پیوست شماره ۶:شواهد واقعی بودن اعتباریات در کلمات علماء
اصول فلسفه و روش رئاليسم ؛ ج2 ؛ ص۱۶۸
طريق سير و سلوك فكرى در اعتباريات چيست؟
در امور اعتبارى رابطه بين دو طرف قضيه- همواره فرضى و قراردادى است- و اعتبار كننده اين فرض و اعتبار را- براى وصول به هدف و مصلحت و غايتى نموده- و هر گونه كه بهتر او را بهدف- و مصلحت منظور وى برساند اعتبار مىكند- يگانه مقياس عقلانى كه در اعتباريات بكار برده مىشود- لغويت و عدم لغويت اعتبار است- و البته در اين جهت- خصوصيت اعتبار كننده را بايد در نظر گرفت- مثلا اگر اعتبار اعتبار خيالى و وهمى است- مصالح و اهداف آن قوه را بايد در نظر گرفت- و اگر اعتبار اعتبار عقلى است- مصالح و اهداف آن قوه را بايد در نظر داشت- و همچنين فرق است بين اعتبارات قانونى يك نفر بشر- و اعتبارات قانونى كه بوسيله وحى الهى تعيين مىشود-.
ولى در اين جهت فرقى نيست كه هر كس- و هر چيز و هر فرد و هر دسته كه چيزى را اعتبار مىكند- غايت و هدفى در اعتبار خود دارد- و وصول بان هدف را مقصد قرار مىدهد- و اگر چيزى را براى مقصد خاصى اعتبار كرد- ممكن نيست كه عين همان قوه اعتبار كننده- چيز ديگرى را اعتبار كند- كه او را از وصول به آن مقصد، دور كند- پس يگانه مقياس سير و سلوك فكرى- در اعتباريات همانا مقياس لغويت و عدم لغويت است
الميزان في تفسير القرآن ؛ ج۱ ؛ ص۱۰۸
فإن قلت: كفى فرقا بين الفعلين أن الفعل الاختياري يوافق في صدوره مصلحة عند الفاعل و هو فعل يترتب عليه المدح و الذم و يتبعه الثواب و العقاب إلى غير ذلك من الآثار، و هذا بخلاف الفعل الإجباري فإنه لا يترتب عليه شيء من ذلك.
قلت: الأمر على ما ذكر، غير أن هذه الآثار إنما هي بحسب اعتبار العقلاء على ما يوافق الكمال الأخير الاجتماعي، فهي آثار اعتبارية غير حقيقية، فليس البحث عن الجبر و الاختيار بحثا فلسفيا لأن البحث الفلسفي إنما ينال الموجودات الخارجية و آثارها العينية، و أما الأمور المنتهية إلى أنحاء الاعتبارات العقلائية، فلا ينالها بحث فلسفي و لا يشملها برهان البتة، و إن كانت معتبرة في بابها، مؤثرة أثرها[1]
مجموعة رسائل العلامة الطباطبائى ؛ ص۳۴۰
الحمد للّه على الدوام، و الصلاة على محمّد و آله و السلام
هذا ملخّص ما وضعناه من القول في توسيط الإنسان، بل مطلق الحيوان آراءه الوهميّة و الامور الاعتباريّة بينه و بين كمالاته الثانية.
و إنّا لسنا ننسى مساعي السلف من عظماء معلّمينا و قدمائنا الأقدمين، و جهدهم في جنب الحقائق، فقد بلغوا ما بلغوا، و اهتدوا و هدوا السبيل، شكر اللّه مساعيهم الجميلة، لكنّا لم نرث منهم كلاما خاصّا بهذا الباب[2]، فرأينا وضع ما يهمّ وضعه من الكلام الخاصّ به، و لم نركن فيما وضعنا من بيان إلّا إلى البرهان الصريح[3] فيما يمكن فيه ذلك، و إلى التوهّم المجرّد في غيره، هذا و أنّ الأمر خطير، و الزاد يسير، و اللّه المستعان.[4]
حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)؛ ج4، ص: ۳۲
توضيحه: أنّ المراد بالعقد الباقي بنظر العرف ليس هو العقد اللفظي و لا العقد الإنشائي بما هو مدلول الكلام، و لا التزام البائع و المشتري قلبا، لزوال كل ذلك قطعا على الفرض، فلا معنى لبقائه بنظر العرف، بل المراد بالعقد هو الأمر اللبي المعنوي
______________________________
(1) تعليقة ۳۷.
