اشکوری
فاعلم أن العالم المثالي هو عالم روحاني من جوهر نوراني، شبيه بالجوهر الجسماني في كونه محسوساً مقداريا سطحياً، لا عمق فيه؛ و بالجوهر المجرد العقلي في كونه نورانياً بريئاً عن التحيّز و المادة؛ بل هو برزخ، و حدّ فاصل بين عالمي العقل و الحس.
و له جهتان يشبه بكلّ منهما ما يناسب عالمه.
و إنما يُسمّى بالعالم المثالي، لكونه مشتملاً علىٰ صور ما في العالم الجسماني بجميع لوازمها، و مظهراً لما في الحضرة الإلهية من صور الأعيان و الحقائق. و يُسَمّىٰ أيضاً بالخيال المنفصل، و المثال المطلق.
فليس معنىً من المعاني، و لا روحٌ من الأرواح إلّاو له صورة مثالية مطابقة لكمالاته، و لذلك ورد في الخبر الصحيح أن النبي صلى الله عليه و آله رأى جبريل عليه السلام في السدرة، و له ستّمائة جناح.
و هذا العالم المثالى يشتمل على العرش، و الكرسي، و السموات السبع، و الأرضين، و ما في جميعها. و من هذا يعلم كيفية المعراج النبوي - عليه أشرف التسليمات - و المنسلخون[1] عن الهياكل و الخيال الانساني ليسوا[2] إلا أنموذُجا منه، و ظلاً من ظلاله، خلقه الله - سبحانه - دليلاً على وجود العالم الروحاني، و لهذا جعله أرباب الكشف متصلاً بهذا العالم المثالي، و مستنيراً[3] منه، كالجداول و الأنهار المتصلة بالبحر، و الكوى و الشبابيك[4] التي يدخل منها[5] الضوء في البيت. و لهذا يسمّى خيال الإنسان مثالاً مقيداً و خيالاً متصلاً. و لاحتجابنا بشبابيك[6] الحواس، و التوجه إلى عالم الشهادة التي مثلها بالقياس إلى عالم المثال المطلق، كحلقة ملقاة في بيداء لا نهاية لها لا يراها[7] إلّا المنسلخون[8] عن جلباب البدن و علائقه بعيون منهم عن خيالهم المقيد و الاتصال بالخيال المطلق، فيشاهدون الصور المثالية على ما هي عليه و ينتقلون منها إلى ما في اللوح المحفوظ الذي هو مظهر العلم الإلهي، فيطّلعون على أحوال أعيانهم الثابتة بالمشاهدة، لأنهم ينتقلون من الظلال إلى الانوار الحقيقيّة. و سنذكر - إن شاء الله تعالى - ما هو الوارد في إثبات العالم[9] المثالي عقلاً و نقلاً في المقالة الثالثة[10]
[1] ص: المنسلخين.
[2] ص: ليس.
[3] ص: مستنيره.
[4] ص: الشبائك.
[5] ص: فيها.
[6] ص: شبائك.
[7] ص: يراه.
[8] ص: المنسلخين.
[9] ص: عالم.
[10] اشکوری، محمد بن علی، محبوب القلوب، جلد: ۲، صفحه: ۲۷۲، مرکز پژوهشی ميراث مکتوب، تهران - ایران، ۱۳۷۸ه.ش.
بدون نظر