رفتن به محتوای اصلی

کلام صاحب جواهر

۱. عقد «سکنی» و اختلاف آن با «عمری» و «رقبی»

« و كيف كان ف‍ يختلف عليها أي السكنى الأسماء بحسب اختلاف الإضافة، فإذا اقترنت بالعمر قيل: عمري و سكنى و بالإسكان وحده قيل: سكنى خاصة و بالمدة المعينة قيل: سكنى و رقبى إما من الارتقاب، أو من رقبة الملك، فالسكنى حينئذ مع تعلقها بالمسكن، و كون الصيغة بلفظها أعم منها، و إن كانا هما أعم منها من وجه آخر و هو فيما إذا كانت الصيغة بلفظ أعمرتك و أرقبتك فإنهما حينئذ عمري و رقبى، و لا يقال: سكنى، أو كان موردهما غير المسكن بل دابة و نحوها، كذا في المسالك حاكيا له عن الأكثر، بل ستسمع فيما يأتي التصريح منه بأن العمرى و الرقبى المتعلقة بالمسكن هما كالسلم و الصرف بالنسبة إلى البيع، أي قسم خاص من السكنى

لكن لا يخفى عليك أولا: أن مقتضاه إطلاق السكنى عليهما و إن كانت الصيغة بلفظهما، كإطلاق البيع على السلم و الصرف.

و ثانيا: أن المعلوم من النص و الفتوى تباين العقود، و أنه لا يجتمع عقدان في عقد واحد، ضرورة كون كل منهما سببا مستقلا في نفسه، كما أن المعلوم منهما هنا أن هذه العقود الثلاثة كغيرها من العقود، بدليل - اختلاف مواردها في كثير من المقامات - و غيره، و مع فرض اتحاد موردها و اتحاد الصيغة القابلة لكن منها يجب التمييز بالنية و القصد، كالصلة و البيع و الهبة المعوضة.

بل قد يظهر من المحكي عن التحرير عدم إمكان اجتماعها أصلا، قال: «إن كانت السكنى مطلقة أو يقول أسكنتك عمري أو عمرك، أو مدة معينة من الزمان قيل: سكنى، و إن قيدت بالعمر بأن يقول: أعمرتك مدة عمرك أو عمري قيل: عمري و إن قرنت بالمدة قيل: رقبى، بأن يقول: أرقبتك هذه الدار مدة» ضرورة ظهوره في اعتبار تحقق كل منها الصيغة باسمها بل لعل التباين ظاهر المحكي عن الوسيلة و الكافي.

قال في الأولى: «العمرى أن يجعل منفعة داره أو ضيعته لغيره مده حياته، و الرقبى أن يجعلها مدة معلومة، و السكنى أن يجعل سكناها لغيره مدة عمر أحدهما».

و في الثاني: السكنى أن يجعل منفعة سكناها لغيره مدة معلومة، و الرقبى أن يسكنه فيها مدة حياة المالك، و العمرى أن يسكنه فيها طول عمر المعمر» أى الغير.

و عن المبسوط و الخلاف و المهذب و فقه القرآن للراوندي و الغنية و السرائر أن صورة الرقبى صورة العمرى، إلا أن اللفظ يختلف، فإنه يقول: أعمرتك هذه الدار مدة حياتك أو حياتي، و الرقبى يحتاج أن يقول أرقبتك هذه الدار مدة حياتك أو حياتي بل عن المبسوط لا فرق بينهما عندنا، و عن المهذب و ما يفرق به بعض الناس ليس مذهبا لنا.

و في محكي التذكرة عن علي (عليه السلام)«الرقبى و العمرى، سواء»[1] و في محكي الخلاف أن العمرى عندنا سكنى، و عن الجامع أن العمرى و الرقبى بحكم السكنى، و عن صيغ العقود أن العبارات شتى و المقصود واحد، و عن المختلف بعد أن ذكر كلام المبسوط و المهذب و الوسيلة و الكافي و السرائر قال: و هذه اختلافات لفظية.

قلت: لا إشكال في أن المفاد واحد مع فرض كون المورد المسكن، إلا أنه تظهر الثمرة مع فرض التباين بلزوم القصد مع فرض العقد باللفظ الصالح للجميع، كما في كل مشترك، و قضى القدر المشترك غير كاف، لعدم ثبوت مشروعيته لنفسه، نحو قصد النقل المطلق من دون تشخيص كونه بيعا أو صلحا أو هبة معوضة، و الفرض صلاحية المورد، فإن كان المراد من الوحدة و التسوية بالنسبة إلى النتيجة أو بالنسبة إلى أكثر الأحكام الثابتة لهما، فكذلك، و إن أريد بالوحدة الاتحاد بالعقد و إن تكثرت أسماؤه باعتبار ألفاظه فخلاف ظاهر النص و الفتوى أنها عقود مستقلة مختلفة المعاني، بل لو أريد من مورد أحدها الآخر بطل، نحو ما يراد من البيع الصلح، و بالعكس، إلا بناء على جواز إنشاء العقد اللازم بالمجاز، و الفرض قصد المعنى المجازي، أما مع عدمه فلا ريب في بطلانه ضرورة كونه حينئذ كإرادة الإجارة بالبيع، و بالعكس، فتأمل.

