فاضل تونی
و اعلم: أنّ هاهنا أشياء أخر، سوى العلوم المذكورة، لها مدخليّة في الاجتهاد، إمّا بالشرطيّة، أو المكمّليّة:
الأوّل: علم المعاني.
و لم يذكره الأكثر في العلوم الاجتهادية، و جعله بعضهم من المكمّلات، و عدّه بعض العامّة من الشرائط و هو المنقول عن السيّد الأجلّ المرتضى في الذريعة و عن الشهيد الثاني في كتاب آداب العالم و المتعلّم ، و عن الشيخ أحمد المتوّج البحراني في كتاب كفاية الطالبين
الثاني: علم البيان.
و لم يفرّق أحد بينه و بين علم المعاني في الشرطيّة و المكمّلية إلّا ابن جمهور ، فإنّه عدّ علم المعاني من المكمّلات، و سكت عن البيان و علّل ب: أنّ أحوال الإسناد الخبريّ، إنّما يعلم فيه، و هو من المكمّلات للعلوم العربية.
الثالث: علم البديع و لم أجد أحدا ذكره إلّا ما نقل عن الشهيد الثاني في الكتاب المذكور ، و صاحب كفاية الطالبين فإنّهما عدّا العلوم الثلاثة أجمع في شرائط الاجتهاد.
و الحقّ: عدم توقّف الاجتهاد على العلوم الثلاثة، أمّا على تقدير صحّة التجزّي: فظاهر، و أمّا على تقدير عدم صحّة التجزّي: فلأنّ فهم معاني العبارات لا يحتاج فيه إلى هذه العلوم، لأنّ في هذه يبحث عن الزائد على أصل المراد.
فإنّ المعاني: علم يبحث فيه عن الأحوال الّتي بها يطابق الكلام لمقتضى الحال، كأحوال الإسناد الخبري، و المسند إليه و المسند و متعلقات الفعل، و القصر و الإنشاء، و الفصل و الوصل، و الإيجاز و الإطناب و المساواة.
و بعض مباحث القصر و الإنشاء المحتاج إليه يذكر في كتب الأصول.
و البيان: علم يعرف به إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة. و ما يتعلّق بالفقه من أحكام الحقيقة و المجاز مذكور في كتب الأصول أيضا.
و البديع: علم يعرف به وجوه محسّنات الكلام. و ليس شيء من مباحثه ممّا يتوقّف عليه الفقه.
نعم، لو ثبت تقدّم الفصيح على غيره، و الأفصح على الفصيح، في باب التراجيح- أمكن القول بالاحتياج إلى هذه العلوم الثلاثة لغير المتجزّي، و له- في بعض الأحيان- إذ فصاحة الكلام و أفصحيّته ممّا لا يعلم في مثل هذا الزمان إلّا بهذه العلوم الثلاثة، و كذا على تقدير تقدّم الكلام الّذي فيه تأكيد أو مبالغة على غيره، و سيجيء الكلام على هذه الأمور في باب التراجيح إن شاء اللّه تعالى، و لكن لا شكّ في مكمّليّة هذه العلوم الثلاثة للمجتهد.
الرابع: بعض مباحث علم الحساب، كالأربعة المتناسبة، و الخطئين و الجبر و المقابلة ؛ و هو أيضا مكمّل و ليس شرطا، أمّا في المتجزّي: فظاهر، و أمّا في غيره: فلأنّه ليس على الفقيه إلّا الحكم باتّصال الشرطيّات، و أمّا تحقيق أطراف الشرطيّة فليس في ذمّته، مثلا: عليه أن يحكم بأنّ من أقرّ بشيء فهو مؤاخذ به، و ليس عليه بيان كمّية المقرّ به في قوله: (لزيد عليّ ستة إلّا نصف ما لعمرو، و لعمرو عليّ ستة إلّا نصف ما لزيد) مثلا، فتأمّل.
الخامس: بعض مسائل علم الهيئة، مثل ما يتعلّق، بكرويّة الأرض، للعلم بتقارب مطالع بعض البلاد مع بعض أو تباعدهما، و كذا لبعض مسائل الصوم، مثل: تجويز كون الشهر ثمانية و عشرين يوما بالنسبة إلى بعض الأشخاص.
السادس: بعض مسائل الهندسة، كما لو باع بشكل العرو س مثلا [1]
[1] الاجتهاد و التقليد (الوافية في الأصول)؛ ص: ۲۸۰-۲۸۲
بدون نظر