القراءات فى تلخيص البيان
يلاحظ المتأمل عند أدنى نظر إلى هذا الكتاب أن الشريف الرضى يورد كثيرا من الآيات على قراءات غير القراءة فى المصحف الذي بين أيدينا. و هى قراءات صحيحة غير شاذة، لأنها للأئمة السبعة المروية قراءاتهم بالتواتر، و هم ابن عامر المتوفى بدمشق سنة 118 ه، و ابن كثير المتوفى بمكة سنة ۱۲۰ ه، و عاصم بن أبى النّجود المتوفى بالكوفة- أو بالسماوة- سنة ۱۲۷ ه، و أبو عمرو بن العلاء المتوفى سنة ۱۵۴ ه، و حمزة بن حبيب الزيات (المتوفى بحلوان سنة ۱۵۶ ه، و نافع بن عبد الرحمن المتوفى سنة ۱۶۹ ه، و الكسائي المتوفى سنة ۱۸۹ ه.
ففي سورة البقرة نجد هذه الآية: يخادعون اللّه و الّذين آمنوا و ما يخادعون إلّا أنفسهم و قراءة حمزة و الكسائي و عاصم و ابن عامر: وَ ما يَخْدَعُونَ.
و فى سورة النساء نجد هذه الآية: و الّذين عاقدت أيمانكم بفعل المفاعلة و هى قراءة.
و فى سورة الأنعام نجد هذه الآية: فالق الإصباح و جاعل اللّيل سكنا أي أن جاعل بصيغة فاعل، و هى قراءة رويس عن يعقوب، و بها يقرأ أهل المدينة، أما قراءة حمزة و الكسائي و الحسن و عيسى بن عمر فهى فالِقُ الْإِصْباحِ وَ جَعَلَ اللَّيْلَ سَكَناً و هى القراءة التي نقرؤها نحن.
و فى سورة الأعراف ذكر الشريف الرضى قراءة «و رياشا» مع قراءة «و ريشا» فى قوله تعالى: يا بَنِي آدَمَ قَدْ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمْ لِباساً يُوارِي سَوْآتِكُمْ وَ رِيشاً وَ لِباسُ التَّقْوى ذلِكَ خَيْرٌ.
و فى سورة يونس نجد قراءة «فاجمعوا أمركم» من الجمع، بدلا من «فأجمعوا أمركم» من الإجماع. و الأولى هى قراءة عاصم الجحدري، و هو غير عاصم بن أبى النجود، و قد روى عنه عيسى الثقفي من أصحاب القراءات الشاذة.
و فى سورة هود يروى الشريف الرضى قوله تعالى: يُمْدِدْكُمْ رَبُّكُمْ بِخَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَلائِكَةِ مُسَوِّمِينَ بكسر الواو المشددة، و مسوّمين بفتحها، و الكسر هو قراءة أبى عمرو و عاصم و ابن كثير، و الفتح هو قراءة بقية السبعة.
و فى سورة التحريم ذكر المصنف رضى اللّه عنه قراءة «نصوحا» مع قراءة «نصوحا» بضم النون فى القراءة الأولى و فتحها فى الثانية فى قوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحاً و الضم هو قراءة أبى بكر بن عياش قرأها عن عاصم بن أبى النجود.
و قس على ذلك كثيرا من الآيات التي أوردها الشريف الرضى على بعض القراءات السبعة الصحيحة. و قلّ أن نراه يلجأ إلى قراءة شاذة كما صنع فى قراءة «فاجمعوا أمركم» التي أشرنا إليها سابقا.
و لا شك أن هذه القراءات التي روى بها الشريف الرضى فى كتابه هذا تجعل منه مرجعا لمن يطلبون معرفة القراءات، و تصنيف إلى قيمة الكتاب قيمة جديدة يهتم بها طلاب القراءات[1].
[1] تلخيص البيان في مجازات القرآن، مقدمه کتاب، ص: ۴۲-۴۴
بدون نظر