شیخ مفید:
و من كان جالسا على حال الوضوء لم يفرغ منه فعرض له ظن أنه قد أحدث ما ينقض وضوئه أو توهم أنه قدم مؤخرا منه أو أخر مقدما منه وجب عليه إعادة الوضوء من أوله ليقوم من مجلسه و قد فرغ من وضوئه على يقين لسلامته من الفساد.
فإن عرض له شك فيه بعد فراغه منه و قيامه من مكانه لم يلتفت إلى ذلك و قضى باليقين عليه.
فإن تيقن أنه قد انتقض بحادث يفسد الطهارة أو بتقديم مؤخر أو تأخير مقدم أعاد الوضوء من أوله على الاستئناف.
فإن تيقن أنه قد تطهر و تيقن أنه قد أحدث و لم يعلم أيهما سبق صاحبه وجب عليه الوضوء ليزول الشك عنه فيه و يدخل في صلاته على يقين من الطهارة.
و من كان على يقين من الطهارة و شك في انتقاضها فليعمل على يقينه و لا يلتفت إلى الشك و ليس عليه طهارة إلا أن يتيقن الحدث.
و كذلك إن كان على يقين من الحدث و شك في الطهارة فالواجب عليه استئناف الطهارة ليحصل له اليقين بها و لا يجزيه صلاة مع شك في الطهارة لها فينبغي أن يعرف هذا الباب ليكون العمل عليه[1]
شرح کلام مفید در کلام شیخ طوسی
قال الشيخ أيده الله تعالى و من كان جالسا على حال الوضوء و لم يفرغ منه فعرض له ظن أنه قد أحدث ما ينقض وضوءه أو توهم أنه قدم مؤخرا منه أو أخر مقدما منه وجب عليه إعادة الوضوء من أوله ليقوم من مجلسه و قد فرغ من وضوئه على يقين لسلامته من الفساد فإن عرض له شك فيه بعد فراغه منه و قيامه من مكانه لم يلتفت إلى ذلك و قضى باليقين عليه فإن تيقن أنه قد انتقض بحادث يفسد الطهارة أو بتقديم مؤخر أو تأخير مقدم أعاد الوضوء من أوله.
يدل على ذلك
261- 110- ما أخبرني به الشيخ أيده الله عن أحمد بن محمد عن أبيه عن أحمد بن إدريس و سعد بن عبد الله عن أحمد بن محمد عن الحسين بن سعيد عن حماد و محمد بن يعقوب عن علي بن إبراهيم عن أبيه و محمد بن إسماعيل عن الفضل بن شاذان جميعا عن حماد عن حريز عن زرارة عن أبي جعفر ع قال: إذا كنت قاعدا على وضوئك فلم تدر أ غسلت ذراعيك أم لا فأعد عليهما و على جميع ما شككت فيه أنك لم تغسله أو تمسحه مما سمى الله ما دمت في حال الوضوء فإذا قمت عن الوضوء و فرغت منه و قد صرت في حال أخرى في الصلاة أو في غيرها فشككت في بعض ما قد سمى الله مما أوجب الله عليك فيه وضوءه لا شيء عليك فيه فإن شككت في مسح رأسك فأصبت في لحيتك بللا فامسح بها عليه و على ظهر قدميك فإن لم تصب بللا فلا تنقض الوضوء بالشك و امض في صلاتك و إن تيقنت أنك لم تتم وضوءك فأعد على ما تركت يقينا حتى تأتي على الوضوء قال حماد قال حريز قال زرارة قلت له رجل ترك بعض ذراعه أو بعض جسده من غسل الجنابة فقال إذا شك و كانت به بلة و هو في صلاته مسح بها عليه و إن كان استيقن رجع فأعاد عليهما ما لم يصب بلة فإن دخله الشك و قد دخل في صلاته فليمض في صلاته و لا شيء عليه و إن استيقن رجع فأعاد عليه الماء و إن رآه و به بلة مسح عليه و أعاد الصلاة باستيقان و إن كان شاكا فليس عليه في شكه شيء فليمض في صلاته[2].
شیخ طوسی
فإن شكّ في الوضوء، و هو جالس على حال الوضوء لم يفرغ منه، وجب عليه استيناف الوضوء. فإن شكّ في الوضوء بعد انصرافه من حال الوضوء، لم يلتفت الى الشّك، و بنى على الوضوء، لأنّه ليس من العادة أن ينصرف الإنسان من حال الوضوء، إلّا بعد الفراغ من استيفائه على الكمال.
