رفتن به محتوای اصلی

ج) اغراض کلیه در تشریع

ما یتعلق غرض الشارع بعدم وجوده

سید بحرالعلوم

مصباح [۳۱] [في حكم منع الصبيّ من مسّ كتابة القرآن‌] اختلف الأصحاب في منع الصبيّ من مسّ كتابة القرآن. فظاهر المبسوط التوقّف في ذلك مع قوله بكراهة المسّ  و مع ذلك فالقول بالمنع ليس بعيداً عن الصواب؛ إذ من المحتمل قويّاً أن يكون الوجه في المنع من مسّ كتابة القرآن صونه عن ملاقاة المحدث، فيدلّ على وجوب المنع و الامتناع.

و نظيره من هذا الباب منع الصبيّ عن اللعب بالمصحف، و عن إصابته بالنجاسة المتعدّية، و كلّ ما يؤدّي إلى الاستخفاف و الاستهان بما يجب تعظيمه، قرآناً كان أو غيره. و من غيره: منعه من مثل قتل النفس، و السرقة، و الزنا، و اللواط، و ما أشبهها.

و مثله وجوب تنبيه الغافل و منعه إذا أراد شيئاً يلحقه به ضررٌ في النفس، أو المال، أو العرض، و كذا وجوب رفع أذى الحيوانات، كالسبع الضاري، و الكلب العقور، و الدابّة الصائلة، مع انتفاء التكليف في الجميع.

و الضابط في ذلك: وجوب المنع و الدفع في كلّ ما علم أنّ غرض الشارع عدم دخول مثله في الوجود من دون أن يكون للتكليف دخل في مصلحة الترك، فإنّ كلّ ما كان كذلك فالواجب فيه المنع، سواء كان الفاعل مكلّفاً أم لا، إنساناً أو حيواناً[1].

شیخ جعفر کاشف الغطاء

و في تفصيله عند الفقهاء خلاف فمنها ما ذكره هنا موافقاً لجمع من الفقهاء من إنّه (و هو كلام يتكلم به أو يكتبه أو رقية أو يعمل شيئاً يؤثر في بدن المسحور) أي متعلق العمل المعلوم (أو قلبه أو عقله من غير مباشرة) مع إضافة الأقسام و العزائم في بعض، و استخدام الجنّ و الملائكة و استنزال الشياطين في كشف الغائبات و علاج المصاب و إحضارهم و تلبّسهم ببدن صبيّ أو امرأة و كشف الغائبات على لسانه من بعض آخر و عقد الرجل من زوجته في الوطء و إلقاء البغضاء بينهما من آخر و في المنتهى هي إن جمع الجنّ من الخرافات.

و منها أنه عمل يستفاد منه ملَكَةً نفسانية يقتدر بها على أفعال غريبة بأسباب خفية.

و منها أنها استحداث الخوارق بمجرد التأثيرات النفسانية قال و أما الاستعانة بالفلكيات فهي دعوة الكواكب و بتمزيج القوى السماويّة بالأرضية الطلسمات و بالاستعانة بالأرواح الساذجة العزائم و بخواص الأقسام السفلية علم الخواص و بالنسب الرياضية علم الحيل و جرّ الأثقال و جميع التعاريف لا يخلو من خلل لأخذ و عقد الرجل عن زوجته في الثالثة من آثاره لا منه و كيف كان فالظاهر أنه لا يرجع بعد هذا الاختلاف الشديد بحسب التقدير إلّا إلى العرف العام على نحو ما مرّ في الغناء من الكلام، و محصوله أنه عبارة عن إيجاد شي‌ء تترتب عليه آثار غريبة و أحوال عجيبة بالنسبة إلى العادات بحيث تشبه الكرامات و توهم أنها من المعاجز المثبتة للنبوات من غير استناد إلى الشرعيات بحروز أو أسماء أو دعوات أو نحوها من المأثورات، و أما ما أخذ من الشرع كالعوذ و الهياكل و بعض الطلسمات فليست منه بل هي بعيدة عنه و كان غرض الشارع المنع من التدليس و التلبيس في الأسباب على نحو منعه من التدليس في المسببات، و إن حدوث الأفعال من غير سبب بيّن‌ مخصوص بربِّ العالمين. و عند الاشتباه في الدخول تحت الموضوع يرجع الفقيه إلى أصله[2]