و من ذلك يظهر أن الأولى قصد السكنى و العمرى في اللفظ المشتمل عليهما، و كذا اللفظ المشتمل على المدة المعينة و ربما تسمع لذلك تتمة إن شاء الله تعالى[2]

۲. عقد ترکیبی از عمری و رقبی

ثم لا يخفى عليك أن مورد النصوص في العمرى عمر أحدهما و عمر عقب المعر بالفتح لكن يقوى في النظر التعدي إلى غير ذلك من عمر الأجنبي كما عن الشهيد الفتوى به في بعض فوائده، و نفي عنه البأس في المسالك و بعض من تأخر عنها، لعموم «الأمر بالوفاء، بالعقود[3]»، «و المؤمنون»[4] و خصوص مضمر حمران[5] و غيره مما تقدم سابقا، و لصدق اسم العمرى في الجملة، المدلول على شرعيتها في بعض الاخبار من غير تقييد بعمر أحدهما، كما في المسالك، بل مقتضى ذلك التعدي إلى غير ذلك من عمر حيوان بل جماد، و لو نفس العين التي هي مورد العمرى، و إن كان الأحوط عدمه، و أحوط منه الاقتصار على ما في خصوص النصوص.

و على كل حال فيفرع على التعدي المزبور حكم ما لو مات أحدهما في حياة من علقت بعمرة، فإن كان المالك فالحكم كما لو مات في حياة المعر الذي علقت العمرى بموته و قد عرفت سابقا أنه يبقى على استحقاقه، و إن كان هو المعر ففي المسالك، و غيرها رجعت العمرى إلى المالك، كما لو مات من علقت على عمره.

و فيه: أن المتجه بناء على ما ذكرناه عوده إلى ورثة المعر في الأول نحو ما سمعته فيما لو مات بحياته المالك الذي كان عمره غاية العمرى، إلا على ما سمعته من المحقق في النكت كما تقدم الكلام فيه هنا، و فيها أيضا أنه أولى ما في النصوص جواز جعل العمرى لبعض معين من العقب، و مثله ما لو جعله له مدة عمره و لعقبه مدة مخصوصة، و العقد حينئذ مركب من العمرى و الرقبى، و فيه ما لا يخفى مع فرض اتحاد إيجاب العقد، و إلا لجاز اجتماع السكنى المطلقة و العمرى و الرقبى في عقد واحد، و إن كان متعلق كل منهما مختلفا، و حينئذ يكون العقد جائزا لازما، و هو كما ترى.

نعم قد يقال: إن مقتضى العمومات خصوصا خبر حمران جريان كثير من أحكام الوقف فيها، من التشريك و الترتيب و تبعية المعدوم للموجود، من غير فرق بين عقبه و غيره، و الدوام و الانقطاع و غير ذلك، بل يجوز فيها كل شرط سائغ في نفسه، نحو ما سمعته في الوقف أيضا، و لعل ترك الأصحاب التعرض لأكثر من ذلك اتكالا على ذكرهم له فيه، نحو اتكالهم في ذكر جملة من الأحكام على العمرى مثلا، أو السكنى أو الرقبى مثلا على اتحاد الجميع في ذلك، خصوصا بعد ما سمعت من المرسل عن علي (عليه السلام) «العمرى و الرقبى سواء» و في محكي المبسوط لا فرق بينهما عندنا، و المهذب و ما يفرق به بعض الناس ليس مذهبا لنا، إلى غير ذلك مما تقدم مما هو محمول على إرادة التساوي في الأحكام، حتى إذا كان مورد العمرى و الرقبى غير المسكن، فضلا عنه.[6]

۳. عدم تعیین مدّت در عقود سه گانه

و لو أطلق المدة و لم يعينها كان صحيحا بلا خلاف أجده فيه، بل الإجماع بقسميه عليه، لإطلاق الأدلة و عمومها، و لكن له الرجوع متى شاء لحسن الحلبي أو صحيحه[7] عن أبي عبد الله (عليه السلام)، و خبر أحمد بن عمر الحلبي[8] عن أبيه عنه أيضا المتقدمين سابقا، لكن ظاهر الإخراج فيهما كما هو المحكي من تعبير الأكثر لا ينافي لزوم العقد الذي هو مقتضى ما عرفته سابقا من أدلته الشاملة لجميع الأفراد فيما يتحقق به مسمى السكنى، كما عن العلامة في التذكرة التصريح به، و وافقه عليه أول الشهيدين و ثاني المحققين فيما حكى عنهما، و ما في المسالك من المناقشة في ذلك - بأن الرواية مخصصة للآية، لدلالتها على جوازه مطلقا، كما خصصت الآية بسائر العقود الجائزة بدليل من خارج» - يدفعها ما سمعت من عدم اقتضاء الرواية أزيد مما عرفت، و الأمر سهل هذا كله في السكنى المطلقة.