و من ترك عضوا من أعضاء الطّهارة متعمّدا أو ناسيا و صلّى ثمَّ ذكر، وجب عليه إعادة الوضوء و الصّلاة. و من شكّ في غسل الوجه و قد غسل اليدين، وجب عليه غسل الوجه ثمَّ غسل اليدين فإن شكّ في غسل اليدين و قد مسح برأسه، رجع، فغسل يديه، ثمَّ مسح برأسه فإن شكّ في مسح رأسه و قد مسح رجليه، رجع، فمسح رأسه، ثمَّ رجليه بما بقي في يديه من النّداوة. فإن لم يبق فيهما نداوة أخذ من أطراف لحيته أو من حاجبه أو من أشفار عينيه، و مسح برأسه و رجليه. فإن لم يبق في شيء من ذلك نداوة، وجب عليه إعادة الوضوء. فإن انصرف من حال الوضوء و قد شكّ في شيء من ذلك، لم يلتفت اليه، و مضى على يقينه[3].
ابن زهره
و لا يجوز الصلاة إلا بطهارة متيقنة، فإن شك و هو جالس في شيء من واجبات الوضوء، استأنف ما شك فيه، فإن نهض متيقنا لتكامله، لم يلتفت إلى شك يحدث له، لأن اليقين لا يترك للشك[4].
ابن ادریس
و من عرض له- و هو في حال الوضوء لم يخرج عنه- شك في أنّه ترك بعض أعضائه أو قدّم مؤخّرا أو أخّر مقدّما، وجب عليه أن يعيد الوضوء من أوله حتى يكون على يقين من كمال طهارته، إلا أن يكثر ذلك منه و يتواتر فلا يلتفت إليه، و يمضي فيما أخذ فيه.
فإن كان الشك العارض بعد فراغه و انصرافه من مغتسله و موضعه لم يحفل بالشك و ألغاه، لأنّه لم يخرج عن حال الطهارة إلا على يقين من كمالها، و ليس ينقض الشك اليقين، اللهم إلا ان يتيقن و يذكر أنّه أهمل شيئا أو قدم مؤخّرا أو أخّر مقدّما فيكون الحكم على ما قدّمناه.
و قد قال بعض أصحابنا في كتاب له، أنّه ليس من العادة أن ينصرف الإنسان من حال الوضوء إلا بعد الفراغ من استيفائه على الكمال، و هذا غير واضح، إلا أنّه رجع في آخر الباب و يقول: إن انصرف من حال الوضوء و قد شك في شيء من ذلك، لم يلتفت إليه و مضى على يقينه، و هذا القول أوضح و أبين في الاستدلال[5].
محقق حلی
قوله رحمه الله: «فان انصرف من حال الوضوء، و قد شك في شيء من ذلك، لم يلتفت إليه، و مضى على يقينه».
كيف يشك، و يكون له يقين؟ فلو تيقن شيئا، لما جاز له أن يعمل على غيره.
الجواب: يريد به إذا انصرف متيقنا طهارته لم يؤثر ما يعرض من الشك بعد ذلك، فيكون اليقين سابقا، ثمَّ يتجدد الشك في وقت آخر[6].
مؤمن قمی
من شكّ في شيء من واجبات الوضوء و هو جالس استأنف ما شكّ فيه، فان نهض متيقنا لتكامله لم يلتفت إليه، لأنّ اليقين لا يترك بالشكّ.
