رفتن به محتوای اصلی

٢. عبدالله بن مسعود

طعام الفاجر

تفسیر ابن وهب

١١٧ - قال: وحدثني الليث بن سعد عن محمد بن عجلان عن عون بن عبد الله يرفع الحديث إلى عبد الله بن مسعود أنه كان يقرئ رجلا ٥٥ أعجميا هذه الآية: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم}، فيقول الأعجمي: طعام اليتيم؛ فقال ابن مسعود: أتستطيع أن تقول طعام الفاجر، قال: نعم، قال: فاقرأ كذلك[1].

١١٨ - قال: وحدثني مالك بن أنس قال: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا: {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم}، فجعل يقول: طعام اليتيم، فقال له عبد الله: طعام الفاجر؛ قال: قلت لمالك: أترى أن تقرأ كذلك، قال: نعم، أرى ذلك واسعا[2].

ابویوسف

٢٢٣ - عن أبيه عن أبي حنيفة، عن حماد، عن إبراهيم، عن ابن مسعود رضي الله عنه أن رجلا كان يقرئه ابن مسعود، وكان أعجميا، فجعل يقول: {إن شجرة الزقوم، طعام الأثيم} [الدخان: ٤٤] فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فرد عليه، كل ذلك يقول: طعام اليتيم فقال ابن مسعود: قل: «طعام الفاجر» ، ثم قال ابن مسعود: " إن الخطأ في القرآن ليس أن تقول: الغفور الرحيم، العزيز الحكيم، إنما الخطأ أن تقرأ آية الرحمة آية العذاب، وآية العذاب آية الرحمة، وأن يزاد في كتاب الله ما ليس فيه[3] "

ابوعبید

حدثنا نعيم بن حماد، عن عبد العزيز بن محمد، عن محمد بن عجلان، عن عون بن عبد الله بن عتبة، ٣١٢ أن ابن مسعود، أقرأ رجلا {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} [الدخان: ٤٤] فقال الرجل: (طعام اليتيم) فرددها عليه، فلم يستقم به لسانه. فقال: «أتستطيع أن تقول (طعام الفاجر) ؟» قال: نعم. قال: «فافعل[4]»

ابن رشد

قال مالك: أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا {إن شجرت الزقوم} [الدخان: ٤٣] {طعام الأثيم} [الدخان: ٤٤] ، فجعل الرجل يقول طعام اليتيم، فقال ابن مسعود: طعام الفاجر.

قال محمد بن رشد: ظاهر قول ابن مسعود هذا أنه لما لم يحسن القارئ أن يقول طعام الأثيم قال له طعام الفاجر على جهة التفسير. وهذا يدل على ما قيل من أن القراءة التي تنسب إلى ابن مسعود إنها قراءة كان يقرئها على وجه التفسير لأصحابه لا على أنها قرآن. وقد قيل إنها قراءة لم تثبت، إذ إنما نقلت نقل آحاد، ونقل الآحاد غير مقطوع به، والقرآن إنما يؤخذ بالنقل المقطوع به، وهو النقل الذي ينقله الكافة عن الكافة، فما لم يقطع عليه أنه قرآن لمخالفته مصحف عثمان المجتمع عليه لا تباح قراءته على أنه قرآن، إذ حكمه حكم ما يروى عن النبي- صلى الله عليه وسلم - من الأحاديث والأخبار، فلا تجوز الصلاة به. وكذلك قال في المدونة: إن من صلى خلف من يقرأ بقراءة ابن مسعود أعاد في الوقت وبعده، وإن علم وهو في الصلاة قطع وخرج. فيجب على الإمام أن يمنع منه ويضرب عليه ولا يبيح قراءة سوى ما ثبت بين اللوحين في مصحف عثمان، على ما وقع في أول سماع عيسى من كتاب السلطان، وبالله التوفيق[5].

زمخشری

مسألة: ٦٢ - قراءة القرآن بالعجمية في الصلاة

إذا عبر فاتحة الكتاب أو القرآن بالفارسية أو بالعجمية، فقرأها في الصلاة، فإنه تصح صلاته عندنا وعند الشافعي: لا تصح  دليلنا في ذلك، قوله تعالى: {إن هذا لفي الصحف الأولى (١٨) صحف إبراهيم وموسى}وصحف إبراهيم وموسى ليست على لسان العرب.وروى عن عبد الله بن مسعود أنه كان يلقن الرجل هذه الأية، قوله تعالى: {إن شجرت الزقوم (٤٣) طعام الأثيم} وكان لسان الرجل لا يقدر أن يقول هذه الكلمة، فعجز عن الإتيان في لفظه، فقال له: قل طعام الفاجر، فدل على أنه يجوز بلغة أخرى والدليل عليه: وهو أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مبعوث إلى العرب والعجم، وأمره بالإنذار فكان ينذر العرب بلغته وبلسانه وينذر العجم بلسانه دل على أنه يجوز.احتج الشافعي، وقال؛ لأن الله تعالى قال في كتابه {إنا أنزلناه قرآنا عربيا} فدل أن القرآن عربي، فإذا عبر بعبارة أخرى، لم تجز صلاته؛ لأنه لم يقرأ القرآن، وقراءة القرآن شرط لجواز الصلاة[6]

