۳. و رهطک منهم المخلصین
صحیح بخاری
٤٦٨٧ - حدثنا يوسف بن موسى: حدثنا أبو أسامة: حدثنا الأعمش: حدثنا عمرو ابن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:لما نزلت: {وأنذر عشيرتك الأقربين}. ورهطك منهم المخلصين، خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا، فهتف: (يا صباحاه). فقالوا: من هذا، فاجتمعوا إليه، فقال: (أرأيتم إن أخبرتكم أن خيلا تخرج من سفح هذا الجبل، أكنتم مصدقي). قالوا: ما جربنا عليك كذبا، قال: (فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد). قال أبو لهب: تبا لك، ما جمعتنا إلا لهذا، ثم قام. فنزلت: {تبت يدا أبي لهب وتب}. وقد تب. هكذا قرأها الأعمش يومئذ.
[ر: ١٣٣٠]
(ورهطك مهم المخلصين) تفسير لقوله: {وأنذر عشيرتك الأقربين} أو: هي قراءة شاذة، وقيل: كانت قراءة ثم نسخت. (هكذا قرأها) أي زاد: وقد تب[1].
صحیح مسلم
٣٥٥ - (٢٠٨) وحدثنا أبو كريب محمد بن العلاء. حدثنا أبو أسامة عن الأعمش، عن عمرو بن مرة، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس؛ قال: لما نزلت هذه الآية: {وأنذر عشيرتك الأقربين} [٢٦/الشعراء/ الآية-٢١٤] ورهطك منهم المخلصين. خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى صعد الصفا. فهتف "يا صباحاه! " فقالوا: من هذا الذي يهتف؟ قالوا: محمد. فاجتمعوا إليه، فقال "يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني فلان! يا بني عبد مناف! يا بني عبد المطلب! " فاجتمعوا إليه فقال "أرأيتكم لو أخبرتكم أن خيلا تخرج بسفح هذا الجبل أكنتم مصدقي؟ " قالوا: ما جربنا عليك كذبا. قال "فإني نذير لكم بين يدي عذاب شديد". قال فقال أبو لهب: تبا لك! أما جمعتنا إلا لهذا؟ ثم قام. فنزلت هذه السورة: {تبت يدا أبي لهب و قد تب} [١١١/المسد/ الآية-١]. كذا قرأ الأعمش إلى آخر السورة.
(ورهطك منهم المخلصين) قال الإمام النووي: الظاهر أن هذا كان قرآنا أنزل ثم نسخت تلاوته. ولم تقع هذه الزيادة في روايات البخاري. (بسفح) سفح الجبل هو أسفله، وقيل: عرضه. (تبت يدا أبي لهب) قال الراغب: التب والتباب الاستمرار في الخسران. وتبت يدا أبي لهب أي استمرت في خسرانه. (تب) قال النووي: معنى تب خسر. (كذا قرأ الأعمش) معناه أن الأعمش زاد لفظه قد بخلاف القراءة المشهورة[2].
فتح الباری
[٤٧٧٠] قوله عن بن عباس قال لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين هذا من مراسيل الصحابة وبذلك جزم الإسماعيلي لأن أبا هريرة إنما أسلم بالمدينة وهذه القصة وقعت بمكة وبن عباس كان حينئذ إما لم يولد وإما طفلا ويؤيد الثاني نداء فاطمة فإنه يشعر بأنها كانت حينئذ بحيث تخاطب بالأحكام وقد قدمت في باب من انتسب إلى آبائه في أوائل السيرة النبوية احتمال أن تكون هذه القصة وقعت مرتين لكن الأصل عدم تكرار النزول وقد صرح في هذه الرواية بأن ذلك وقع حين نزلت نعم وقع عند الطبراني من حديث أبي أمامة قال لما نزلت وأنذر عشيرتك جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بني هاشم ونساءه وأهله فقال يا بني هاشم اشتروا أنفسكم من النار واسعوا في فكاك رقابكم يا عائشة بنت أبي بكر يا حفصة بنت عمر يا أم سلمة فذكر حديثا طويلا فهذا إن ثبت دل على تعدد القصة لأن القصة الأولى وقعت بمكة لتصريحه في حديث الباب أنه صعد الصفا ولم تكن عائشة وحفصة وأم سلمة عنده ومن أزواجه إلا بالمدينة فيجوز أن تكون متأخرة عن الأولى فيمكن أن يحضرها أبو هريرة وبن عباس أيضا ويحمل قوله لما نزلت جمع أي بعد ذلك لا أن الجمع وقع على الفور ولعله كان نزل أولا وأنذر عشيرتك الأقربين فجمع قريشا فعم ثم خص كما سيأتي ثم نزل ثانيا ورهطك منهم المخلصين فخص بذلك بني هاشم ونساءه والله أعلم وفي هذه الزيادة تعقب على النووي حيث قال في شرح مسلم إن البخاري لم يخرجها أعني ورهطك منهم المخلصين اعتمادا على ما في هذه السورة وأغفل كونها موجودة عند البخاري في سورة تبت قوله لما نزلت وأنذر عشيرتك الأقربين زاد في تفسير تبت من رواية أبي أسامة عن الأعمش بهذا السند ورهطك منهم المخلصين وهذه الزيادة وصلها الطبري من وجه آخر عن عمرو بن مرة أنه كان يقرؤها كذلك قال القرطبي لعل هذه الزيادة كانت قرآنا فنسخت تلاوتها ثم استشكل ذلك بأن المراد إنذار الكفار والمخلص صفة المؤمن والجواب عن ذلك أنه لا يمتنع عطف الخاص على العام فقوله وأنذر عشيرتك عام فيمن آمن منهم ومن لم يؤمن ثم عطف عليه الرهط المخلصين تنويها بهم وتأكيدا[3]
[1] كتاب صحيح البخاري ت البغا، ج ۴، ص ١٩٠٢
[2] كتاب صحيح مسلم ت عبد الباقي، ج ١، ص ١٩٣
[3] كتاب فتح الباري لابن حجر، ج ٨، ص ۵٠٢
بدون نظر