خامسها: أنّه لا يجب تنبيه النائمين، أو الغافلين بعد العلم، أو الجاهلين بالموضوع على الأحداث

و إن أرادوا الدخول في الصلوات المفروضات أو المسنونات، إلا في عبادة ميّت قد استأجر عليها الولي أو الوصي، أو التزام المولى بحمل عبده على عبادة بملزم من نذر و نحوه، و نحو ذلك، فإنّه يلزمه التنبيه في باب الحدث و نحوه من الشرائط الوجوديّة.

و سوى ما يرجع إلى التعظيم كمسّ القرآن، و دخول المحترمات في بعض المقامات في وجه قويّ.

و يجري في سائر التكاليف سوى ما يتعلّق بالأعراض و الدماء و ما يلتحق بها ممّا تعلّق‌ غرض الشارع بسلب الوجود عنها، و إن لم يتعلّق الخطاب بها، و في الأموال بحث[3].

ما تعلق غرض الشارع بحسم مادتها

سید علی قزوینی

المسألة الثانية: فيما لو كان لمكسورها قيمة كما لو كانت متّخذة من ذهب أو فضّة أو صفر أو رصاص أو نحوه، ففي جواز بيعها حينئذٍ و العدم قولان، بل أقوال ثلاث:

المنع مطلقاً نسبه في المسالك إلى الأكثر، و الجواز و هو خيرة السيّد في الرياض  و قبله صاحب الحدائق و قبلهما صاحب الكفاية  على ما حكي عنهما، و الجواز بشرط زوال الصفة قوّاه في التذكرة حكاه في المسالك و استحسنه قال: «و لو كان لمكسورها قيمة و باعها صحيحة ليكسر و كان المشتري ممّن يوثق بديانته، ففي جواز بيعها حينئذٍ وجهان، و قوّى في التذكرة جوازه مع زوال الصفة، و هو حسن، و الأكثر أطلقوا المنع» انتهى.

و ظاهر العبارة وفاقهم على المنع فيما لم يشرط البائع على المشتري كسرها و لا قصده و المشتري إيّاه حين العقد، و هل المعتبر في محلّ الخلاف قصد الكسر منهما و ان لم يصرّحا بالشرط و الاشتراط، أو شرط الكسر على المشتري و لا يكفي مجرّد القصد في الجواز؟ يحتملهما العبارة كعبارة غيره، و إنّما اعتبروا كون المشتري موثوقاً بديانته لأنّ المسوّغ للبيع عند قائليه أو محتمليه ليس مطلق قصد الكسر أو شرطه بل ما يستتبع منهما حصول الكسر في الخارج، و المشتري إذا كان موثوقاً بديانته فبمقتضى ديانته يكسرها لا محالة.

و المراد بالصفة في كلام العلّامة الشارط لزوالها في الجواز ليس هو الهيئة كما قد يتوهّم فيورد عليه بأنّ زوال الهيئة لا يتأتّى إلّا بالكسر و الجواز معه واضح و خارج عن محلّ النزاع، بل أمر معنوي يدور عليه ما يقصد من الهيئة من اللهو و المقامرة، و كأنّ نظره في اعتبار هذا الشرط إلى أنّ قصد الكسر و شرطه مع بقاء الصفة لا يجوّز البيع و إن كان المشتري موثوقاً به، بل المجوّز له هو زوال الصفة إذ معه لا يتمشّى منه الفعل المحرّم و المفسدة الّتي تعلّق غرض الشارع بحسم مادّتها، و إنّما اعتبر في محلّ الجواز عند قائليه وجود القيمة لمكسورتها تخلّصاً عن لزوم كون البيع و الشراء من المعاملة السفهيّة[4].