قرطبی

و" الأثيم" الفاجر، قاله أبو الدرداء. وكذلك قرأ هو وابن مسعود. وقال همام بن الحارث: كان أبو الدرداء يقرئ رجلا" إن شجرة الزقوم طعام الأثيم" والرجل يقول: طعام اليتيم، فلما لم يفهم قال له:" طعام الفاجر". قال أبو بكر الأنباري: حدثني أبي قال حدثنا نصر قال حدثنا أبو عبيد قال حدثنا نعيم بن حماد عن عبد العزيز بن محمد عن ابن عجلان عن عون بن عبد الله بن عتبة بن مسعود قال: علم عبد الله بن مسعود رجلا" إن شجرة الزقوم. طعام الأثيم" فقال الرجل: طعام اليتيم، فأعاد عليه عبد الله الصواب وأعاد الرجل الخطأ، فلما رأى عبد الله أن لسان الرجل لا يستقيم على الصواب قال له: أما تحسن أن تقول طعام الفاجر؟ قال بلى، قال فافعل. ولا حجة في هذا للجهال من أهل الزيغ، أنه يجوز إبدال الحرف من القرآن بغيره، لأن ذلك إنما كان من عبد الله تقريبا للمتعلم، وتوطئة منه له للرجوع إلى الصواب، واستعمال الحق والتكلم بالحرف على إنزال الله وحكاية رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقال الزمخشري:" وبهذا يستدل على أن إبدال كلمة مكان كلمة جائز إذا كانت مؤدية معناها. ومنه أجاز أبو حنيفة القراءة بالفارسية على شريطة، وهي أن يؤدي القارئ المعاني على كمالها من غير أن يخرم منها شيئا. قالوا: وهذه الشريطة تشهد أنها إجازة كلا إجازة، لأن في كلام العرب خصوصا في القرآن الذي هو معجز بفصاحته وغرابة نظمه وأساليبه، من لطائف المعاني والأغراض ما لا يستقل بأدائه لسان من فارسية وغيرها، وما كان أبو حنيفة رحمه الله يحسن الفارسية، فلم يكن ذلك منه عن تحقق وتبصر. وروى علي بن الجعد عن أبي يوسف عن أبي حنيفة مثل قول صاحبيه في إنكار القراءة بالفارسية[7]

 ابوشامه

قلت: وقال قوم: السبعة الأحرف منها ستة مختلفة الرسم، كانت الصحابة تقرأ بها إلى خلافة عثمان رضي الله عنهم، نحو الزيادة، والألفاظ المرادفة، والتقديم، والتأخير، [و] نحو "إن الله يغفر الذنوب جميعا ولا يبالي" "وجاءت سكرة الحق بالموت" ، "صراط من أنعمت عليهم غير المغضوب عليهم وغير الضالين"  ، "يأخذ كل سفينة صالحة غصبا"  ، "والعصر ونوائب الدهر"  ، "وله أخ أو أخت من أمة"، "وما أصابك من سيئة فمن نفسك إنا كتبناها عليك" ، و"إن كانت إلى زقية واحدة"  ، و"كالصوف المنقوش"  ، و"طعام الفاجر" ، و"إن بوركت النار ومن حولها" في نظائر ذلك، فجمعهم عثمان على الحرف السابع الذي كتبت عليه المصاحف، وبقي من القراءات ما وافق المرسوم، فهو المعتبر، إلا حروفا يسيرة اختلف رسمها في مصاحف الأمصار، نحو "أوصى" و"وصى" ) ، و {من يرتد} و"من يرتدد"[8]

ابن العربی

المسألة الثانية روي أن ابن مسعود أقرأ رجلا طعام الأثيم فلم يفهمها؛ فقال له: طعام الفاجر، فجعلها الناس قراءة، حتى روى ابن وهب عن مالك قال: أقرأ ابن مسعود رجلا إن شجرة الزقوم طعام الأثيم فجعل الرجل يقول: طعام اليتيم، فقال له عبد الله بن مسعود: طعام الفاجر. فقلت لمالك: أترى أن يقول كذلك؟ قال: نعم.

وروى البصريون عنه أنه لا يقرأ في الصلاة بما يروى عن ابن مسعود. وقال ابن شعبان: لم يختلف قول مالك إنه لا يصلى بقراءة ابن مسعود فإنه من صلى بها أعاد صلاته؛ لأنه كان يقرأ بالتفسير. وقد بينا القول في حال ابن مسعود في سورة آل عمران، ولو صحت قراءته لكانت القراءة بها سنة، ولكن الناس أضافوا إليه ما لم يصح عنه؛ فلذلك قال مالك: لا يقرأ بما يذكر عن ابن مسعود.