محقق سبزواری
قال المفيد في المقنعة و من كان جالسا على حال الوضوء لم يفرغ منه إلى أن قال وجب عليه إعادة الوضوء من أوّله ليقوم من مجلسه و قد فرغ من وضوئه على يقين فإن عرض له شك فيه بعد فراغه منه و قيامه من مكانه لم يلتفت إلى ذلك و قضى باليقين عليه و قال الشيخ في النّهاية فإن شك في الوضوء و هو جالس على حال الوضوء لم يفرغ منه وجب عليه استيناف الوضوء فإن شك في شيء بعد انصرافه من حال الوضوء لم يلتفت إلى الشك و بنى على الوضوء ثم قال و من شك في غسل الوجه و ساق الكلام إلى أن قال فإن شك في مسح رأسه و قد مسح رجليه رجع يمسح برأسه ثم رجليه بما بقي في يديه إلى أن قال فإن لم يبق من ذلك نداوة وجب عليه إعادة الوضوء فإن انصرف من حال الوضوء و قد شك في شيء من ذلك لم يلتفت إليه و مضى على يقينه
و لعلّ مراده بحال الوضوء الحال التي كان في وقت الوضوء عليها و يحتدي على ذلك كلامه رحمه اللّٰه في المبسوط و عد ابن زهرة ممّا يوجب إعادة الوضوء الشك في الوضوء و هو جالس عليه و مما لا يوجب الإعادة الشك فيه بعد ما قام عنه و الشك في غسل عضو كذلك و قال ابن زهرة و لا تجوز الصّلاة إلا بطهارة متيقنة فإن شك و هو جالس في شيء من واجبات الوضوء و استأنف ما شك فيه فإن نهض متيقنا لتكامله لم يلتفت إلى شك يحدث له و قال ابن إدريس و من عرض له و هو في حال الوضوء لم يخرج عنه شك إلى أن قال فإن كان الشك العارض بعد فراغه و انصرافه من مغتسله و موضعه لم يحمل الشك و ألقاه لأنه لا يخرج عن حد الطهارة إلا على يقين من كمالها و ليس ينقض الشك اليقين
و قال الشهيد في الذكرى بعد نقل خبر زرارة السابقة و ذكر القيام و القعود تبين الحال نعم لو طال القعود فالظاهر التحاقه بالقيام و قال في الدروس و لو انتقل عن محله و لو تقديرا لم يلتفت و كأنه أراد بالانتقال التقديري الجلوس الطويل
فظهر بما ذكرنا أن الإجماع الذي يفهم من كلام الشهيد الثاني و صاحب المدارك محل النظر و كأن الشهيد الثاني استشعر بذلك فقال في شرح هذا الكتاب بعد نقله لخبر زرارة السّالفة و هذه الرواية كما يحتمل أن يريد بحاله حال الوضوء كما قلناه أولا يحتمل أن يراد به حال المتوضي فيعود الضمير إلى الفاعل المضمر في قوله و لو شك فعلى هذا يرجع ما دام على حاله التي توضأ عليها و إن فرغ من أفعال الوضوء
لكن يرجح الأول ما رواه عبد اللّٰه بن أبي يعفور و نقل الرواية السّالفة و التحقيق أنه إن فرغ من الوضوء متيقنا للإكمال ثم عرض له الشك فالظاهر عدم وجوب إعادة شيء لقوله ع في صحيحة زرارة لا تنقض اليقين أبدا بالشك و خبر ابن بكير السالف و لبعض الأخبار السّالفة في هذه المسألة
لكن الاستدلال بصحيحة زرارة و موثقة ابن بكير إنّما يتم إذا كان المراد باليقين الجزم أما لو اعتبر فيه الثبات و المطابقة فلا و إن شك بعد ما كان فارغا و لم يعلم هل حصل اليقين بالإكمال أولا أم لا فإن قام من مكانه و اشتغل بشيء آخر فكذلك للأخبار السّالفة و إن كان جالسا على حالته الأول فمقتضى كلام من أشرنا إليهم من المتأخرين أنه كذلك[7]
کاشف الغطاء
و لو سبق العلم بتقدّم شيء أو تاخّره ثمّ طرأ الشكّ غير متذكّر لسبب العلم بنى على علمه على إشكال. و إن ذكر سببه، و رأى أنّه غير قابل لترتّب العلم فلا بناء عليه؛ لأنّ المراد بعدم نقض اليقين بالشكّ عدم النقض بالشكّ الطاري بعده بقسميه ما اقترن بسبب الاستدامة و غيره دون الطاري عليه[8]
[1] المقنعة (للشيخ المفيد)؛ ص: ۴۹-۵٠
[2] تهذيب الأحكام؛ ج1، ص: ۱۰۰-١٠١
[3] النهاية في مجرد الفقه و الفتاوى؛ ص: ۱۷-١٨
[4] غنية النزوع إلى علمي الأصول و الفروع؛ ص: ۶۱
[5] السرائر الحاوي لتحرير الفتاوى؛ ج1، ص: ۱۰۴
[6] نكت النهاية؛ ج۱1، ص: ۲۲۵
[7] ذخيرة المعاد في شرح الإرشاد؛ ج1، ص: ۴۴-۴۵
[8] كشف الغطاء عن مبهمات الشريعة الغراء (ط - الحديثة)؛ ج۲، ص: ۱۰۳
بدون نظر