(2) حاشية الميرزا محمد تقي الشيرازي ۲: ۷۲.
حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)، ج4، ص: ۳۳
الذي نحو وجوده اعتباري باعتبار من له الاعتبار من العرف و الشرع، لما مرّ مرارا «1» و حققناه في محله «2» أنّ أمثال هذه المعاني- من الملكية و الزوجية و المعاهدة و المعاقدة و الحلّ و الفسخ- لها نحو من الوجود الحقيقي الذي يوجد بأسبابه الطبعية، و لا يكون موضوعا للأحكام الشرعية و الآثار العرفية، و لها نحو آخر من الوجود يتحقق بمجرد اعتبار العرف و الشرع المنوط بتحقق المسمى بالسبب عندهم جعلا، بملاحظة ما يرونه من المصلحة الداعية إلى الاعتبار، و مثل هذا الأمر الاعتباري معاقدة كانت أو ملكية أو زوجية يبقى ببقاء المصلحة إلى أنّ يتحقق ما ينقطع به الاعتبار، كما في موارد حق الفسخ في الأول، و السبب الناقل في الثاني، و الطلاق في الثالث.
و منه يعرف أنّ موضوع الحكم ليس أمرا واقعيا بحيث يكون نظر العرف أو الشرع طريقا اليه، حتى يكون موارد الاستثناء من قبيل التخطئة لنظر العرف، لا من قبيل التخصيص، بل المراد بالنظر هو اعتبار العرف مثلا، و المتقوّم بالاعتبار لا واقعية له إلّا في أفق الاعتبار بنفس الاعتبار المتشخص به.
________________________________________
اصفهانى، محمد حسين كمپانى، حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)، ۵ جلد، أنوار الهدى، قم - ايران، اول، ۱۴۱۸ه ق
حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)؛ ج۵، ص: ۲۵۵
فرع: إذا فسخ الورثة يرد عين الثمن أو قيمته
۱۱۱- قوله قدّس سرّه: (و لو لم يكن للميت مال ففي وجوب .. إلخ) «1».
لا يخفى عليك أنّ الحقوق الموروثة على قسمين:
أحدهما: ما لا يقتضي رجوع شيء إلى الميت ثم الانتقال منه إرثا كحق الشفعة، فإنّ الموروث هو حق تملك حصة الشريك من مشتريها بثمنها، و من البين أنّ تملك
______________________________
(1) كتاب المكاسب ۲۹۳ سطر ۱۰.
حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)، ج۵، ص: ۲۵۶
حصة الشريك ببذل الثمن لا يقتضي رجوع الحصة إلى الميت ليكون ثمنها منه، بل الموروث نفس حق التملك من دون موجب لرجوع المال إلى الميت.
ثانيهما: حق حلّ العقد المقتضي لرجوع الأمر إلى ما كان، فلا محالة تنتقل العين إلى الميت و يعود بدله من الميت، لأنّ المعاوضة كان بينه و بين المفسوخ عليه، و العقد كان واردا على مالهما، فهذه الخصوصية من لوازم حق الخيار بما هو حق حل العقد، لا بما هو حق، كي ينتقض بحق الشفعة، فالانتقال ابتداء إلى الوارث و رجوع البدل منه على خلاف مقتضى الفسخ، للاختلال في إحدى المقدمات المزبورة.
و جملة ما يذكر في هذا الباب أمور:
أحدها: ابتناء هذا الوجه على الانتقال إلى الميت و هو غير معقول، و ذلك لأنّ الملكية أمّا حقيقية و هي إحدى المقولات، و إمّا اعتبارية، فإن كانت حقيقيّة فالمقولات الحقيقية القائمة بالإنسان على أقسام، منها ما تقوم بنفسه المجردة فقط كعلمه و إرادته و سائر صفاته النفسانية، و الملكية ليست منها، و منها ما يقوم ببدنه و جسمه فقط كسواده و بياضه و كمه و كيفه الجسماني، و الملكية ليست من عوارض الجسم بما هو، و منها ما تقوم بالمركب منهما كإبصاره و إسماعه و شمه و ذوقه فإنّه لو لا تعلق النفس ببدنه لا يقوم به شيء من تلك الأمور، و الملكية الحقيقية من هذا القبيل، فإنّها حيثية إحاطته بالعين الموجبة للتمكن من تقليبها و تقلبها، و هذا المعنى يستحيل قيامه بالنفس المجردة و البدن المحض، حتى يتوهم أنّ موضوعها باق بعد الموت فيقبل عروض هذه الصفة له، و إن كانت اعتبارية فاعتبار أمر محال و إن لم يكن محالا إلّا أنّه لغو لا يصدر من معتبر حكيم، فيستحيل صدوره منه بالعرض.