والذي صح عنه ما في المصحف الأصلي.

فإن قيل: ففي المصحف الأصلي قراءات واختلافات فبأي يقرأ؟ قلنا: وهي: المسألة الثالثة بجميعها بإجماع من الأمة، فما وضعت إلا لحفظ القرآن، ولا كتبت إلا للقراءة بها، ولكن ليس يلزم أن يعين المقروء به منها، فيقرأ بحرف أهل المدينة، وأهل الشام[9]

سیوطی

وأخرج أبو عبيد في فضائله وابن الأنباري وابن المنذر عن عون بن عبد الله أن ابن مسعود أقرأ رجلا {إن شجرة الزقوم طعام الأثيم} فقال الرجل: طعام اليتيم فرددها عليه فلم يستقم بها لسانه فقال: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر قال: نعم قال: فافعل[10]

٧٠١١١ - أقرأ عبد الله بن مسعود رجلا: {إن شجرت الزقوم طعام الأثيم}، فقال الرجل: طعام اليتيم. فرددها عليه، فلم يستقم بها لسانه، فقال: أتستطيع أن تقول: طعام الفاجر؟ قال: نعم. قال: فافعل  (١٣/ ٢٨٥) [11]

هلمّ، اقبل، تعال

ابوعمرو دانی

٤٤ - حدثنا خلف بن أحمد قال: نا زياد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يحيى بن سلام، قال: حدثنا أبي عن يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين أن عبد الله بن مسعود قال: «نزل القرآن على سبعة أحرف كقولك:هلم، أقبل، تعال»[12]

٩ - حدثنا خلف بن أحمد قال نا زياد بن عبد الرحمن قال حدثنا محمد بن يحيى قال حدثنا محمد بن يحيى بن سلام قال حدثنا أبي عن يزيد بن إبراهيم عن محمد بن سيرين أن عبد الله بن مسعود قال نزل القرآن على سبعة أحرف كقولك هلم أقبل تعال[13]

ابن منظور

إن هذا القرآن لا يختلف ولا يستشن ولا يتفه لكثرة الرد، فمن قرأه على حرف فلا يدعه رغبة عنه، ومن قرأه على شيء من تلك الحروف التي علم رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: أعجل وحيهلا. والله لو أعلم رجلا أعلم بما أنزل الله على محمد صلى الله عليه وسلم مني لطلبته حتى أزداد علمه إلى علمي. إنه سيكون قوم يميتون الصلاة، فصلوا الصلاة لوقتها، واجعلوا أصلابكم معهم تطوعا، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعارض بالقرآن في كل رمضان، وإني عرضت عليه في العام الذي قبض مرتين فأنبأني أني محسن، وقد قرأت من في رسول الله صلى الله عليه وسلم سبعين سورة[14].

البقاعی

من أصحاب عبد الله - وما سماه لنا - قال: لما أراد عبد الله أن يأتي المدينة.جمع أصحابه فقال: والله إني لأرجو أن يكون قد أصبح فيكم من الفضل ما أصبح في أجناد المسلمين من الدين والفقه، والعلم بالقرآن. إن هذا القرآن لا يختلف، ولا يستشنأ ولا ينفذ لكثرة الرد، فمن قرأ على حرف، فلا يدعه رغبة عنه، فإنه من يجحد بآية منه، يجحد به كله، فإنما هو كقول أحدكم لصاحبه: أعجل وحيهلا[15] 


[1] كتاب تفسير القرآن من الجامع لابن وهب ، ج ٣، ص ۵۴-۵۵

[2] كتاب تفسير القرآن من الجامع لابن وهب، ج ٣، ص ۵۵ 

[3] كتاب الآثار لأبي يوسف ، ص ۴۴

[4] كتاب فضائل القرآن أبو عبيد، ص ٣١١-٣١٢

[5] كتاب البيان والتحصيل، ج ١٨، ص ۴١٩-۴٢٠

[6] كتاب رؤوس المسائل للزمخشري، ص ١۵٧-١۵٨ 

[7] كتاب تفسير القرطبي الجامع لأحكام القرآن، ج ١۶، ص ١۴٩

[8] المرشد الوجيز إلى علوم تتعلق بالكتاب العزيز، ج ١، ص ١١١-١١٢

[9] كتاب أحكام القرآن لابن العربي ط العلمية ، ج ۴، ص ١١٩

[10] كتاب الدر المنثور في التفسير بالمأثور، ج ٧، ص ۴١٨ 

[11] كتاب موسوعة التفسير المأثور، ج ٢٠، ص ۵٣ 

[12] كتاب جامع البيان في القراءات السبع، ج ١، ص ١٠١-١٠٢

[13] كتاب الأحرف السبعة للقرآن ، ص ٢٢

[14] كتاب مختصر تاريخ دمشق، ج ١۴، ص ۵٩ 

[15] كتاب مصاعد النظر للإشراف على مقاصد السور، ج ١، ص ۴٠٣