عن التسعير، فان المتجه حينئذ قيام الحاكم مثلا مقامه في ذلك، إن لم يمكن جبره عليه أو مطلقا و كذا لو طلب حبسا من الثمن لا وجود له امتحانا، و كذا لو قال لا أبيعه إلا لموسر يشتريه مني جملة، و يدفع الثمن إلى قبل أن يبيع و لم يوجد شخص هكذا إلى غير ذلك مما ينافي حكمه الجبر و فائدته.
و ينبغي تقديم شديد الحاجة على غيره في البيع، بل قد يجب مع الاضطرار، و إن صح البيع مع المخالفة، و لو كان المحتكر مجتهد أجبره المجتهد الأخر، و إن كان مفضولا فان لم يكن فعدول مقلديه فضلا عن مقلدي غيره، و الله هو العالم بحقيقة أحكامه[1]
[1] جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام؛ ج۲۲، ص: ۴۸۵-۴٨٧
بدون نظر