و الجواب: باختيار الشق الثاني، فإنّه الموافق للبراهين القاطعة التي تعرضنا لها في الفقه «1» و الأصول «2»، إلّا أنّ اعتبار معنى مقولي لا مطابق له خارجا لا ينبعث إلّا عن حكمة و مصلحة داعية إلى الاعتبار، و مع المصلحة الداعية لا لغوية، و نفي المصلحة الداعية لا برهان عليه، مع أنّه يكفي للخصم كون المال بحكم ملك الميت كما في
______________________________
(1) ح 1: ۳۰.
(2) نهاية الدراية ۵: ۱۱۲- مؤسسة آل البيت.
حاشية كتاب المكاسب (للأصفهاني، ط - الحديثة)، ج۵، ص: ۲۵۷
الدية المعدودة بعد موته من جملة أمواله التي توفّي بها ديونه، و ينفذ منها وصاياه، و يرثها الوارث، فهو حينئذ بمنزلة اعتبار في اعتبار.
المیزان، ج۸، ص۵۴-۵۹
«و القسم الثانی: العلوم العملیة و التصدیقات الوضعیة الاعتباریة التی نضعها للعمل فی ظرف حیاتنا، و الاستناد إلیها فی مستوى الاجتماع الإنسانی فنستند إلیها فی إرادتنا و نعلل بها أفعالنا الاختیاریة، و لیست مما یطابق الخارج بالذات کالقسم الأول و إن کنا نوقعها على الخارج إیقاعا بحسب الوضع و الاعتبار لکن ذلک إنما هو بحسب الوضع لا بحسب الحقیقة و الواقعیة کالأحکام الدائرة فی مجتمعاتنا من القوانین و السنن و الشئون الاعتباریة کالولایة و الرئاسة و السلطنة و الملک و غیرها فإن الرئاسة التی نعتبرها لزید مثلا فی قولنا «زید رئیس» وصف اعتباری، و لیس فی الخارج بحذائه شیء غیر زید الإنسان و لیس کوصف الطول أو السواد الذی نعتبرهما لزید فی قولنا «زید طویل القامة، أسود البشرة» و إنما اعتبرنا معنى الرئاسة حیث کونا مجتمعا من عدة أفراد لغرض من الأغراض الحیویة و سلمنا إدارة أمر هذا المجتمع إلى زید لیضع کلا موضعه الذی یلیق به ثم یستعمله فیما یرید فوجدنا نسبة زید إلى المجتمع نسبة الرأس إلى الجسد فوصفناه بأنه رأس لینحفظ بذلک المقام الذی نصبناه فیه و ینتفع بآثاره و فوائده. فالاعتقاد بأن زیدا رأس و رئیس إنما هو فی الوهم لا یتعداه إلى الخارج غیر أنا نعتبره معنى خارجیا لمصلحة الاجتماع، و على هذا القیاس کل معنى دائر فی المجتمع الإنسانی معتبر فی الحیاة البشریة متعلق بالأعمال الإنسانیة فإنها جمیعا مما وضعه الإنسان و قلبها فی قالب الاعتبار مراعاة لمصلحة الحیاة لا یتعدى وهمه.