أما العمرى و الرقبى فالظاهر بطلانهما مع الإطلاق، كما قطع به في الدروس في الأول.

و لم يتعرض للرقبى، و لعله لاتحادها معها في الحكم، و احتمل في المسالك «الصحة، إقامة إلها مقام السكنى، لاشتراكهما في كثير من الأحكام و المعاني، و تناسبهما على الوجه الذي قررناه سابقا، فيكون كاستعمال لفظ السلم في مطلق البيع، و كذا القول: في الرقبى، و أولى بالصحة هنا، لأن إطلاقها باعتبار رقبة الملك، أو ارتقاب المدة التي يرتضيها المالك ممكنة هنا بطريق الحقيقة، فاستعمالها في السكنى يكون كاستعمال أحد المرادفين مكان الآخر، و إن اختلفا من جهة أخرى و هذا قوي».

و فيه: أن الكلام ليس في استعمال لفظ العمرى و الرقبى و السكنى، بل هو في مشروعية إطلاق عقديهما على نحو عقد السكنى، و لو في غير الدار، ثم حكى عن التحرير القطع بأنه مع إطلاق العمرى و الرقبى يصح، و يكون للمالك إخراجه متى شاء كالسكنى قال: و هو في الرقبى حسن، و فتوى الدروس في العمرى أحسن.

و فيه ما لا يخفى، إذ يمكن أن يكون بناء ما في السرائر على مساواة العمرى و الرقبى في الحكم المزبور للسكنى، و لو لا مكان دعوى تحققهما بعمر من الأعمار، و بمضي زمان من الأزمنة لا لاستعمال لفظيهما فيها، حتى يفرق بينهما بالحقيقة و المجاز.

و أغرب من ذلك قوله و يتفرع على ذلك ما لو أعمره مدة معينة، فعلى جواز إطلاق العمرى لا شبهة في الجواز هنا، لانضباطها بالمدة، فهي أولى من الإطلاق، و على المنع يحتمله هنا، لاختصاصها بالعمر، و لم يحصل هنا، و الجواز هنا، و إن منع على الإطلاق، و الفرق أنها مع الإطلاق محمولة على أحدهما، أو عمر مطلق و لم يعين، فبطلت للجهالة، بخلاف ما لو عين المدة، فإنه صريح في إقامتها مقام السكنى أو الرقبى فيصح كما صح اقامة السلم مقام غيره من أفراد البيع الحال، مع التصريح بإرادة الحلول إقامة للنوع مقام الجنس، و أقل مراتبه أنه مجاز مشهور، و ليس بجيد، لأن المعتبر في العقود اللازمة الألفاظ الحقيقة الصريحة، و هو منفي هنا، إذ هو كما ترى.

و التحقيق عدم مشروعية الجميع، للأصل السالم عن معارضة الأدلة الظاهرة في غير الفرض، فلا يصحان مع الإطلاق، و لا استعمال العمرى في الرقبى و لا العكس لما عرفت من أنها عقود متمايزة، و أما استعمال لفظ كل منهما في عقد الآخر فهو مبنى على ما حررنا في محله من جواز العقد اللازم بكل لفظ صالح للدلالة، و لو على جهة المجازية كما هو الأقوى، أو يعتبر لفظ مخصوص، و هذا غير ما نحن فيه كما هو واضح، و الله العالم.[9]


[1]  المستدرك ج ٢ ص ٥١٣.

[2] جواهر الکلام (ط. القدیمة)، جلد: ۲۸، صفحه:۱۳۵-۱۳۷

[3]  سورة المائدة الآية - ١. 

[4]  الوسائل - الباب - ٢٠ - من أبواب المهور الحديث - ٢. 

[5]  الوسائل - الباب - ٢ - من أبواب السكنى الحديث - ١.

[6] صاحب جواهر، محمدحسن بن باقر. محقق و معلق محمود قوچانی, و علی آخوندی, و عباس قوچانی, و رضا استادی. مصحح ابراهیم میانجی. نويسنده جعفر بن حسن محقق حلی. ، ، جواهر الکلام (ط. القدیمة)، بیروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، جلد: ۲۸، صفحه:۱۴۴-۱۴۵

[7]  الوسائل - الباب - ٣ و ٢ - من أبواب السكنى الحديث - ٣. 

[8]  الوسائل - الباب - ٣ و ٢ - من أبواب السكنى الحديث - ٢.

[9] صاحب جواهر، محمدحسن بن باقر. محقق و معلق محمود قوچانی, و علی آخوندی, و عباس قوچانی, و رضا استادی. مصحح ابراهیم میانجی. نويسنده جعفر بن حسن محقق حلی. ، ، جواهر الکلام (ط. القدیمة)، بیروت - لبنان، دار إحياء التراث العربي، جلد: ۲۸، صفحه:۱۴۶-۱۴۷