غرض شارع از عبادات و معاملات

شیخ موسی کاشف الغطاء

ثمّ ان افعال العقلاء لا بد لها من داعي يكون هو المحرك على ايجادها، و غاية و غرض هو الباعث على ايقاعها و الا فهي سفه و عبث ملحقة بالأفعال الغير الاختيارية و لا يترتب عليها اثر و ليست مورد للأحكام الشرعية أو داخلة تحت خطاباتها و الغرض أما ان يكون من الثمرات الدنيوية أو مجرد العبودية، و الطاعة المترتبة عليها الثمرات الأخروية و هو في الاحكام الشرعية تابع للغايات التي أعدها الشارع و الثمرات التي من اجلها شرع ذلك و حكم بها فما كان غرض الشارع فيه الاول فهو من المعاملات و ما كان الثاني فهو من العبادات فلا بد للموجد للعبادة و الموقع للمعاملة ان يكون غرضه في ايجادها[5].

اصاله الصحه

سید علی قزوینی

و أمّا الثاني و هو سيرة المسلمين، فلا ينبغي الاسترابة في حصوله في جميع الأعصار و الأمصار، لقيام السيرة المستمرّة من قديم الزمان بحمل الأعمال في العبادات و المعاملات- من البيوع و الأنكحة و سائر العقود و الإيقاعات- و غيرها من تطهير المتنجّسات و إزالة النجاسات و تزكية الحيوانات على الصحيح و ترتّب آثار الصحّة، كما يعلم ذلك بملاحظة طريقتهم في أئمّة الجماعات، و عمل النائب في الحجّ و الزيارات، و الأجير في الصوم و الصلاة و سائر العبادات، و الوكيل في البيوع و الأنكحة و سائر العقود و الإيقاعات، و المباشر في الواجبات التوصليّة و غيرها ممّا يتعلّق بالأموات، فهي من الوضوح بمثابة لا مجال لأحد إلى إنكاره، إلّا إذا كان مكابرا، و لا سبيل لأحد إلى المناقشة في مقدّماتها التي بها تكشف عن رأي المعصوم و رضاه، و هي كما ترى أقوى من الإجماع القولي بمراتب شتّى.

و أمّا العقل: فهو مستقلّ في الحكم، بأنّه لو لا حمل الأعمال على الصحّة و ترتّب الآثار لاختلّ نظام العالم و انهدم أساس عيش بني آدم، إذ أقلّ ما يصدر من الإنسان من الأعمال فعله في مقام تطهير المتنجسات و إزالة النجاسات، فيلزم من ترك العلم بالأصل فيها سدّ باب المباشرة بالمرّة، و هو ممّا لا يجوّزه العقل، لمنافاته غرض الشارع، بل يلزم اختلال الأسواق و غيرها من المعاملات من أبواب العقود و الإيقاعات، إذ قلّ ما يتّفق من مسلم عقد أو إيقاع من البيع و الصلح و الإجارة و النكاح و الطلاق و العتق و غيره ما لا يحتمل فيه الفساد، لاحتمال الاختلال في الشرائط إيجابا و قبولا، عمدا أو سهوا، علما أو جهلا، فيلزم من ترك العمل بالأصل فيها سدّ باب المعاملات و البيوع و الأنكحة و العقود و الإيقاعات بالمرّة، و هو ضروريّ البطلان عقلا، و قد وقع الإشارة إلى ذلك في رواية حفص المتقدّمة الواردة في اليد[6].


[1] مصابيح الأحكام؛ ج‌۲، ص:١٢٩- ١٣١

[2] شرح الشيخ جعفر على قواعد العلامة ابن المطهر؛ ص: ۵۹-۶١ 

[3] كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء (ط - الحديثة)؛ ج‌2، ص: ۱۲۴-١٢۵

[4] ينابيع الأحكام في معرفة الحلال و الحرام؛ ج‌۲، ص: ۱۴۱-١۴٢

[5] منية الراغب في شرح بلغة الطالب؛ ص: ۱۷۰

[6] رسالة في قاعدة «حمل فعل المسلم على الصحة»؛ ص: ۲۸۲