فهذان قسمان من العلوم، و الفرق بین القسمین: أن القسم الأول مأخوذ من نفس الخارج یطابقه حقیقة، و هو معنى کونه صدقا و یطابقه الخارج و هو معنى کونه حقا فالذی فی الذهن هو بعینه الذی فی الخارج و بالعکس: و أما القسم الثانی فإن موطنه هو الذهن من غیر أن ینطبق على خارجه إلا أنا لمصلحة من المصالح الحیویة نعتبره و نتوهمه خارجیا منطبقا علیه دعوى و إن لم ینطبق حقیقته.فکون زید رئیسا لغرض الاجتماع ککونه أسدا بالتشبیه و الاستعارة لغرض التخیل الشعری، و توصیفنا فی مجتمعنا زیدا بأنه رأس فی الخارج کتوصیف الشاعر زیدا بأنه أسد خارجی، و على هذا القیاس جمیع المعانی الاعتباریة من تصور أو تصدیق و هذه المعانی الاعتباریة و إن کانت من عمل الذهن من غیر أن تکون مأخوذة من الخارج فتعتمد علیه بالانطباق إلا أنها معتمدة على الخارج من جهة أخرى و ذلک أن نقص الإنسان مثلا و حاجته إلى کماله الوجودی و نیله غایة النوع الإنسانی هو الذی اضطره إلى اعتباره هذه المعانی تصورا و تصدیقا فإبقاء الوجود و المقاصد الحقیقیة المادیة أو الروحیة التی یقصدها الإنسان و یبتغیها فی حیاته هی التی توجب له أن یعتبر هذه المعانی ثم یبنی علیها أعماله فیحرز بها لنفسه ما یریده من السعادة.
و لذلک تختلف هذه الأحکام بحسب اختلاف المقاصد الاجتماعیة فهناک أعمال و أمور کثیرة تستحسنها المجتمعات القطبیة مثلا و هی بعینها مستقبحة فی المجتمعات الاستوائیة، و کذلک الاختلافات الموجودة بین الشرقیین و الغربیین و بین الحاضرین و البادین، و ربما یحسن عند العامة من أهل مجتمع واحد ما یقبح عند الخاصة، و کذلک اختلاف النظر بین الغنی و الفقیر، و بین المولى و العبد، و بین الرئیس و المرءوس، و بین الکبیر و الصغیر، و بین الرجل و المرأة.
نعم هناک أمور اعتباریة و أحکام وضعیة لا تختلف فیها المجتمعات و هی المعانی التی تعتمد على مقاصد حقیقیة عامة لا تختلف فیها المجتمعات کوجوب الاجتماع نفسه، و حسن العدل، و قبح الظلم، فقد تحصل أن للقسم الثانی من علومنا أیضا اعتمادا على الخارج و إن کان غیر منطبق علیه مستقیما انطباق القسم الأول.
إذا عرفت ذلک علمت أن علومنا و أحکامنا کائنة ما کانت معتمدة على فعله تعالى فإن الخارج الذی نماسه فننتزع و نأخذ منه أو نبنی علیه علومنا هو عالم الصنع و الإیجاد و هو فعله. و على هذا فیعود معنى قولنا مثلا: «الواحد نصف الاثنین بالضرورة» إلى أن الله سبحانه یفعل دائما الواحد و الاثنین على هذه النسبة الضروریة، و على هذا القیاس، و معنى قولنا: «زید رئیس یجب احترامه» أن الله سبحانه أوجد الإنسان إیجادا بعثه إلى هذه الدعوى و المزعمة ثم إلى العمل على طبقه، و على هذا القیاس کل ذلک على ما یلیق بساحة قدسه عز شأنه.
و إذا علمت هذا دریت أن جمیع ما بأیدینا من الأحکام العقلیة سواء فی ذلک العقل النظری الحاکم بالضرورة و الإمکان، و العقل العملی الحاکم بالحسن و القبح المعتمد على المصالح و المفاسد مأخوذة من مقام فعله تعالى معتمدة علیه.
فمن عظیم الجرم أن نحکم العقل علیه تعالى فنقید إطلاق ذاته غیر المتناهیة فنحده بأحکامه المأخوذة من مقام التحدید و التقیید، أو أن نقنن له فنحکم علیه بوجوب فعل کذا و حرمة فعل کذا و أنه یحسن منه کذا و یقبح منه کذا على ما یراه قوم فإن فی تحکیم العقل النظری علیه تعالى حکما بمحدودیته و الحد مساوق للمعلولیة فإن الحد غیر المحدود و الشیء لا یحد نفسه بالضرورة، و فی تحکیم العقل العملی علیه جعله ناقصا مستقبلا تحکم علیه القوانین و السنن الاعتباریة التی هی فی الحقیقة دعاو وهمیة کما عرفت فی الإنسان فافهم ذلک.
و من عظیم الجرم أیضا أن نعزل العقل عن تشخیص أفعاله تعالى فی مرحلتی التکوین و التشریع أعنی أحکام العقل النظریة و العملیة.
أما فی مرحلة النظر فکأن نستخرج القوانین الکلیة النظریة من مشاهدة أفعاله، و نسلک بها إلى إثبات وجوده حتى إذا فرغنا من ذلک رجعنا فأبطلنا أحکام العقل الضروریة معتلا بأن العقل أهون من أن یحیط بساحته أو ینال کنه ذاته و درجات صفاته، و أنه فاعل لا بذاته بل بإرادة فعلیة، و الفعل و الترک بالنسبة إلیه على السویة و أنه لا غرض له فی فعله و لا غایة، و أن الخیر و الشر یستندان إلیه جمیعا، و لو أبطلنا الأحکام العقلیة فی تشخیص خصوصیات أفعاله و سننه فی خلقه فقد أبطلناها فی الکشف عن أصل وجوده، و أشکل من ذلک أنا نفینا بذلک مطابقة هذه الأحکام و القوانین المأخوذة من الخارج للمأخوذ منه، و المنتزعة للمنتزع منه و هو عین السفسطة التی فیها بطلان العلم و الخروج عن الفطرة الإنسانیة إذ لو خالف شیء من أفعاله تعالى أو نعوته هذه الأحکام العقلیة کان فی ذلک عدم انطباق الحکم العقلی على الخارج المنتزع عنه- و هو فعله- و لو جاز الشک فی صحة شیء من هذه الأحکام التی نجدها ضروریة کان الجمیع مما یجوز فیه ذلک فینتفی العلم، و هو السفسطة.
و أما فی مرحلة العمل فلیتذکر أن هذه الأحکام العملیة و الأمور الاعتباریة دعاو اعتقادیة و مخترعات ذهنیة وضعها الإنسان لیتوسل بها إلى مقاصده الکمالیة و سعادة الحیاة فما کان من الأعمال مطابقا لسعادة الحیاة وصفها بالحسن ثم أمر بها و ندب إلیها، و ما کان منها على خلاف ذلک وصفها بالقبح و المساءة ثم نهى عنها و حذر منها- و حسن الفعل و قبحه موافقته لغرض الحیاة و عدمها- و الغایات التی تضطر الإنسان إلى جعل هذه الأوامر و النواهی و تقنین هذه الأحکام و اعتبار الحسن و القبح فی الأفعال هی المصالح المقتضیة للجعل ففرض حکم تشریعی و لا حسن فی العمل به و لا مصلحة تقتضیه کیفما فرض فرض متطارد الأطراف لا محصل له. و الذی شرعه الله سبحانه من الأحکام و الشرائع متحد سنخا مع ما نشرعه فیما بیننا أنفسنا من الأحکام فوجوبه و حرمته و أمره و نهیه و وعده و وعیده مثلا من سنخ ما عندنا من الوجوب و الحرمة و الأمر و النهی و الوعد و الوعید لا شک فی ذلک، و هی معان اعتباریة و عناوین ادعائیة غیر أن ساحته تعالى منزهة من أن تقوم به الدعوى التی هی من خطإ الذهن فهذه الدعاوی منه تعالى قائمة بظرف الاجتماع کالترجی و التمنی منه تعالى القائمین بمورد المخاطبة لکن الأحکام المشرعة منه تعالى کالأحکام المشرعة منا متعلقة بالإنسان الاجتماعی السالک بها من النقص إلى الکمال، و المتوسل بتطبیق العمل بها إلى سعادة الحیاة الإنسانیة فثبت أن لفعله تعالى التشریعی مصلحة و غرضا تشریعیا، و لما أمر به أو نهى عنه حسنا و قبحا ثابتین بثبوت المصالح و المفاسد.
فقول القائل: إن أفعاله التشریعیة لا تعلل بالأغراض کما لو قال قائل: إن ما مهده من الطریق لا غایة له، و من الضروری أن الطریق إنما یکون طریقا بغایته، و الوسط إنما یکون وسطا بطرفه، و قول القائل: إنما الحسن ما أمر به الله و القبیح ما نهى عنه فلو أمر بما هو قبیح عقلا ضروریا کالظلم کان حسنا، و لو نهى عن حسن بالضرورة العقلیة کالعدل کان قبیحا کما لو قال قائل: إن الله لو سلک بالإنسان نحو الهلاک و الفناء کان فیه حیاته السعیدة، و لو منعه عن سعادته الخالدة الحقیقیة عادت السعادة شقاوة.
فالحق الذی لا محیص عنه فی المرحلتین: أن العقل النظری مصیب فیما یشخصه و یقضی به من المعارف الحقیقیة المتعلقة به تعالى فإنا إنما نثبت له تعالى ما نجده عندنا من صفة الکمال کالعلم و القدرة و الحیاة، و استناد الموجودات إلیه و سائر الصفات الفعلیة العلیا کالرحمة و المغفرة و الرزق و الإنعام و الهدایة و غیر ذلک على ما یهدی إلیه البرهان. غیر أن الذی نجده من الصفات الکمالیة لا یخلو عن محدودیة و هو تعالى أعظم من أن یحیط به حد، و المفاهیم لا تخلو عنه لأن کل مفهوم مسلوب عن غیره منعزل عما سواه، و هذا لا یلائم الإطلاق الذاتی فتوسل العقل إلى رفع هذه النقیصة بشیء من النعوت السلبیة تنزیها، و هو أنه تعالى أکبر من أن یوصف بوصف، و أعظم من أن یحیط به تقیید و تحدید فمجموع التشبیه و التنزیه یقربنا إلى حقیقة الأمر، و قد تقدم فی ذیله قوله تعالى: «لَقَدْ کَفَرَ الَّذِینَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ ثالِثُ ثَلاثَةٍ»: المائدة: 73، من غرر خطب أمیر المؤمنین علی ع ما یبین هذه المسألة بأوفى بیان و یبرهن علیها بأسطع برهان فراجعه إن شئت. هذا کله فی العقل النظری.
و أما العقل العملی فقد عرفت أن أحکام هذا العقل جاریة فی أفعاله تعالى التشریعیة غیر أنه تعالى إنما شرع ما شرع و اعتبر ما اعتبر لا لحاجة منه إلیه بل لیتفضل به على الإنسان مثلا و هو ذو الفضل العظیم فیرتفع به حاجة الإنسان فله سبحانه فی تشریعه غرض لکنه قائم بالإنسان الذی قامت به الحاجة لا به تعالى، و لتشریعاته مصالح مقتضیة لکن المنتفع بها هو الإنسان دونه کما تقدم. و إذا کان کذلک کان للعقل أن یبحث فی أطراف ما شرعه من الأحکام و یطلب الحصول على الحسن و القبح و المصلحة و المفسدة فیها لکن لا لأن یحکم علیه فیأمره و ینهاه و یوجب و یحرم علیه کما یفعل ذلک بالإنسان إذ لا حاجة له تعالى إلى کمال مرجو حتى یتوجه إلیه حکم موصل إلیه بخلاف الإنسان بل لأنه تعالى شرع الشرائع و سن السنن ثم عاملنا معاملة العزیز المقتدر الذی نقوم له بالعبودیة و ترجع إلیه حیاتنا و مماتنا و رزقنا و تدبیر أمورنا و دساتیر أعمالنا و حساب أفعالنا و الجزاء على حسناتنا و سیئاتنا فلا یوجه إلینا حکما إلا بحجة، و لا یقبل منا معذرة إلا بحجة، و لا یجزینا جزاء إلا بحجة کما قال: «لِئَلَّا یَکُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ»: النساء: 165، و قال: «لِیَهْلِکَ مَنْ هَلَکَ عَنْ بَیِّنَةٍ وَ یَحْیى مَنْ حَیَّ عَنْ بَیِّنَةٍ»: الأنفال: ۴۲ إلى غیر ذلک من احتجاجاته یوم القیامة على الإنس و الجن و لازم ذلک أن یجری فی أفعاله تعالى فی نظر العقل العملی ما یجری فی أفعال غیره بحسب السنن التی سنها. و على ذلک جرى کلامه سبحانه قال: «إِنَّ اللَّهَ لا یَظْلِمُ النَّاسَ شَیْئاً»: یونس: ۴۴، و قال: «إِنَّ اللَّهَ لا یُخْلِفُ الْمِیعادَ»: آل عمران: 9، و قال: «وَ ما خَلَقْنَا السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ وَ ما بَیْنَهُما لاعِبِینَ»: الدخان: 38، و فی هذا المعنى الآیات الکثیرة التی نفى فیها عن نفسه الرذائل الاجتماعیة.
و فی ما تقدم من معنى جریان حکم العقل النظری و العملی فی ناحیته تعالى آیات کثیرة ففی القسم الأول کقوله تعالى: «الْحَقُّ مِنْ رَبِّکَ فَلا تَکُنْ مِنَ الْمُمْتَرِینَ»: آل عمران: ۶۰ و لم یقل: الحق مع ربک لأن القضایا الحقة و الأحکام الواقعیة مأخوذة من فعله لا متبوعة له فی عمله حتى یتأید بها مثلنا، و قوله: «وَ اللَّهُ یَحْکُمُ لا مُعَقِّبَ لِحُکْمِهِ»: الرعد: ۴۱ ، فله الحکم المطلق من غیر أن یمنعه مانع عقلی أو غیره فإن الموانع و المعقبات إنما تتحقق بفعله و هی متأخرة عنه لا حاکمة أو مؤثرة فیه، و قوله: «وَ هُوَ الْواحِدُ الْقَهَّارُ»: الرعد 16، و قوله: «وَ اللَّهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ»: یوسف: ۲۱، و قوله: «إِنَّ اللَّهَ بالِغُ أَمْرِهِ»: الطلاق: 3، فهو القاهر الغالب البالغ الذی لا یقهره شیء و لا یغلب عن شیء و لا یحول بینه و بین أمره حائل یزاحمه، و قوله: «أَلا لَهُ الْخَلْقُ وَ الْأَمْرُ»: الأعراف: ۵۴، إلى غیر ذلک من الآیات المطلقة التی لیس دونها مقید. نعم یجری فی أفعاله الحکم العقلی لتشخیص الخصوصیات و کشف المجهولات لا لأن یکون متبوعا بل لأنه تابع لازم مأخوذ من سنته فی فعله الذی هو نفس الواقع الخارج، و یدل على ذلک جمیع الآیات التی تحیل الناس إلى التعقل و التذکر و التفکر و التدبر و نحوها فلو لا أنها حجة فیما أفادته لم یکن لذلک وجه.
و فی القسم الثانی: نحو قوله: «اسْتَجِیبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاکُمْ لِما یُحْیِیکُمْ»: الأنفال: 24، یدل على أن فی العمل بالأحکام مصلحة الحیاة السعیدة، و قوله: «قُلْ إِنَّ اللَّهَ لا یَأْمُرُ بِالْفَحْشاءِ»: الأعراف: ۲۸ ، و ظاهره أن ما هو فحشاء فی نفسه لا یأمر به الله لا أن الله لو أمر بها لم تکن فحشاء، و قوله: «لا تُشْرِکْ بِاللَّهِ إِنَّ الشِّرْکَ لَظُلْمٌ عَظِیمٌ»: لقمان: 13، و آیات کثیرة أخرى تعلل الأحکام المجعولة بمصالح موجودة فیها کالصلاة و الصوم و الصدقات و الجهاد و غیر ذلک لا حاجة إلى نقلها»
[1] طباطبايى، محمدحسين، الميزان في تفسير القرآن، ۲۰جلد، مؤسسة الأعلمي للمطبوعات - لبنان - بيروت، چاپ: ۲، ۱۳۹۰ ه.ق.
[2] ( 1) البحث في الامور الاعتباريّة من ابتكارات و إبداعات العلّامة الطباطبائي قدّس سرّه، و لقد أوضح هذا الأمر الشهيد المطهّري قدّس سرّه في تعليقته على اصول الفلسفة، المقالة السادسة.
و كذلك يشير الشيخ محمّد تقي مصباح اليزدي( حفظه اللّه) لهذا الأمر بقوله:« تعدّ المقالة السادسة( الاعتبارات) في كتاب اصول الفلسفة و المنهج الواقعي بحثا جديدا مبتكرا في الفلسفة الإسلامية». رسالة التشيّع في العالم المعاصر: ۴۰۰.
[3] ( 2) لكن من الجدير بالذكر أنّ العلّامة قدّس سرّه في كتابه( اصول الفلسفة: 1: 570) يقول:
« لا يمكننا التوسّل بالبرهان في موضوع الاعتبارات».
و يعلّل ذلك بقوله:« لأنّ البرهان يجري في موضوع الحقائق فقط».
[4] طباطبايى، محمدحسين، مجموعة رسائل العلامة الطباطبائى، 1جلد، باقيات - ايران - قم، چاپ: 1، ۱۴۲۸ ه.ق.
بدون نظر